المستشارة تهانى الجبالى تقضى معظم وقتها فى قراءة مواد القانون في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . كنت لاعبة سلة .. وأمي علمت أخوتي الرجال فن الطهي هي أول قاضية مصرية..وأول امرأة تعين بالمحكمة الدستورية العليا.. وأول امرأة تنتخب عضوا في مجلس نقابة المحامين منذ انشائها.. وكذلك أول امرأة تنتخب عضوا في اتحاد المحامين العرب.. هي أيضا..رائدة في فنون الطهي..عاشقة للأناقة العملية التي لا تهدر الوقت ولا المال..هي باختصار ست بيت رائعة..تؤمن ان المرأة التي تعجزعن ادارة بيتها لا تستحق لقب ملكة متوجة . ................... ؟ مع أول سؤال فاجأتني قائلة: أرفض اختراق الخصوصية لأي شخصية عامة..حتي لا يحدث خلط بين الحياة العامة والخاصة..فأنا لا أحب نموذج الإعلام الأمريكي الذي يخترق الحياة الخاصة للشخصيات العامة..لأنه يفتح الباب للاستثناءات والمجاملات والمصالح..وأري أن الاعلام يجب ان يتعامل مع هذه الشخصيات من خلال دورها في أحداث بلدها فقط. أيضا.. أري أن سؤال للمرأة عن حياتها الشخصية هو احدي صور التمييز ضدها..فقد اعتدنا أن نسأل الشخصيات النسائية..كيف تستطيعين التوفيق بين البيت والعمل .. بينما لا نوجه مثل هذه الأسئلة للرجل.. وتبتسم قائلة: «ماحدش كان بيسأل «العقاد» ماتجوزتش ليه.. لكن كانوا بيقطّعوا في «مي زيادة «..مش ده يبقي تمييز؟» ................... ؟ أحب أن أتحدث عن الأسرة الممتدة..الأب والأم ودورهما في التنشئة الأولي.. كنا أسرة متوسطة الحال..وكنا سبعة أبناء..كان ابي مراقب عام في الصليب الاحمر..وكانت أمي فتحية عبد الفتاح سلام من أوائل النساء اللاتي عملن في مجال التعليم..كانت مدرسة لغة عربية..وتدرجت حتي وكيل وزارة . وكانت تربيتنا علي الثقة التامة..وعدم التمييز بين الاولاد والبنات..والحرص علي تشجيع الميول والهوايات. ................... ؟ كنت أعيش في طنطا..وحينما التحقت بحقوق القاهرة انتقلت للحياة في المدينة الجامعية..ووقتها اعترض أبي علي قيود المدينة الجامعية وكتب اقرارا علي نفسه باستثنائي من هذه القيود . وقال لرئيس الجامعة: « أنا مش جايب بنتي تتسجن..أنا عايزها تستمتع بالمعالم الثقافية والفنية والاثرية» ................... ؟ كان أبي يمنحني ثقة هائلة .. ويقول ان الانسان يساوي المكانة التي يضعها لنفسه.. فتعلمت ان المرأة هي المسئولة عما يحدث في حياتها..فإذا خضعت لفكرة انها أنثي فستصبح دائما مرتجفة وخائفة.. كان أبي دائما يقول لي: «اوعي تعملي حاجة تخجلي ان الناس تعرفها» .. ولذلك أصبح لدي التزام منذ صغري بعدم هزيمة هذه الثقة. ................... ؟ تعلمت من أمي قيمة عمل المرأة وأهميته..فبعد وفاة الاب مبكرا.. خرجت للعمل لتحمينا من الاحتياج .. وغرست فينا الوعي منذ صغرنا..كانت ترصد ميولنا وتحرص علي تنميتها..كانت تشتري لي الكتب..و تشجع اخي علي عزف الموسيقي..وأخي الآخر-الذي أصبح ضابطا واستشهد في حرب اكتوبر- تشجعه علي تصنيع الخامات لموهبته الحرفية العالية.. كانت امرأة عاملة تحظي باحترام الجميع..وأيضا «ست بيت» وأم رائعة.. وكانت تقول «المرأة التي لا تجيد ادارة بيتها..لا تستحق لقب ملكة متوجة» . ................... ؟ تعلمت من أمي ايضا ان انوثة المرأة ليست عيبا لتخفيه..