اتعجب الآن عندما اري في نفس الشقة بعد ان اصبحت مكتبي الخاص الجيل الجديد من المبدعين والفنانين ماهي شقة الدقي هي شقة ابي الكاتب الراحل بهجت قمر شقة ايجار قديم مساحتها لا تتعدي المائة وعشرين مترا تقع في مكان يضج بالتلوث السمعي والبصري فهي تطل علي ميدان الدقي وما ادراك ما ميدان الدقي هو المقاهي البلدي والميكروباصات والكبابجية والجزارين، اكاد اجزم ان والدي اختار هذه الشقة بسبب وجود محل الجزارة المفضل لديه «انور الجزار» اسفل العمارة فوالدي كان يهتم باللحوم والسجق كعادة كل شخص سمين. كان والدي قد انفصل في نهاية السبعينيات عن والدتي وعاش حياة العزوبية علي اكمل وجه فكانت هذه الشقة هي الحضن الذي يضم كل اصدقائه من ممثلين ومؤلفين ومخرجين وشعراء وكل المبدعين فلك ان تتخيل ان هذه الشقة الصغيرة استقبلت من خلال المصعد الأحمر القديم الذي يعرفه كل من جاء الينا كبار الفنانين مثل فؤاد المهندس، شويكار، شادية، سعاد حسني، فريد شوقي، بليغ حمدي، شريهان، سيد حجاب، ونيازي مصطفي الخ الخ (لحد بكره). كانت غرفة المكتب الخاصة بوالدي مساحتها صغيرة اعتقد انها تسع خمسة او ستة اشخاص بالكاد ولكنني عندما اتذكر عدد الموجودين بها اتعجب، فكم من اعداد كبيرة صالوا وجالوا وكتبوا وغنوا وقاموا بعمل اجمل الاعمال العظيمة في هذا المكتب الضيق. تفتحت عيناي علي هذا العالم الضيق في المساحة والواسع كالمحيط بسبب ما فيه من غزارة ابداعية نادرة، فلقد رأيت والدي يتحاور ويتعارك ويرثي ويهجو، رأيت فيها الوزير والميكانيكي، فلقد كان والدي ابن بلد لا يفرق معه من هو الجالس معه، فلقد كان يهوي معرفة كل انماط البشر، كان لا يخلع الجلباب ولا يخرج من مكانه فالكل يأتي إليه وكان يضع صور الملك فاروق وعلم مصر الأخضر القديم، فقد كان شديد الإنتماء للعصر الملكي ليس لأنه من سلالة ونسل الملوك (إسكندراني من بحري) ولكن لأنه كان يري ان مصر في الأربعينيات كانت لاتختلف عن باريس او لندن فقد كان شديد الإرتباط بهذه الفترة. اتعجب الآن عندما اري في نفس الشقة بعد ان اصبحت مكتبي الخاص الجيل الجديد من المبدعين والفنانين محمد هنيدي والسقا واحمد عز وعمرو دياب وعمرو مصطفي ووليد سعد شريف وعمرو عرفة وكأن عتبة هذه الشقة كتب عليها ان يخطو عليها نجوم مصر من مختلف الأجيال وكأن العبور من المصعد الأحمر القديم هو العبور إلي النجاح والفن الذي يسعد الملايين. في جعبتي الكثير وسوف استكمل لاحقاً التفاصيل ولكنني تأخرت في تسليم المقال ومضطر الآن لانهائه حتي تقرأوه في ميعاده. سلامو عليكو