الآن.. ونحن علي أبواب شهر مايو، الذي توافق العالم كله علي الاحتفال في يومه الأول بعيد العمال، قد يكون من الضروري والمهم أن ننتهز هذه الفرصة للحديث عن قيمة العمل في حياتنا نحن المصريين، في ظل ما نراه وما نلمسه من ظواهر يصعب تجاهلها أو غض الطرف عنها. وفي ذلك لابد أن نؤكد في البداية، أن الفارق بين الدول والشعوب علي مستوي العالم، سواء الدول المتقدمة التي تتربع علي القمة، أو النامية الساعية لتحسين أوضاعها والتقدم للأمام، أو تلك الراقدة في القاع تعانق الفقر والحاجة، هو فارق بين من سلكوا طريق العلم والعمل، والأخذ بوسائل وأسباب التقدم، وبين دول وشعوب أخري سقطت في غياهب النوم وفي أحضان الكسل والإهمال وعدم الجدية وغيبة الانضباط. وإذا ما وعينا ذلك وأدركنا حقيقته التي لا يجب أن تخفي علي أحد منا، فالواجب والمسئولية تقتضي منا القول بصراحة تامة وشفافية كاملة، أن قيمة العمل مازالت غائبة عن مجتمعنا، أو غائبة عن بعض أفراده علي الأقل ،..، ولابد أن نقول بوضوح أيضا أن إنتاجنا لايزال أقل مما يجب أن يكون، وأن جودته أقل مما يجب أيضا، مقارنة بحجم وجودة الإنتاجية الموجودة والقائمة في دول وشعوب أخري ،...، وهذا شيء يدعو للأسف والألم في ذات الوقت. والمتأمل لواقعنا الآن في مجال العمل والإنتاج، لابد أن يصاب بالإحباط الشديد، عندما يقارن بين ما كنا عليه منذ سنوات ليست بالبعيدة وما أصبحنا عليه الآن، ولعلنا في ذلك مازلنا نذكر السمعة الحسنة والقيمة العالية للعامل المصري، والمدرس والطبيب المصري، بل وكل العمال والمهنيين المصريين في كل البلاد العربية والأجنبية طوال الخمسينات والستينات وحتي الثمانينات ،..، ثم ما حدث لهذه السمعة والقيمة من تدهور بعد ذلك، وصولا إلي ما أصبحت عليه الآن. وفي هذا لابد أن نقول بكل الوضوح، أنه أصبح واجبا وضروريا العمل بكل الجدية والحسم لتغيير هذه الصورة، وذلك الوضع بالقضاء نهائيا علي جميع المفاهيم المعوقة للإنتاج والعمل، مثل الفهلوة والاستسهال والإهمال والتكاسل، وأن تحل محلها قيمة العمل والالتزام والجدية، والإيمان الكامل بأن قيمة الإنسان علي قدر عمله وإجادته لهذا العمل.