بعد مباحثات ومداولات سرية استغرقت شهورا وأسابيع تم خلالها عرض ورفض الموازنة أكثر من مرة وردها إلي وزارة المالية .. أخيرا تمخضت الحكومة عن الموازنة المعجزة وتم عرضها علي الرئيس، سألنا الخبراء عن مزايا الموازنة التي قد تدفع الرئيس عبد الفتاح السيسي لقبولها وعيوبها التي قد تضطره إلي رفضها .. إختلفت الإجابات ولكن التخوف من رفضها موجود. بداية يقول د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن التخوف من رفض الرئيس للموازنة موجود وعلي الحكومة ان تبدأ من الآن في دراسة البدائل والتعديلات التي يجب أن تدخلها علي الموازنة في حال رفض الرئيس لتلك المعروضة أمامه الآن مع اتخاذ اجراءات لخفض العجز لا تمس الفقراء. وأضاف عبده أن الموازنة تضمنت عدة جوانب ايجابية وأخري سلبية ، ومن أهم الجوانب الإيجابية مراعاة البعد الاجتماعي وزيادة برامج الحماية الاجتماعية بنسبة 49% بما يضمن للفقراء الحق في المعيشة خاصة في ظل زيادة الاسعار وتراجع دور البنك المركزي في السيطرة علي التضخم. . أما الجوانب السلبية فتتضمن 4 جوانب أولها التأخر الشديد في اعداد الموازنة لان الدستور اشترط ان يتم الانتهاء منها قبل 3 شهور من بدء سريان تنفيذها حتي يتمكن مجلس الشعب او السلطة التشريعية من مناقشتها وعرضها علي الرأي العام كما انها لم تخضع للحوار المجتمعي الذي يفيد احيانا في تقديم أفكار جديدة يمكن ان تساهم في تحسين الموازنة وتطويرها . جوانب سلبية أما الجانب السلبي المعيب في حق مصر هو ان رقم الايرادات منخفض جدا - 599 مليار جنيه - وهو ما يوزاي قرابة 66 مليار دولار وهي تعادل ميزانية شركة متوسطة في أوروبا او امريكا، ولذلك لابد أن تبدأ الحكومة سريعا في معالجة ازمة نقص الايردات وبمقوماتنا الحالية يجب ألا تقل ايراداتنا عن 900 مليار جنيه او تريليون جنيه علي أقل تقدير وهو ما يكفي للقضاء علي العجز الذي بلغ في الموازنة المطروحة حاليا 281 مليار جنيه. من جانبها طالبت د. بسنت فهمي أستاذة الاقتصاد والخبيرة المصرفية الرئيس برفض هذه الموازنة وقالت « انا لو منه ارميها في وش الحكومة» واكدت أن الموازنة التي انتهت اليها الحكومة لا تحقق العدالة الاجتماعية ولا تراعي المبادئ التي قامت من اجلها ثورتين ، وأضافت ان برامج البعد الاجتماعي التي تتغني بها الحكومة تتعامل مع المواطن المصري علي انه متسول فتعطيه «بطانية» في الشتاء وشنطة أغذية في رمضان وهو ما لم يعد مقبولا. وأضافت أن من أهم اسباب رفض الموازنة العجز الكبير جدا الذي بلغ 9.9% والذي كان يجب ألا يزيد عن 3.5% إلا أن سياسات الحكومة في الاقتراض الداخلي والخارجي بأدوات الدين المختلفة وآخرها السندات الدولارية تتسبب في زيادة فاتورة خدمة الدين وزيادة العجز، كما ان الحكومة لم تخفض انفاقها فضلا عن ارتفاع فاتورة الاجور حتي باتت تشكل ربع الموازنة وهو غير مقبول ولا مثيل له في أي موازنة بالعالم .. واستنكرت د. بسنت تجاهل الحكومة للصناديق الخاصة التي يستفيد منها البعض كما ان الحد الاقصي للاجور لم يتم تطبيقة ويبدو انه لن يطبق خاصة مع توالي الاحكام القضائية في هذا الشأن، وقالت لماذا لا تستفيد الحكومة بتجربة الزعيم جمال عبد الناصر عندما اصدر قانون بعد ثورة يوليو لتحقيق العدالة تحت اسم الاصلاح الزراعي وبموجبه انتزع الاراضي من الاثرياء والاقطاعيين وقام بتوزيعها علي عموم الشعب، وطالبت بإصدار قانون مشابه يحقق العدالة الاجتماعية وينصف الفقراء دون المساس بالاموال الخاصة، وقالت إن الحكومة الحالية تغض الطرف عن استمرار وجود 90 ألف مستشار بأجهزة الدولة يتقاضون مكافآت خيالية كما انها تتجاهل تحصيل المتاخرات الضريبية لدي رجال الاعمال والتي تجاوزت 60 مليار جنيه. . وعن زيادة الانفاق علي التعليم والصحة بالموازنة الحالية قالت إنها زيادة ضئيلة لن تحقق انجازاً ملموساً، ولفتت إلي أن الحكومة في الوقت الذي تبحث فيه عن زيادة ايراداتها لازالت تتجاهل الدستور الذي أقر نظام الضرائب التصاعدية وهو ما يؤكد رغبتها في عدم المساس بالأغنياء، وقالت خبيرة الاقتصاد أن الحكومة الحالية تفكر بنفس اسلوب حكومة نظيف وتتجاهل الاقتصاد الاجتماعي الذي يقوم علي المبادئ التي نادت بها الثورة. جهة اختصاص من جانبه توقع د. صلاح جودة المستشار الاقتصادي لمفوضية العلاقات الأوروبية أن يرفض الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع الموازنة المعروض أمامه الآن وطالب الرئيس بصفته جهة اختصاص التشريع حاليا لحين انتخاب البرلمان بمساءلة المتسببين في تأخير عرض الموازنة حتي الآن، كما طالب بضرورة وجود مساءلة مجتمعية للمقصرين من الأحزاب والقوي السياسية حيث أنه يجب عرض الموازنة قبل بداية العمل بها ب 3 أشهر علي الأقل أي في نهاية شهر مارس وذلك حتي يتمكن المجتمع من مناقشة الموازنة العامة.. وقال إن نسبة العجز المتوقع التي تحدثت عنها الحكومة في مشروع الموازنة أقل من الواقع فهي مرشحة للوصول إلي 14.5% خاصة مع تراجع حصيلة الضرائب حتي الآن بنسبة 22% وتراجع حصيلة الصادرات بنسبة 24% وقال إن الرئيس سيطلب خفضها إلي 10.5% وهي النسبة الاقرب للواقع وليست نسبة 9.9% التي تحدثت عنها الحكومة.