"الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل الأمانة المركزية للطاقة والتعدين    رئيس شعبة الدواجن: لا ننكر وجود أمراض وبائية لكن هناك مبالغة في أرقام النفوق    ترامب: روسيا وأوكرانيا ستبدءان على الفور مفاوضات وقف إطلاق النار    إسرائيل تفرج عن 10 أسرى من غزة    نيكوشور دان رئيسًا لرومانيا... فمن هو؟    صاروخية إمام عاشور تنافس 3 أهداف على الأفضل في جولة الدوري    رئيس إنبي: إلغاء الهبوط ضرورة استثنائية.. والدوري الجديد ب21 فريقًا (فيديو)    النيابة العامة تُجري تفتيشا لعدد من مراكز الإصلاح وأقسام الشرطة في عدة محافظات    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهرباء من منطقة تحت الإنشاء بالسلام    حلمي النمنم: «سلماوي» مثقف لا يعيش في برج عاجي    كلام في السينما.. بودكاست من تقديم الناقد الفني عصام زكريا على قناة الوثائقية    ألمانيا تلمح إلى التخلي عن معارضتها للطاقة النووية وتقربها من الموقف الفرنسي    رونالدو ينافس بنزيما على جائزة أفضل لاعب في الجولة 32 من الدوري السعودي    الضرائب توضح عقوبة فرض المطاعم والكافيهات غير السياحية 14% قيمة مضافة على الفاتورة    مدحت بركات يزور مجلس الشيوخ بدعوة من تحالف الأحزاب المصرية    اعتزال الفنان عبد الرحمن أبو زهرة الحياة الفنية والإعلامية نهائيًا    خارجية أوكرانيا: تبادل الأسرى خطوة إنسانية مهمة.. ومستعدون لهدنة ال30 يوما    فيلم "المشروع X" يتصدر منصة أكس    جولة للأطفال بقصر محمد علي ضمن احتفالات قصور الثقافة باليوم العالمي للمتاحف    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    وزير الصحة: عدد المستفيدين من التأمين الصحي الشامل 12.8 مليون مواطن حاليا    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    البابا تواضروس: لبنان لها مكانة خاصة لدى المصريين    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟.. أمين الفتوى يجيب    قصور.. ثقافة!    إيرادات الأحد.. "سيكو سيكو" الأول و"نجوم الساحل في المركز الثاني    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    إزالة 230 حالة إشغال وتعدٍ ب السوق التجارية في إدفو ب أسوان    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    رسميًا.. المجلس الأعلى للإعلام يتلقى شكوى الزمالك ضد إعلان "اتصالات"    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    محمد صلاح يكشف كواليس تجديد عقده مع ليفربول    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    انضمام نوران جوهر وزياد السيسي ل "روابط" استعدادا لأولمبياد لوس أنجلوس 2028    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    تقارير: لايبزيج يفاضل بين فابريجاس وجلاسنر لتدريب الفريق بالموسم الجديد    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترميم أقدم هرم في التاريخ يفجر معركة بين الأثريين
خناقة علي مصاطب الملك زوسر
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 09 - 2014


المعارضون
مروة الزيني: الأخطاء واضحة.. نطالب بلجنة تحقيق محايدة
مونيكا حنا: شكل الواجهة الجنوبية تغير.. والأحجار تخالف المعايير
أحمد شهاب: ملاحظات علي عمليات الترميم الداخلية والخارجية
المؤيدون
د. محمد ابراهيم: غير صحيح
أن العمل توقف بسبب الأخطاء
د. زاهي حواس: أنقذنا الهرم من الدمار.. ومصالح وراء الاتهامات
د. حسن فهمي: المنتقدون بلا خبرة وراعينا المعايير الدولية
هرم زوسر مهدد بالانهيار. صرخة مفاجئة استحوذت علي اهتمام الاثريين والجمهور ومعظم وسائل الاعلام خلال الأيام الماضية.. وأصبح هرم سقارة المدرج سريعا بطلا للكثير من الجدل عبر الاعلام المرئي والمكتوب بعد أن ظل لسنوات مجرد درس في كتاب التاريخ !
لم تكن الصرخة هي الأولي فقد سبق تداولها منذ سنوات، وفي كل مرة تبدأ معركة الكلام بين المؤيدين والمعارضين ثم تهدأ الأمور لبعض الوقت. لكن حدتها زادت هذه المرة لدرجة دعت الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار الي الانتقال لمنطقة سقارة ليعقد مؤتمرا صحفيا عالميا ويفتح أبواب الهرم أمام الصحفيين لأول مرة بعد سنوات من إغلاقه.
«الأخبار» استعرضت الآراء المختلفة التي تكشف أن الخلافات غير مقصورة علي طرفين، حيث رصدت خلافا بين أطراف الفريق الذي تتبني نفس وجهة النظر. الغريب أن «اليونسكو» تظل الغائب الحاضر حيث يستعين الطرفان المتنازعان بتقرير وحيد لها، ويؤكد كل منهما أنه يؤيد وجهة نظره.
في البداية تؤكد مروة الزيني «اخصائي ترميم الآثار والمنسق العام للحملة المجتمعية للرقابة علي التراث والآثار» أن اخطاء الترميم واضحة في الجزء الخارجي للهرم لأن نوع الحجر الذي تم الترميم به مخالف لنوع أحجار الهرم كما أن كمية الأحجار التي استخدمت قد تمثل حملا علي الهرم مما يهدد بانهياره.
