«لابد أن يتفهم الناس خطورة الاوضاع في سيناء وحتمية المواجهة الشاملة للارهاب التي تبدأ بالقضاء نهائيا علي الانفاق». هل وصل «داعش» إلي سيناء؟.. عندما تصلك دعوة للمشاركة في مؤتمر يحاول الاجابة علي هذا السؤال لابدأن تهتم بالحضور والمشاركة في الحوار.. وهذا ما فعلته عندما تلقيت دعوة المركز العربي للبحوث والدراسات للمشاركة في مؤتمر «مصر في مواجهة الارهاب الدولي» الذي انعقد يوم السبت الماضي وقدم فيه رئيس المركز عبدالرحيم علي دراسة أجاب فيها علي هذاالسؤال معتمدا علي مصادر أمنية وسيادية اثق في صدقها وفي قوة علاقته بها. عندما وصلت القاعة كان المؤتمر قد بدأ قبلها بلحظات وكان عبدالرحيم علي يتحدث مؤكدا توقعه أن يعلن تنظيم أنصار بيت المقدس تحوله إلي «داعش مصر» خلال الشهر القادم.. مما زاد من اهتمامي بمتابعة المناقشات والمشاركة فيها لأنني من المؤيدين لعدم التهوين من خطورة «داعش» علي مصر.. ما نتابعه يوميا من تقدم «داعش» علي جميع الجبهات رغم الهجمات التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد مواقعه في العراق وسوريا وما يبثه «داعش» من فيديوهات لعمليات الذبح الجماعي لسكان المناطق التي يسيطر عليها وأسواق السبايا التي تباع فيها النساء وتشتري يدفعنا أن نرصد الاحداث من منظور صحيح لنستعد للمواجهة في التوقيت المناسب. أقول هذا حتي يتفهم الناس خطورة الأوضاع في سيناء وحتمية المواجهة الشاملة للارهاب التي تبدأبالقضاء نهائيا علي الانفاق بعدما اثبتت التحقيقات التي جرت في قضايا الارهاب التي شهدتها مصرطوال العقدين الماضيين أن الانفاق العامل المشترك الرئيسي في كل تلك القضايا والاحداث، كما ثبت قيام عناصر حزب الله باستخدام الانفاق لجلب أسلحة معدة وجاهزة وحقائب متفجرات من قطاع غزة بمساعدة كوادر حماس لتنفيذ عمليات ارهابية في مصر. لا مجال هنا اذن لاشعال مواقع التواصل الاجتماعي بأحاديث عن التهجير القسري لسكان الشريط الحدودي مع غزة.. أحاديث «خايبة» في الداخل والخارج ليس لها هدف إلا إشعال مزيد من الأزمات. أعود إلي الدراسة التي قدمها عبدالرحيم علي والتي أكدت أن التطور النوعي للعمليات الارهابية التي شهدتها سيناء في الآونة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بعمليات التفخيخ يؤكد انضمام عناصر محترفة من خارج سيناء إلي تنظيم أنصار بيت المقدس الذي أعلن تبنيه هذه العمليات.. جاءت هذه العناصر من داخل قطاع غزة وبعضهم مما يطلق عليهم الطيور المهاجرة لتنظيم «داعش».. هؤلاء الذين عدلوا مسار هجرتهم من العراق وسوريا إلي سيناء.. وقد رصدت أجهزة الاستخبارات محادثات واتصالات علي شبكة الانترنت بين الراغبين من المصريين في الانضمام إلي «داعش» في العراق وسوريا وبين قيادات «داعش» التي طالبتهم بالتوجه إلي سيناء والانضمام إلي تنظيم «انصار بيت المقدس» . وعن خط سير العناصر الارهابية المتوجهة إلي شمال سيناء كشفت التقارير الأمنية -كما جاء في الدراسة- أن البحرالاحمر هو الطريق الوحيد لتهريب وتسلل العناصر الارهابية الأجنبية وكذا شحنات السلاح إلي منطقة شمال سيناء وقطاع غزة حيث تستقبل شواطئ رأس سدر وشرم الشيخ يوميا شحنات السلاح المهرب من ليبيا عن طريق جبال البحر الأحمر ثم يتم نقلها قبل نقطة نفق الشهيد أحمد حمدي بالبحر عبر لنشات الصيد التي تنقلها إلي شواطئ رأس سدر وشرم الشيخ حيث تتلقفها عناصر من المهربين من جنوبسيناء لنقلها إلي مناطق الشمال عبر الدروب الجبلية بوسط سيناء. أما وصول عناصر من «داعش» إلي سيناء فيتم عبر مطار شرم الشيخ حيث يصلون علي أنهم سائحون يرتدون ملابس لا تثير أي شكوك ويحملون جوازات سفر خاصة ويقيمون في شرم الشيخ ثلاثة أيام ثم يختفون متوجهين إلي شمال سيناء. تحدثت الدراسة أيضا عن عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات لحماس عبر الأنفاق وكيف أصبحت أمراً سهلاً خاصة عقب ثورة 25 يناير والتي شهدت اختراقا كبيرا لحماس وتنفيذها لعملية اقتحام السجون.. كمالعبت الممارسات التي تمت في عهد الرئيس المعزول مرسي دوراً كبيرا في تغذية هذا المناخ ومن بينها الضغوط التي مارسها علي المؤسسة العسكرية لمنعها من اقتحام منازل سكان الشريط الحدودي بدعوي احترام حقوق الانسان وهي حجة اتاحت الفرصة لتهريب الصواريخ لحماس. ولهذا وحسبما أكدت المصادر التي اعتمدت عليها الدراسة فإن الحل الجذري لقضية الارهاب في سيناء لن يتأتي إلا من خلال القضاء علي الانفاق بشكل نهائي وهو ما تقوم به قواتنا المسلحة حاليا. والآن.. ما هي خطورة أن يعلن تنظيم «أنصار بيت المقدس» تحوله إلي «داعش مصر» كما توقع عبدالرحيم علي ؟.. الخطورة كما أوضحها مقدم الدراسة هي محاولة ادخال مصرالتحالف الدولي ضد «داعش».. وبذلك ندخل حزام مكافحة الارهاب الدولي ونفاجأ بأن كل أجهزة المخابرات الدولية تعمل من داخل مصر.. ولهذا فإن مواجهة هذا النوع من الارهاب تتطلب ألا تنظر مصرللعالم ولا تنتظر صكا من العالم.. ماذا تفعل؟ «هذا ما فعلته الولاياتالمتحدة بعداحداث 11 سبتمبر وما فعلته أسبانيا عندما تعرضت لموجة ارهابية عام 2004». والآن جاء الدور علي مصر وعلي الادارة المصرية ألا تنظر إلي أي شيء سوي مصلحة مصر وأمنها القومي.. ولهذا يجب أن تكسر مصرهذه الموجة الارهابية بأي ثمن لتبدأطريق التنمية الحقيقية.