تمييز المحافظات الحدودية في مقاعد البرلمان موضوعي ومبرر اودعت المحكمة الدستورية العليا امس اسباب حكمها بعدم دستورية المادة 3 من قانون تقسيم دوائر انتخابات البرلمان.. وهو ما يترتب عليه تأجيل الانتخابات لحين تعديل المادة المقضي بعدم دستوريتها. واكدت المحكمة برئاسة المستشار أنور رشاد العاصي النائب الأول لرئيس المحكمة وعضوية المستشارين الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد عبدالعزيز الشناوي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم.. وبولس فهمي إسكندر نواب رئيس المحكمة وحضور المستشار محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين وامانة سر محمد ناجي عبدالسميع. المحافظات الحدودية ان المذكرة الإيضاحية لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية، قد أفصحت عن الاعتبارات الموضوعية التي دعت المشرع إلي تمثيل المحافظات الحدودية بمجلس النواب، تمثيلاً يعكس أهميتها الجغرافية؛ لكونها تُعتبر سياج الأمن القومي وخط الدفاع الأول عن أمن الوطن ومواطنيه، وذلك علي سبيل الاستثناء من قاعدة التمثيل المتكافئ للناخبين، فإن هذا الاستثناء، وإن تضمن تمييزاً نسبياً بين مواطني هذه المحافظات وأقرانهم بالمحافظات الأخري؛ فإنه يصلح أساساً موضوعياً يقيل الدوائر الانتخابية بتلك المحافظات من شبهة التمييز التحكمي، ومن ثم يكون هذا التمييز، وقد شُيد علي أساس موضوعي، تمييزاً مبرراً، تنتفي معه مخالفة تقسيم الدوائر الانتخابية بالمحافظات الحدودية لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في ممارسة حق الانتخاب. التمثيل العادل واضافت المحكمة إن نص المادة (102) من الدستور الحالي قد وضع ضوابط أساسية، أوجب علي المشرع التزامها عند تقسيمه الدوائر الانتخابية؛ وهي مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات، بحيث لا تُستبعد عند تحديد تلك الدوائر أية محافظة من المحافظات، أو الكتل السكانية التي تتوافر لها الشروط والمعايير التي سنها المشرع والضوابط التي وضعها الدستور، أو ينتقص من حقها في ذلك علي أي وجه من الوجوه، هذا فضلاً عن وجوب التقيد في كل ذلك بتحقيق التمثيل المتكافئ للناخبين، بما يستوجبه من عدم إهدار المساواة وتكافؤ الفرص في الثقل النسبي لأصوات الناخبين؛ ولعدد السكان. وقالت المحكمة لا يعني ذلك أن يكون التساوي بين أعداد من يمثلهم النائب في كل دائرة تساوياً حسابياً مطلقاً، لاستحالة تحقق ذلك عملياً، وإنما يكفي لتحقيق تلك الضوابط أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب علي مستوي الدولة في حدود المعقول. واكدت إن متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب بمجلس النواب هو 168 ألفا تقريبًا، والذي يمثل حاصل قسمة عدد سكان الجمهورية ومقداره 86،813،723 مضافًا إليه عدد الناخبين بها ومقداره 54،754،036 في تاريخ صدور القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه – مقسومًا علي اثنين ثم قسمته علي عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردي وهو 420 مقعداً – وباستعراض الجدول «(أولاً) الفردي» المرفق بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 في شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، فإنه يتبين أن المشرع لم يراع قاعدتي التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين في العديد منها، ومن ذلك ما يلي: 1- محافظة القاهرة: دائرة حلوان؛ يمثل فيها النائب 220،043 مواطنًا – وفقًا للمتوسط العام المشار إليه – في حين أن دائرة الجمالية يمثل فيها النائب 78،175 مواطنًا، ودائرة المقطم يمثل فيها النائب 111،360 مواطنًا. 2- محافظة القليوبية: دائرة طوخ؛ يمثل فيها النائب 228،226 مواطنًا، في حين أن دائرة مدينة قليوب يمثل فيها النائب 130،008 مواطنًا. 3- محافظة الشرقية: دائرة كفر صقر؛ يمثل فيها النائب 214،599 مواطنًا، في حين أن دائرة مشتول السوق يمثل فيها النائب 149،154 مواطنًا. 4- محافظة دمياط: دائرة فارسكور؛ يمثل فيها النائب 205،991 مواطنًا، في حين أن دائرة الزرقا يمثل فيها النائب 124،291 مواطنًا. 5- محافظة كفر الشيخ: دائرة الحامول؛ يمثل فيها النائب 234،493 مواطنًا، في حين أن دائرة بيلا يمثل فيها النائب 104،256 مواطنًا. 6- محافظة الغربية: دائرة بسيون؛ يمثل فيها النائب 235،970 مواطنًا، في حين أن دائرة قطور يمثل فيها النائب 135،924 مواطنًا. 7- محافظة المنوفية: دائرة بركة السبع؛ يمثل فيها النائب 230،341 مواطنًا، في حين أن دائرة الشهداء يمثل فيها النائب 121،943 مواطنًا. 8- محافظة البحيرة: دائرة كوم حمادة؛ يمثل فيها النائب 240،152 مواطنًا، في حين أن دائرة مدينة كفر الدوار يمثل فيها النائب 131،093 مواطنًا، وكذلك دائرة مدينة دمنهور يمثل فيها النائب 130،997 مواطنًا. 9- محافظة الفيوم: دائرة يوسف الصديق؛ يمثل فيها النائب 255،941 مواطنًا، في حين أن دائرة إبشواي يمثل فيها النائب 141،491 مواطنًا. 10- محافظة بني سويف: دائرة أهناسيا؛ يمثل فيها النائب 268،253 مواطنًا، في حين أن دائرة بني سويف يمثل فيها النائب 141،700 مواطنًا. 11- محافظة المنيا: دائرة المنيا؛ يمثل فيها النائب 249،040 مواطنًا، في حين أن دائرة مدينة المنيا يمثل فيها النائب 118،821 مواطنًا. 12- محافظة أسيوط: دائرة الفتح؛ يمثل فيها النائب 225،697 مواطنًا، في حين أن دائرة صدفا يمثل فيها النائب 103،617 مواطنًا، وكذلك دائرة أبو تيج يمثل فيها النائب 111،893 مواطنًا. 13- محافظة سوهاج: دائرة مدينة سوهاج؛ يمثل فيها النائب 199،127 مواطنًا، في حين أن دائرة دار السلام يمثل فيها النائب 143،5856 مواطنًا. الدوائر الانتخابية واضافت المحكمة المواطنون ومن بينهم أولئك الذين تتوافر فيهم شروط مباشرتهم حق الانتخاب، وإن تباينت الدوائر الانتخابية التي تضمهم، يتكافأون من زاوية تمثيل النواب لهم؛ مما يتعين معه ردهم إلي قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث الثقل النسبي لهم، بلوغاً في خاتمتها إلي التمثيل الحقيقي المعبر عن مبدأ سيادة الشعب كمصدر للسلطات؛ إعمالاً لنص المادة (4) من الدستور، وإسهاماً فاعلاً في حركة الحياة السياسية، وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن حق الانتخاب، بقدر ما هو حق للمواطن علي مجتمعه، فإنه وبذات القدر واجب عليه؛ باعتباره أداة هذا المجتمع إلي تحقيق آماله عن طريق كفالة حرية مواطنيه في التعبير عن خياراتهم، ومن أبلغ صور هذه الحرية؛ حقهم في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية. اضافت انه يجب أن يضمن التنظيم التشريعي للدوائر الانتخابية أن يكون لصوت الناخب في دائرة معينة الوزن النسبي ذاته الذي يكون لصوت غيره من الناخبين في الدوائر الانتخابية الأخري، وبمراعاة عدد السكان، بما مؤداه تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين في مباشرتهم حق الانتخاب. تمييز بين الناخبين ولما كان ما تقدم؛ وكان نص المادة الثالثة من قرار رئس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 لم يلتزم قاعدتي التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين، حيث تضمن في الجدول المرفق الخاص بالنظام الفردي للانتخاب، تمييزاً بينهم؛ يتمثل في تفاوت الوزن النسبي للمواطنين باختلاف الدوائر الانتخابية ودون أي مبرر موضوعي لهذا التمييز، متحيفاً بذلك حق الانتخاب، ومتنكباً الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكاً مبدأي تكافؤ الفرص والمساواة في ممارسة هذا الحق، ومخلاً تبعاً لذلك بمبدأ سيادة الشعب باعتباره مصدر السلطات، ومن ثم يكون هذا النص مخالفاً لأحكام المواد (4) و(9) و(53) و(87) و(102) من الدستور؛ بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته. نظام القوائم وحيث إن المدعي ينعي علي نظام الانتخاب بالقائمة مخالفته مبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، وعدم مراعاته الوزن النسبي للصوت. وحيث إن الأحكام التي تضمنها نص المادة (4) من قانون مجلس النواب، وعجز المادة الثانية والمادة الثالثة من القانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه – في مجال انطباقها علي الانتخاب بنظام القوائم – والجدول المرفق به الخاص بدوائر القوائم، قد اختارت للانتخاب بنظام القوائم تقسيم جمهورية مصر العربية إلي عدد (4) دوائر، خصص