تشهد العاصمة البلجيكية بروكسل اليوم، قمة طارئة وفاصلة للتوصل لحل نهائي إما ينقذ الاقتصاد اليوناني المحتضر، والفوز بجرعة إنقاذ مالي جديده تحتاجها اثينا لتتفادي انهيار نظامها المصرفي،أو يدع اليونان تخرج من منطقة اليورو. سوف يبحث زعماء الدول الثماني والعشرين سلسلة من المقترحات التي قدمتها اليونان إلي دائنيها اخيرا وذلك قبل ساعتين من انتهاء المهلة المحددة لذلك. ما ورد في سلسلة المقترحات يعد تغيراً مفاجئاً في موقف اليونان ورضوخاً لمطالب الدائنين بضرورة تبني حزمة جديدة من إجراءات التقشف تشمل رفع قيمة ضريبة المبيعات وتقليص الإنفاق الحكومي بالنسبة لمعاشات التقاعد والتي لطالما قاومتها الحكومة اليسارية في أثينا. جددت حزمة الإصلاحات الآمال في أن تتلقي اليونان جرعة إنقاذ تحول دون خروجها من منطقة اليورو، في وقت قال دائنون رئيسيون إنهم منفتحون علي بحث كيفية تخفيف وطأة الدين علي البلاد، وهي النقطة التي ظلت زمناً طويلاً عصية علي الحل خلال المفاوضات. والاقتراحات المدرجة جاءت في 13 صفحة بعنوان «الإجراءات ذات الأولوية والالتزامات»، وتقترب من الصيغة الأخيرة لمطالب الدائنين التي اعلنوها في 26 يونيو الماضي والتي رفضتها اثينا معلنة عن تنظيم استفتاء. فقد تحددت ضريبة القيمة المضافة التي شكلت نقطة خلاف بين أثينا والدائنين خلال الأشهر الأخيرة من المفاوضات، بنسبة 23% بما يتضمن ايضا قطاع المطاعم حيث كانت ضريبة القيمة المضافة بمستوي 13%. وتبقي ضريبة القيمة المضافة 13% لجميع المنتجات الأساسية والكهرباء والفنادق و6% للأدوية والكتب وتذاكر المسارح. وعرضت الحكومة إلغاء الامتيازات الضريبية للجزر (أي التخفيض بنسبة 30% لضريبة القيمة المضافة المطبق منذ عدة سنوات) بدءا بالجزر الأكثر ثراء والتي تلقي أكبر قدر من الإقبال السياحي. ويبدأ تطبيق هذا الإلغاء في أكتوبر ويتم تطبيقه تدريجيا حتي يصبح كاملا بنهاية 2016. كما عرضت الحكومة اليونانية زيادة الضرائب علي الشركات من 26% إلي 28% عملا بطلب الدائنين وليس إلي 29% مثلما اقترحت أثينا أساسا. وستزداد الضرائب علي الكماليات ايضا. اما فيما يتعلق بإصلاح نظام التقاعد فقد تحدد سن التقاعد ب67 عاما أو 62 عاما بعد أربعين سنة من العمل ويتم رفعه تدريجيا حتي العام 2022. وسيتم تخفيض سقف النفقات العسكرية بمقدار مئة مليون يورو عام 2015 و200 مليون يورو عام 2016، بالمقارنة مع اقتراح الدائنين تخفيضا بقيمة 400 مليون يورو. وتقترح حكومة ألكسيس تسيبراس سلسلة تدابير لمكافحة التهرب الضريبي وإعادة تنظيم آلية لجباية الضرائب. ووافقت الحكومة علي بيع الحصة المتبقية للدولة في رأس مال مؤسسة الاتصالات اليونانية كما ستطرح الحكومة عروض لخصخصة مرفأي بيريوس وتيسالونيكي بحلول الأول من أكتوبر القادم. وكانت أثينا قد وافقت علي مقترحات الدائنين القاضية بتحقيق فائض في الميزانية الأولية (خارج خدمة الدين) بنسبة 1% عام 2015 و2% عام 2016 و3% عام 2017. ورغم التشاؤم العميق الذي سيطر علي زعماء منطقة اليورو، تقول مصادر بريطانية، إن هنالك ضغوطاً أميركية تمارس عبر باريس لإقناع زعماء أوروبا بالوصول لاتفاق يمنع اليونان من الخروج من منطقة اليورو. فقد ناقشت منطقة اليورو خطة مفصلة لطرد اليونان من عضويتها. وهذا يعني أن أوروبا، من ناحية الحسابات المالية، قد قنعت بخسارتها المالية التي تقارب 240 مليار يورو، ولا ترغب في تكبد المزيد من الخسائر. ولكن ما يجعل الباب مفتوحاً أمام اليونان هو حسابات التكلفة السياسية التي يدخل فيها حلف « الناتو» واحتمالات استغلالها من قبل المعسكر الروسي - الصيني كحصان طروادة داخل أوروبا. الساعات القليلة القادمة ستكون حاسمة ليس فقط لأزمة اليونان، ولكن لمستقبل منطقة اليورو بالكامل ، فإما استيعاب الأزمة ولو مؤقتا، او فتح الباب علي مصراعيه لقلاقل شديدة في منطقة اليورو، قد يتبعها إعلان إفلاس دول أوروبية كبري. الخيارات المطروحة علي زعماء أوروبا ليست كثيرة، وليست بالسهولة التي يتصورها البعض، ويكفي أن نقول إن خروج اليونان سيكبد ألمانيا وحدها خسائر قدرها 153 مليار يورو كما أن البنوك الألمانية قد لا تسترد أموالها لدي اليونان والبالغة 23 مليار يورو.