كما انفردت «الأخبار» في طبعتها الثانية أمس، صدر التعديل الوزاري علي حكومة المهندس إبراهيم محلب، شاملاً 8 وزراء. أمضي المهندس محلب أكثر من أسبوعين في مشاورات سرية لإجراء هذا التعديل دون أن يعلم بأمرها أحد حتي من أقرب المقربين في مكتبه قابل رئيس الوزراء أكثر من 20 شخصية من المرشحين لشغل الحقائب الوزارية التي استقر الرأي علي تغيير حامليها.. جرت المقابلات في مكان خاص لا يخطر علي بال الكثيرين أن يكون مقراً لمشاورات التعديل الحكومي، وكان معظمها يتم في الساعات الأخيرة من الليل بعدما ينهي المهندس إبراهيم محلب ارتباطاته واجتماعاته التي لا تنقطع منذ الصباح الباكر وحتي الليل. لم يكن خافياً أن هناك ملاحظات علي أداء بعض الوزراء، لدي الرأي العام، ولدي القيادة السياسية، ولدي المهندس محلب شخصياً..وكانت هناك تقارير تشير إلي أن الإيقاع في بعض الوزارات، لا يمكن أن يؤدي إلي تحقيق النتائج التي يرجوها الشعب وينشدها الرئيس ويخطط لها رئيس الوزراء. أيضاً كان هناك عدم ارتياح من أن تصريحات بعض الوزراء صدامية، في وقت يتطلب من الجميع وأولهم مؤسسات الدولة الاصطفاف في مواجهة الظلاميين من أعداء الدولة. عكف المهندس إبراهيم محلب علي قراءة سير المرشحين، ومطالعة تقارير الأداء الخاصة بهم في المهام التي تولوها والمناصب التي شغلوها، وواصل لقاءاته معهم لمطابقة ما قرأ بما رأي وسمع في المقابلات وإجراء التقويم النهائي للشخصيات المرشحة. وأخيراً استقر الرأي أمس بشكل نهائي علي الملامح النهائية للتعديل الوزاري وتحديد شخصية المرشح لكل حقيبة. وجري استدعاء المرشحين لشغل المناصب الوزارية في سرية تامة إلي مقر رئاسة الجمهورية صباح أمس لأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي. كثير من المراقبين لم يكن يتوقع إجراء تعديل علي حكومة المهندس إبراهيم محلب إلا بعد إتمام الانتخابات البرلمانية. والغالبية الساحقة منهم كانت تؤكد «استحالة» أي تعديل إلا بعد انتهاء المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ المقرر افتتاحه يوم الجمعة المقبل. هذه التوقعات لم تمعن في قراءة حديث الرئيس السيسي لرؤساء تحرير «الأخبار» و «الأهرام» و«الجمهورية» يوم 28 ديسمبر الماضي والذي قال فيه بوضوح تام أن التعديل الوزاري وارد في أي وقت إذا تطلبت المصلحة العامة، ولم يرهن الرئيس إجراء التعديل باتمام مؤتمر أو إجراء انتخابات. علي ضوء ذلك.. كان المهندس محلب يجري مشاورات منذ الاسبوع الأخير لشهر فبراير الماضي. لم يجد رئيس الوزراءأي تعارض بين انعقاد المؤتمر الاقتصادي وإجراء التعديل، خاصة أنه لا يشمل وزراء معنيين مباشرة بالترتيب لعقد المؤتمر. عام تقريباً مضي علي أداء المهندس إبراهيم محلب وحكومته الأولي اليمين في الأول من مارس عام 2014.. في رأي محلب أن 12 شهراً هي مدة كافية ل «التقييم» الموضوعي لأداء أعضاء الحكومة، وضخ دماء جديدة حيثما يستدعي الأمر وتتطلب المصلحة العليا. كان الوقت كافياً أمام المهندس محلب لإجراء مشاوراته في ظل السرية والتكتم الشديدين اللذين أحاط بهما اتصالاته ولقاءاته، لحسن اختيار الشخصيات المرشحة للمناصب الوزارية التي تقرر تغيير شاغليها، وفق معايير موضوعية مطلوبة وسمات شخصية لدي المرشحين و «سابقة أعمال» ممتازة في تخصصاتهم. في التعديل الوزاري.. تقرر استحداث وزارتين.. الأولي للتعليم الفني والتدريب اتساقاً مع اهتمام الدولة بتحديث التعليم الفني وتخريج أجيال مؤهلة من الفنيين المتخصصين