الهدف الذي يسعي تنظيم داعش الإرهابي الي تحقيقه.. ليس مجرد تحطيم الكنوز والتحف الأثرية في متحف مدينة الموصل العراقية أو مدينة «نينوي» التاريخية، وليس مجرد القضاء علي معالم الحضارة الآشورية وإبادة المسيحيين الآشوريين - وهم من أقدم شعوب العالم - وإنما يعد هذا التدمير للقطع الأثرية، التي لا تقدر بثمن، مجرد حلقة في مسلسل القضاء علي كل أثر لحضارات الشرق وتنوعه علي النحو الذي يخدم إسرائيل، التي تريد ان تكون دول المنطقة مجرد كيانات طائفية ومذهبية وعرقية خالية من أي شكل من إشكال التنوع والتعدد، بحيث يكون هناك مبرر لمطلب اسرائيل بالاعتراف بها كدولة دينية يهودية.. قاصرة علي اليهود فقط. والعلاقة قائمة بين داعش وإسرائيل.. وبين إسرائيل والآثار التاريخية، إذ يؤكد «قيس حسين، وكيل وزارة السياحة والآثار العراقية أنه سبق لهذا التنظيم تهريب جزء من آثار الموصل الي إسرائيل وسرقة جزء آخر لبيعه لتمويل العمليات الارهابية. وكان هناك تعاون بين المخابرات الاسرائيلية والمحتلين الامريكيين في نهب الآثار العراقية بعد الغزو الامريكي للعراق. حكام ودول ومجتمعات وانظمة مختلفة وغزاة من جهات العالم الأربع، وصحابة وأنظمة اسلامية.. وجدت هذه الآثار تحت سيطرتها علي مدي أكثر من أربعة آلاف سنة، ولكن أحداً من هؤلاء لم يخطر علي باله هدمها أو إزالتها، وهنا يتساءل خبراء عالميون: ألا يعني ذلك أنه لو حانت الفرصة لهؤلاء الداعشيين لهدم الهرم الأكبر وخوفو.. إنهم لن يترددوا في ارتكاب هذه الجريمة؟ ان هذا التدمير يعني ان الوحشية تطال الذاكرة علي أيدي هؤلاء الذين يريدون تحطيم كل أوجه الانسانية وإزالة صفحات من الفكر البشري العالمي، علي حد تعبير الرئيس الفرنسي هولاند. وكان تنظيم داعش قد دمر المكتبة العامة في الموصل وأحرق عشرة آلاف كتاب وأكثر من سبعمائة من المخطوطات النادرة تعود الي خمسة آلاف عام قبل الميلاد، ودمر مقام النبي يونس الشهير وبوابة «بركال» التي يبلغ عمرها 1300 سنة قبل الميلاد. الخطير في الأمر ان داعش تسيطر علي نحو 1800 موقع اثري مسجل في العراق من أصل 12 ألف موقع. وقد دمر الارهابيون أكثر من ثلاثين موقعاً منذ يونيو 2014 (تاريخ احتلالهم للموصل). وهناك مخاوف من ان تشرع داعش بعد ذلك في تدمير حضارة «الحضر» - 300 سنة ق. م - وآثارها غير موجودة إلا في شمال العراق، وكذلك «نمرود» وتقع المدينتان الي الجنوب من الموصل ضمن مناطق سيطرة التنظيم الإرهابي. حضارة تمتد إلي آلاف السنين يجري تحطيمها.. مما يؤدي الي فقدان التاريخ الانساني وهو ملكية مشتركة للبشرية، وضياع الذاكرة الجماعية للشعوب والأوطان. يحدث هذا بينما الامريكيون يعلنون أنه لا يمكن تحرير الموصل - ثاني اكبر مدن العراق - من الارهابيين قبل شهور حتي تكون الديناصورات قد دمرت خلالها ما تبقي من آثار حضارة بلاد ما بين النهرين. كلمة السر : مطلوب حرمان العرب من تراثهم وحضارتهم