رغم تكثيف أجهزة الأمن الايطالية حملتها ضد عصابات المافيا في مدن الجنوب خاصة صقلية وكالابريا إلا أن الضربات الاخيرة التي تلقتها أكبر منظمة اجرامية عرفها العالم دفعت زعماءها لاعادة ترتيب صفوفهم وانشطتهم الاجرامية استعدادا للقيام ببعض العمليات الارهابية ضد الدولة والمجتمع. كشف رجال الأمن الايطاليون خلال مهاجمتهم أوكار عصابات المافيا الستار عن جماعة مافيا كالابريا السرية التي بنت بنيانها الاجرامي علي غرار مافيا صقلية وجماعة مافيا شمال ايطاليا التي تحاول الانفصال عن مافيا الجنوب وتكوين دولة اجرامية لها في مقاطعات اقليم الشمال. وتثير الاستراتيجية الجديدة التي ينتهجها زعماء المافيا الايطالية قلق السلطات الايطالية وخبراء مكافحة الجريمة المنظمة خاصة محاولتها لاقامة دويلات اجرامية مستقلة عن بعضها في بعض الاقاليم الايطالية. وقد اسفرت عمليات مداهمة رجال الشرطة لاوكار المافيا في صقلية وكالابريا خلال الايام الماضية عن القبض علي أكثر من 051 عضوا من اعضائها وكشفت تحقيقات رجال القضاة اسرار البناء العمودي لمافيا كالابريا بالجنوب التي تدير اعضاءها من خلال الترابط بالطقوس والدم حتي اصبحت منظمة اكثر تعقيدا وترابطا يجمع اعضاءها هدف واحد هو تحقيق أكبر قدر من السيطرة بالسلاح والارهاب علي اهالي مدن الجنوب. وما اكتشفه رجال الشرطة وقضاة التحقيق الأيام الاخيرة في مدينة كالابريا، من خلال عمليات التنصت علي مكالمات بعض زعماء المافيا يكشف مدي خطورة هذه المافيا التي تحاول تكوين امبراطورية اجرامية لتدير ولتحكم منها باقي عائلات المافيا في جميع انحاء العالم. وكشف المحققون كيف يتم تعميد زعيم المافيا وتصويرهم وهم ينتخبون »قادتهم« في اقليم لومسبارديا وفي منطقة بولسي، وهو الضريح الذي تقيم فيه مافيا كالابريا في الاول من سبتمبر من كل عام، احتفالها المهيب بعذراء الجبل، باختيار ملكها، وهو ملك الجميع وليس فقط زعماء المافيا في كالابريا. وكشف زعيم المافيا دومنيكو اوبيديزانو، خلال التحقيق معه اسرار الاستراتيجية الجديدة لمافيا كالابريا، مافيا مكونة فقط من روابط الدم والاقارب، ومجموعة من العصابات المنفصلة فيما بينها، هي في الحقيقة جمعية سرية ووحيدة، لها قيادة مثل المافيا الصقلية وموزعة بقوة علي الارض، وهي مكونة علي عدة مستويات ولها قياداتها. وزعيم الجريمة هو زعيم الجميع. وإلي جانبه نائبه وهو المتحدث الرسمي باسمه وهو الذي يوزع كل اوامره، ثم هناك الكولونيلات »القادة الاصغر«: ولدخول التنظيم لابد ان يكون الحد الادني للسن 41عاما. وإذا كان الامر يتطلب هذه السن علي الاقل للانضمام لتنظيم الاندرانجتا، »مافيا كالابريا« فإن اصحاب الامتيازات موجودون ايضا في هذا العالم الاجرامي: فابناء الزعماء يدخلون بحكم الوراثة، وهم لا يزالون اطفالا، ويقال عنهم ان نصفهم بالداخل ونصفهم بالخارج والعضوية تدوم مدي الحياة مثل مافيا الصقلية ويخرج الانسان من الاندرانجتا ميتا فقط. وللمافيا الكالابرية ايضا محكمتها فهي تحكم علي »ذنوب« اعضائها، فهناك الذنب الاخف وهو »الاهمال« الذي يمكن ان يحل بمحاكمة تنتهي نهاية حسنة. ثم هناك الذنوب الاكثر خطورة، »الاخطاء« وهناك ذنب له اهمية مختلفة. وهو »المأساة« عندما ينشر احد الاعضاء الزيف داخل التنظيم ليحصل من ذلك علي فوائد شخصية، و»وصمة الشرف« عندما يكون لاحد الاعضاء او لقريب له مسلك يحكم عليه من خلاله بانه غير جدير بالبقاء في الاندرانجتا و»العار« عندما يخون العضو المنتمي للتنظيم. والادانة بالنسبة »للخطأ« هي دائما الموت. والنساء الشرفيات لا وجود لهن في مافيا كالابريا »الاندرانجتا« ولكن توجد »اخوات التواطؤ« اللائي يستخدمن عادة لمعاونة الهاربين. ويري قضاة التحقيق انهم علي بعد خطوة واحدة من ازاحة الستار عن حقائق العملية الاجرامية الدموية التي قامت بها المافيا خلال اوائل التسعينيات وان لديهم مؤشرات وادلة سوف تفجر زلزالا سياسيا كبيرا لاتتحمله الحياة السياسية الايطالية الآن الأمر الذي اثار قلق بيرلوسكوني وبعض اعضاء احزاب الاغلبية فلم تعد هناك شكوك تساور قاضي مدينة كاتنسيتا »سيرجولاري« والقاضي »نيكو جوتسو« بأن مذبحة شارع داميليو التي قامت بها المافيا وراح ضحيتها القاضي باولو بورسيللينو ورجال الحراسة المرافقين له، كانت نتيجة لتحالف المافيا مع بعض رجال الدولة.