خالد بائع الأنتيكات حريص على تنظيف وترميم بضاعته في احد شوارع الحسين جلس يعرض بضاعته العتيقة ، يترقب المارة في هدوء ، كلما اقترب احدهم منه تجد في عينه نظرة تمني بأن يكون احد زبائنه ، يقضي طوال يومه في تنظيف وترميم انتيكاته ، يتعامل مع بضاعته بحذر شديد لأنه يعلم قيمتها جيدا , وراء كل قطعة من انتيكاته حكاية لا يعلمها غيره ، انه خالد زكي بائع الانتيكات الذي جلس علي احد ارصفة الحسين عارضا بضاعته التي تخطف عينيك بمجرد النظر إليها من بعيد ، فهي ليست كأي بضاعة إنها مقتينات قديمة يرجع عمرها لمئات السنين ، تشرح كل قطعة منها تاريخا طويلا . خالد زكي يشكوقلة الزبائن حيث تظل معروضاته طوال اليوم تنتظر من يقدرها ولم تنل سوي « الفرجة » وكأنها للعرض فقط وليس للشراء حين عرف خالد نفسه قال انا « عارض الأنتيكات» وليس بائعها فبضاعتي اصبحت للعرض وليست للبيع ومع ذلك فمازلت اجلس طوال اليوم امني نفسي بقدوم احد الزبائن ، احصل علي هذه الأنتيكات من المزادات التي يباع فيها اثاث القصور القديمة ، ثم اقوم ببيعها هنا في الحسين ومكاني معروف منذ عشرات السنين بعض هذه الأنتيكات يحتاج لتنظيف بسيط قبل عرضها وبعضها يحتاج لبعض التصليحات ولكن يستحيل ان تكون مكسورة وذلك لأن اصحابها يحافظون عليها جدا ويعلمون تاريخها ولا يبيعونها إلا لضيق ذات اليد, مضيفا بصوت محشرج: عمري تجاوز الخمسين ولم اشهد طوال حياتي منذ ان عملت بهذه المهنة في طفولتي ركودا كهذه الفترة , فأغلب زبائني كانوا من السياح زائري الحسين ووسط ازمة السياحة التي تشهدها البلاد منذ بدء احداث ثورة الخامس والعشرين من يناير وقف حالي تماما كأي مهنة مرتبطة بالسياحة فلا اذكر ان بعت قطعتين علي بعضهما منذ ثلاث سنوات وهو تاريخ الثورة ، ليس هذا فقط بل ان زبون الأنتيكات المصري لم يعد مثل السابق فمنذ عشرين عاما تقريبا كان البعض من المصريين لديه ذوق عال في شراء الأنتيكات والإحتفاظ بها في احد اركان منزله بل والتباهي بها امام معارفه اما الآن فحتي من يحب الأنتيكات يكتفي بالفرجة عليها والسؤال علي سعرها وتاريخها من باب الفضول ، فلدي بضاعة تحمل تاريخا حافلا لن تجده الا عندي مثل اول مروحة بدائية الصنع يعود تاريخها لأكثر من قرنين ، ومن اكثر الأنتيكات التي كانت تشهد إقبالا كبيرا من السياح هي « الجرامافون » الذي يوضع فيه الأسطوانات صافية الصوت فهم اكثر الناس تقديرا لقيمة هذه الأشياء فبعد ان كان الجرامافون يزيد سعره عن 1200 جنيه اصبح يباع بأقل من 800 جنيه ومع ذلك لا اجد له زبونا ! اما الأنتيكات الأثرية والميكروفونات والراديوهات قديمة الصنع فكان زبونها محدود منذ القدم والآن إنعدم تماما ..