لاثنين منها عدد (45) مقعدًا لكل منهما، وتتكون أولاهما وهي دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا من عدد (6) محافظات، وعدد الناخبين بها 21،280،268 ناخبًا، وعدد سكانها 31،826،460 مواطنًا، وتضم ثانيتهما :- وهي دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد (11) محافظة، وعدد الناخبين بها 19،715،314 ناخبًا، وعدد سكانها 33،321،638 مواطنًا. وقد خصص المشرع للدائرتين الأخريين عدد (15) مقعدًا لكل منها، وتشمل أولاهما :- وهي دائرة قطاع شرق الدلتا (7) محافظات، وعدد الناخبين بها 6،729،018 ناخبًا، وعدد سكانها 10،747،074 مواطنًا، وتضم ثانيتهما وهي دائرة قطاع غرب الدلتا عدد (3) محافظات، وعدد الناخبين بها 7،309،449 ناخبًا، وعدد سكانها 10،918،551 مواطنًا. السيرة الذاتية وحيث إنه عن الطعن في المادة (10) من قانون مجلس النواب فيما تضمنته من إلزام طالب الترشح بتقديم بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية، ومخالفته لأحكام الدستور، فإن المادة (87) من الدستور الحالي تنص علي أن « مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق. ويبين القانون شروط الترشح الأخري وبالتالي فان أن للمواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقًا لأحكام القانون، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني، ولقد ناط النصين المتقدم ذكرهما بالمشرع تنظيم حق الترشح وبيان شروطه، بما يكفل تحقيق المقاصد التي توخاها المشرع الدستوري في تقريره إياه، وهو ما يُلزم المشرع بأن يضع تنظيمًا يقوم علي دعائم موضوعية تهيئ الفرص المتكافئة أمام المترشحين، إفرازًا لأفضلهم، وذلك ضمانًا لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية، باعتبار أن السلطة الشرعية لا يفرضها إلا الناخبون، وكان هذان الحقان (الترشح والانتخاب ) لازمين لزومًا حتميًا لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستوريًا، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية، ولا يجوز بالتالي أن يُعهد بهذا التمثيل لغير من يؤدونها بحقها، فلا يكونون عبئًا علي المجلس النيابي، بل يثرون اعماله من خلال جهد خلاق يتفاعل مع المسئوليات الملقاة علي ممثلي الشعب، ويقتضي ذلك أن تتوافر فيمن يتولي شرف تمثيل الأمة المصرية الخصائص الخلقية والنفسية والعقلية والعملية. وقالت إن الاختيار – وباعتباره – عملاً انتقائيًا – يفترض في الأعم من الأحوال – أن المترشحين المتزاحمين علي مقاعد مجلس النواب لا يتحدون في كفايتهم العلمية والعملية لتوليها، وأن لبعضهم من عناصر التميز والتفوق ما يرجح بعضهم علي بعض، وأن تقدير هذه العناصر لتحديد من يكون من بينهم أجدر بها، وأحق بالاختيار، عملية موضوعية لا تصدرها الجهة التي تتولاها عن أهوائها، ولا تعبر بها عن نزواتها، إذ علي هيئة الناخبين أن تقارن بين هذه العناصر علي ضوء حقائقها، وأن تزن كل منها بميزان الحق والعدل والجدارة، فلا ينفصل تقييمها عن واقعها. مبالغ التأمين واضافت إن المادة (10) من قانون مجلس النواب، قد ألزمت طالب الترشح بأن يرفق بطلب الترشح إيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه خزانة المحكمة الابتدائية بصفة تأمين بالنسبة لطالب الترشح في الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي، ومبلغ ستة آلاف جنيه بالنسبة للقائمة المخصص لها (15) مقعداً، وكانت الغاية من هذا التأمين، كما أوضحتها نص المادة (26) من القانون ذاته هو خصم تكاليف إزالة الملصقات الانتخابية منه، علي أن يرد هذا المبلغ أو المتبقي منه بعد خصم تلك التكاليف إلي المترشح خلال ثلاثين يوماً علي الأكثر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وإذ راعي المشرع في تقدير قيمة التأمين مقدار التكلفة الفعلية لإزالة الملصقات، والمسئولية عن ذلك، وكان تقديره في كل هذا قائماً علي أسس موضوعية، هادفاً إلي تحقيق غايات لا خلاف حول مشروعيتها، وكافلاً تطبيقها علي من تتماثل مراكزهم القانونية بما لا يجاوز متطلباتها، فإن الطعن بمخالفة ذلك لأحكام الدستور، يكون في غير محله جديرا بالالتفات عنه، والقضاء برفض الدعوي بالنسبة لهذا الشق منها.