بما يلبي احتياجات المشروعات الكبري التي يجري تدشينها تباعاً واختير لها الدكتور محمد يوسف نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني الذي يعرفه المهندس محلب كرجل صاحب رؤية وقدرة علي التنفيذ. الوزارة المستحدثة الثانية هي وزارة السكان، ولعل من يدقق في تصريحات الرئيس السيسي للإعلاميين أكثر من مرة بشأن خطر الزيادة السكانية علي التنمية، وكلمة رئيس الوزراء أمام مؤتمر المخطط الاستراتيجي للسكان، لا يجد أي مفاجأة في استحداث هذه الوزارة، واسنادها إلي الدكتورة هالة يوسف مقرر المجلس القومي للسكان. لوزارة الزراعة.. اختير الدكتور صلاح هلال، وهو عالم حاصل علي الدكتوراة، لكنه فلاح يعيش في قرية، ويشعر بآلام الفلاح ومعاناته. أما وزير السياحة الجديد المهندس خالد عباس رامي، فقد عمل لمدة 9 سنوات مستشاراً سياحياً لمصر في لندن وفيينا، وبجانب مهارته ودرايته الواسعة بصناعة السياحة وآفاقها، فهو من كبار العاملين بالدولة، ولا يعمل بالقطاع الخاص السياحي، حيث قد تتضارب المصالح. الدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم، كان مسئولا عن المناهج الدراسية بالوزارة، وهو أستاذ جامعي معروف عنه الانضباط، وهو أمر افتقدته المدارس، وكان أول ما عرض علي رئيس الوزراء عندما فاتحه في شغل المنصب، هو إعادة التفتيش إلي المدارس. اختيار المهندس خالد نجم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، جاء انطلاقاً من نجاحه في المهام التي تولاها وآخرها رئاسة هيئة البريد. كان أعقد الاختيارات أمام المهندس إبراهيم محلب هو وزير الثقافة.. التقي رئيس الوزراء مع نحو 6 مرشحين، واستقر رأيه في النهاية علي الدكتور عبدالواحد النبوي مدير دار الوثائق القومية، وكان أداؤه في منصبه، ورؤيته التي تستند لضرورة تضافر جهود مؤسسة الثقافة مع مؤسسة الأزهر في مجابهة الإرهاب، أهم أوراق اعتماده لمنصبه الرفيع. علي أن أبرز ما أثار الجدل في التعديل الوزاري هو تغيير وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ثم تعيينه مستشاراً لرئيس الوزراء بدرجة نائب رئيس وزراء. ووقع اختيار القيادة السياسية علي اللواء مجدي عبدالغفار ثاني مدير لجهاز الأمن الوطني بعد ثورة 25 يناير وأثناء فترة إدارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لشئون البلاد، انطلاقاً من أدائه المتميز خلال تلك الفترة الحرجة، وخبرته بالأمن السياسي بجانب الأمن الجنائي. سألت رئيس الوزراء، لماذا تغيير اللواء محمد إبراهيم، ولماذا تعيينه مستشاراً بدرجة نائب رئيس وزراء؟ - أجاب المهندس إبراهيم محلب: اللواء محمد إبراهيم شخصية محترمة، أدي دوراً وطنياً رائعاً وتحمل المسئولية في فترة من أحرج الفترات، وتعرض لإجهاد شديد في الفترة الماضية لدرجة أنه لم يكن ينام تقريباً لذا تقرر التغيير. وأضاف قائلاً: أما عن اختياره لهذا المنصب كمستشار لي فيرجع إلي أن الأعباء كثيرة جداً علي من يشغل منصب رئيس الوزراء، ويحتاج إلي من يعاونه من أصحاب الخبرة في تحملها، وكان لابد من ان يعين بدرجة نائب لرئيس الوزراء تكريماً له، وتعبيراً عن ثقتي الكبيرة في كفاءته. ● ● ● من مصادر غير رسمية عرفت «الأخبار» بنبأ التعديل الوزاري منذ أيام، المقابلات السرية لرئيس الوزراء وعندما علمت بخبر استدعاء وزيري السياحة والاتصالات من زيارتين لهما خارج البلاد، تيقنت أن التعديل أصبح وشيكاً وفي غضون ساعات.. فكان «مانشيت» الطبعة الثانية.. وكان الانفراد.