فقد كانت متفوقة في عملها ومتطوعة في الحرس الوطني عام 1956 ترتدي الزي الكاكي..وأيضا مثقفة وشديدة الأناقة والجمال..تجيد الطهي..وتعشق الفن وتعلمنا قيمته لدرجة أن يوم حفل ام كلثوم كان يوم عيد في بيتنا. كانت تقسم أعمال البيت بيننا بروح الفريق..دون تفرقة بين الاولاد والبنات وتبتسم سيادة المستشارة قائلة: «هتندهشي لما تعرفي ان أمي علمتنا كلنا فن الطهي..باعتباره من عوامل الاعتماد علي النفس..لدرجة أن أخوتي الرجال هما اللي علموا زوجاتهم أسس الطهي» ................... ؟ كنت ايام الجامعة لاعبة كرة سلة..كما أنني أتذوق الفن بكل أنواعه.. والفضل في ذلك بعد أمي يرجع لأستاذي رجل القانون الكبير فؤاد رياض .. الذي تتلمذت علي يديه بحقوق القاهرة في السبعينات..وشجعنا وقتها علي انشاء جمعية التذوق الفني للارتقاء بالذوق والمشاعر. «كان مؤمنا بضرورة الانفتاح علي الفنون العالمية عشان نبقي «بني آدمين»..وكان يشتري لنا تذاكر الأوبرا ويروح معانا..عشان يشجعنا « ................... ؟ تعلمنا في الجامعة فكرة العلاقة السوية بين الرجل والمرأة..وكانت قيمة الحب في حياتنا مغلفة برومانسية جميلة..كنا لا نخجل من فكرة البدء صغارا والكفاح المشترك حتي نكبر..لكننا نخجل من تلقي مساعدة الأهل بعد التخرج..كنا نؤمن بالربط بين العقل والقلب في الزواج..وان التفاهم والاحترام أهم شروط الزواج..لأنهما يضمنان مساحة للخلاف لا تهدد الحياة الزوجية..وحينما أرصد الاجيال الحالية أري انها اكثر استهتارا بالحياة الزوجية. ................... ؟ الصداقة قيمة رائعة ومعظم أصدقائي من أيام الجامعة..وأبرزهم صديقة عمري الفنانة التشكيلية الرائعة سهام طمان.. وتمجيد توفيق شلبي مدير عام بالاذاعة .. ود.عواطف عبدالرحمن وسامح عاشور ود.يحيي الجمل .. وعادة ما ألتقي بأصدقائي في رحلات نيلية علي أنغام العود. ................... ؟ أهتم بالأناقة والمظهر..لكني عملية جدا لا أضيع وقتا طويلا في التسوق .. ولا أهتم بالمجوهرات ولا الملابس باهظة الثمن..وإن كنت أحب اقتناء بعض التحف واللوحات الأصلية. ................... ؟ أعشق مصر بحضارتها وتراثها..وأري أبناءنا يفتقدون معرفتهم بتاريخ مصر وحضارتها وما كانت تمثله في تاريخ البشرية..واندهش ان منهج الحضارة المصرية يدرّس في اكبر الجامعات الاوربية والامريكية..ولا يدرس في مصر. ................... ؟ أديت رسالتي في القضاء..وأرأس حاليا المؤسسة الوطنية للدراسات والبحوثالقانونية .. وأستعد لخوض الانتخابات البرلمانية من خلال التحالف الجمهوري .. وهو تكتل وطني يجمع تكوينات اجتماعية نقابية مهنية وعمالية وفلاحين.. وهو الاساس الصحيح الذي يجب ان يقوم عليه اي حزب .. مثل حزب العمال في بريطانيا الذي بدأ بقوي اجتماعية ليس لها تمثيل سياسي . ................... ؟ أمنيتي أن تسود العدالة في كل شبر في مصر..وأن يكون علي رأسنا جميعا ريشة !! نظرت لها مندهشة..فاتجهت إلي صورة معلقة لتمثال مصري قديم..وقالت: كلمة علي رأسك ريشة .. تعني وصولك لمقام رفيع..وأساسها..من الحضارة المصرية القديمة..حيث كان إله العدالة «معت» يحمل علي رأسه تاجا عبارة عن ريشة..لكنها ليست كأي ريشة تهزها الريح..بل ريشة مستقيمة..لا تميل..كرمز للنزاهة واستقامة العدالة..»أتمني أن تصبح علي رأس كل مصري ريشة» .