أشرف : أولادى الثلاثة يجعلوننى أعمل ولو فى جهنم تحت أشعة الشمس الحارقة، ولهيب الحرارة المتعامدة فوق الرءوس، ونسمات الريح المنعدمة، خرجوا بالأمس من منازلهم بحثا عن لقمة العيش، افترشوا بضائعهم علي الارض الساخنة، ووضعوا « شمائسهم « المهلهلة من اجل الفتات ولكنه في نظرهم لقمة حلال تأتي بالعرق وتذهب الي بطون خاوية ليتبعها عبارات الحمد والشكر. في « عز الظهر» خرج بالامس عم فكري البالغ من العمر 70 ربيعا، وجاء الي مصنع الخراطة ليقف علي آلته ويبدأ في التقطيع واللحام، سألناه عن سبب اصراره علي العمل أمام لهيب آلة التقطيع والتي تفوق حرارتها درجات الحرارة والتي بلغت بالامس 45..رد قائلا: « انها لقمة العيش، فأنا لا أشعر بالحر الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام وخوفت المواطنين منه لانني كل يوم اعمل امام الة تستخدم في التقطيع واللحام وينبعث منها حرارة تفوق 100 درجة «. مين يصرف ؟! تركنا عم فكري والابتسامة تعلو وجنتيه داعين له بالتوفيق وذهبنا الي « أم محمد « التي تقف في شارع 26 يوليو تبيع الخبز للمواطنين، افترشت ام محمد بضاعتها من أكياس الخبز ووقفت تبيع تحت اشعة الشمس الحارقة من اجل بضعة جنيهات..جلبت « شمسية « مرقعة وبالية ووضعتها فوق رأسها لعلها تحميها من لهيب الحر، ولكن قماش الشمسية ذاب واخترقت اشعة الشمس خيوطها لتتسلل الي رأس أم محمد وينصب العرق من وجهها المليء بالتجاعيد، فهي في العقد السادس من عمرها، سألناها عن سبب اصرارها علي العمل بالامس رغم درجات الحرارة المرتفعة قالت « لدي كوم عيال وانا مسئولة عن اعالتهم..مين يصرف عليهم لو قعدت يوم في البيت»!. أمام « طاسة الطعمية « وقف عم رمضان الرجل الخمسيني ليستخرج الطعميةمن الزيت المغلي ليضعها باكياس ورقية لتعبئتها، ورغم سخونة الجو التي نافست سخونة النار التي تنبعث من أسفل « الطاسة «، فان علامات الرضا تبدو علي وجه عم رمضان، فالخمسون جنيها التي يتحصل عليها رمضان كما اكد في نهاية اليوم تدعو الي بذل الكثير من المشقة والعمل تحت اي ظرف او ضغط، فاللقمة الحلال كما يقول كلها بركة وصحة والقوة من عند الله. تركنا عم رمضان ويداه المشققتان ،وذهبنا الي احمد محمد، شاب في منتصف العمر يبلغ 25 عاما ويقف في غرفة ملحقة باحدي محلات الكشري بمنطقة وسط البلد، فهو المسئول عن اعداد وطهي مكونات الكشري والصلصة تحت نيران مشتعلة وتزويد المحل بها بعد الانتهاء من طهيها، قال الشاب العشريني: « قرأت عن درجات الحرارة المرتفعة وتحذيرات الارصاد الجوية بعدم الخروج ومعظم زملائي الذين يعملون في مكاتب فضلوا ان يقضوا الامس في منازلهم، ولكنني فضلت النزول الي عملي خاصة انني حديث الزواج وابحث عن لقمة العيش لتسديد مصاريف زواجي التي لازالت تلاحقني. في قلب الطريق وقف ينظم المرور ليبذل اقصي درجات جهده لضبط النفس للتعامل مع الجو غير المألوف وبعض السائقين المخالفين والسيارات التي تسير عكس الاتجاه او تقف «صف ثان»، العرق يملأ وجه امين الشرطة ياسر عبد العظيم بشارع 26 يوليو من اجل اداء واجبه في عز الحر لتنظيم المرور، اقتربنا منه ولم نتحدث معه الا القليل من الكلام حيث ان سرعة السيارات ورغبته في التنظيم جعلتنا ندعو له بالسداد لنغادر ويقف هو يؤدي عمله في ظروف غاية الصعوبة. حكايات الفرن وامام « سير صغير « في مقدمته فتحة صغيرة تكفي لالتقاط ارغفة الخبز من ايديهم، وتحت « السير «عيون اللهب المشتعلة..داخل فرن عيش وقف أشرف الليثي وسمير عمر امام الفرن لتغذيته بالعجين للحصول علي المنتتج النهائي وهو رغيف العيش لنأكله نحن تحت اجهزة التكييف دون التفكير في كيفية صناعة هذا الخبز..اكدا انهما يشعران ببالغ السعادة رغم درجات الحرارة المرتفعة، فهما متعودان علي العمل في درجات حرارة كبيرة صيفا وشتاءا، وقال اشرف ان لديه 3 من الابناء في مراحل تعليمية مختلفة وهم الان يحتاجون دروساً لان علي الامتحانات علي الأبواب ولو جلس في منزله لن يستطيع توفير متطلباتهم، ايضا سمير قال ان لديه 3 ابناء وهم السبب الرئيسي للعمل صباحا ومساء وفي اي توقيت. عم سيد « الاسكافي « خرج هو الاخر ليفترش بضاعته الصغيرة من ورنيش وأدوات لتلميع « الجزم « وجلس تحت اشعة الشمس في انتظار من يحنو عليه ويأتي لتلميع حذائه، قال عن سبب خروجه للعمل « ايه اللي رماك علي المر «؟!..