«مصر تمتلك إمكانات هائلة لا يوجد مثلها في أي دولة في الشرق الأوسط أو إفريقيا.. ولكن من الذي يمد يده بأفكاره وابتكاراته للاستفادة من هذه الإمكانات؟!» سباق محموم بين الشركات العالمية للاستحواذ علي معدة العالم، فليست مصر فقط التي تستورد جانباً من غذائها ولكن دولاً كثيرة أخري تستورد أغلب غذائها، وإذا كنا نستورد القمح الذي نصنع منه رغيف العيش أو العمود الفقري لغذاء المصريين فإن لدينا مصنعات غذائية وحاصلات زراعية فائضة عديدة وقابلة للتصدير دخلنا بها هذا السباق لنشارك بحصة محترمة تزيد قيمتها علي 2.5 مليار دولار سنوياً في سوق تجارة الغذاء في العالم وهي قابلة للزيادة باستمرار. المهم هنا هو السوق حيث يطرح كل البائعين منتجاتهم وإبداعاتهم الإنتاجية أمام المشترين من كل العالم تحت سقف واحد، وقد أصبح لهذا السوق ثلاثة مراكز هي الأكبر والأهم في العالم.. أولها معرض «أنوجا» بألمانيا ويقام كل عامين بالتناوب مع معرض «سيال» فرنسا ثم معرض الخليج للغذاء الذي يقام سنوياً في دبي بدولة الإمارات والذي يبدو أنه أصبح الأكبر والأهم عالمياً بين المعارض الثلاثة، وقد عدت قبل أيام من رحلة سافرت فيها بدعوة من وزارة الصناعة والتجارة لمتابعة أداء 85 شركة مصرية كبري في معرض سيال الذي أقيم علي مدي أربعة أيام في باريس وحققنا فيه نجاحاً لافتاً.. وهناك لاحظت أن السباق لم يعد فقط بين الشركات المنتجة للغذاء وإنما أيضاً بين المعارض التي تستقبل هذه الشركات وتوفر لها الخدمات والدعاية وتتمكنها من أداء مهمتها بنجاح مستفيدة في ذلك بإمكانيات الفنادق القادرة علي استيعاب الزائرين ووسائل النقل والاتصالات والإعاشة والترفيه والتسوق وكلها عوامل جذب للمشترين الدوليين الذين يفضلون دولة عن دولة أخري بموجب هذه الاعتبارات.. واكتشفت أن إدارة معرض سيال أرادت استثمار الرواج والنجاح الذي حققته في باريس وقامت باستنساخ نفس هذا المعرض بقدراته الفائقة في عواصم أخري من العالم تمتلك أسواقاً زاهرة وقدرات علي استضافة أعداد غير محدودة من الشركات الغذائية وممثليها وزبائنها.. والخبر السعيد في هذا الحدث أن إدارة «سيال» التي صنعت نسخاً لمعرضها في سبع عواصم في العالم تفكر الآن بجدية في إقامة هذا المعرض في مصر لتكون الثامنة بعد سيال الأرجنتين والبرازيل وكندا والصين ومانيلا وجاكارتا وأبو ظبي.. وأبلغني «عمر حسن مدير معرض سيال أبو ظبي» أن مصر كانت دائماً محط الأنظار ولكن التوتر الذي حدث في السنوات الثلاث الأخيرة حجب عنها فرصاً كبيرة لأن الشركات العالمية تبحث عن الاستقرار ولا تهوي الدخول في مخاطر ضماناً لنجاح أعمالها، وقد بدأ التفكير في الاعتماد علي مصر بقوة الآن.. وربما إذا نجحت مصر في بناء مدينة معارض جديدة تم الإعلان عنها مؤخراً فسيكون ذلك أكبر دافع لكي تأخذ مصر مكانتها عالمياً كدولة حاضنة للمعارض الدولية، أما معرض سيال أبو ظبي فقد قررت حكومة أبو ظبي تقديم 25٪ من تكلفة المشاركة كدعم للشركات المصرية الراغبة الانضمام إليه ومصر هي الوحيدة التي تحظي بهذا الدعم تشجيعاً لمشاركتها، وبالفعل قررت 12 شركة الاشتراك في سيال أبو ظبي الشهر القادم.. وحزنت لأن مصر هدمت قاعات أرض المعارض بمدينة نصر دون أن تقوم وعلي الفور ببناء أرض معارض جديدة سواء فيها أو في منطقة جديدة علي مساحة شاسعة علي طريق السويس تتسع لإقامة قاعات للمعارض الدولية وللمؤتمرات وفنادق محترمة.. فجاء قرار الهدم سريعاً راكباً صاروخ بينما ركب قرار البناء ظهر سلحفاة بطيئة خاملة!! .. وربما لو وضع منير فخري عبدالنور وزير الصناعة والتجارة هذا التوجه كأحد أهم أهداف الوزارة لنجح أن يكتب اسمه بأحرف خالدة في سجل الإنجازات المصرية بإنشاء أحدث مدينة معارض عالمية في ضواحي القاهرة..