أما بالنسبة لأعمال الترميم الداخلية فتؤكد الزيني أن بعض أعضاء الحملة ذهبوا للهرم لأخذ عينات من الداخل يتم من خلالها تقييم ما تم من أعمال والتحدث علي أساس علمي ، ولكن طلبهم قوبل بالرفض بدعوي أن الهرم مغلق منذ فترة.. وتطالب الزيني بضرورة تشكيل لجنة تحقيق وتقييم تتكون من أساتذة ترميم وأخصائيين تابعين لمنظمات اليونيسكو والإيكروم وغيرها من المنظمات المعنية لفحص أعمال الترميم وعمل تقرير دقيق عنها..
وتوضح مروة أن الحملة سبق أن أرسلت عدة شكاوي للدكتور محمد إبراهيم وزير الأثار السابق توضح الضرر الذي وقع علي الهرم المدرج نتيجة أعمال الترميم ، وعندما فحص الأمر وتأكد منه قرر إيقافه لمنع أي أضرار تلحق بالهرم.
تقرير اليونسكو
وتشير الدكتورة مونيكا حنا أستاذ علم المصريات بالجامعة الأمريكية إلي أنها استطاعت الحصول علي تقرير جورجيو كورتشي مبعوث اليونيسكو في الفترة من 26 إلي 29 سبتمبر 2011 بشأن القلق تجاه المنشآت الداخلية والخارجية لهرم زوسر المدرج « سقارة « والذي أكد علي وجود بعض المشاكل في أعمال الترميم.. وبالاطلاع علي التقرير الذي أمدتنا به الدكتورة مونيكا وجدنا أن هناك ملاحظة وردت به عن عدم وجود خطة محددة لأعمال ترميم الهرم وناقش الاقتراحات المختلفة لترميم سقف الهرم ، كما وصف التقرير المقترح الذي كان مطروحا وقتها قائلا : «هذا التدخل لا يتسق مع فلسفة الحفاظ علي الآثار لأن هذا السقف الجديد سيغير تماما النظرة إلي المبني الأصلي، حتي لو من الجزء السفلي من سقف البئر الذي ستكون تفاصيله غير مرئية.»
وتضيف الدكتورة مونيكا أن شكل الوجهة الجنوبية من الهرم تغير تماما بسبب إضافة عدد كبير من الأحجار التي تختلف كليا عن الأحجار التي استخدمت في بناءالهرم.. وشككت في أن تكون نسبة الأحجار التي تم إضافتها لا تتعدي ال 5 % التي تنص عليها الاتفاقات والقوانين الدولية الحاكمة لعمليات الترميم، حيث تمنع إضافة أكثر من هذه النسبة ، وتطالب بتشكيل لجنة محايدة تضم جميع الجهات والمنظمات المعنية للوقوف علي ما تم الوصول إليه حتي الآن في أعمال ترميم الهرم.
المخدات الهوائية
بينما يتطرق أحمد شهاب « مرمم ورئيس جمعية رعاية حقوق العاملين وحماية آثار مصر» إلي مخالفات ترميم هرم سقارة مؤكدا أنها بدأت منذ إبرام العقد بين الشركة المنفذة « شركة الشوربجي» ووزارة الآثار والذي بدأ من عام 2006، ويضيف أنه كان من المفترض أن تنتهي الشركة من عملها في 2008 ولكنها لم تنجزه حتي الآن ، ويطرح العديد من التساؤلات تدور حول تدخل شركة «سينتك الإنجليزية» لتركيب 8 مخدات هوائية لسقف البئر الداخلي للهرم علي الرغم من أن العقد المبرم ينص علي أن تقوم الشركة بالعملية برمتها ، ومن الذي تحمل تكلفة هذه المخدات خاصة أن تكلفة المخدة الواحدة وصلت إلي ربع مليون جنيه ؟ وكم عدد عمليات الترميم التي قامت بها الشركة لتتولي عمل بحجم ترميم هرم سقارة ؟
ويتناول عملية الترميم من الناحية الفنية موضحا أنه كان يفترض الانتهاء منه أولا لأن الهرم يحتوي علي أكثر من 30 ممرا داخليا بعكس الأهرامات الأخري ، وكان يجب تدعيم الممرات الداخلية للهرم ، أما بالنسبة للترميم الخارجي فقد قامت الشركة بإزالة طبقة الرديم من علي سطح البلوكات الحجرية وهو الأمر الذي يعرض الأحجار للتأثر بالعوامل الجوية من حرارة ورطوبة وأمطار ورياح بسبب طول مدة عملية الترميم.
كما أشار إلي أنه تم إضافة عدد كبير من الأحجار الجديدة مما أدي إلي زيادة الأحمال علي جسم الهرم وتغير شكله ليظهر كأنه مبني جديد.. وهوالأمر الذي يخالف توصيات اليونيسكو بألا تزيد عمليات الاستكمال في الأثر علي 5% من حجمه، كما أن قانون حماية الآثار المصري رقم 117 لسنة 1983 يجرم تشويه الآثار وتغيير معالمها.
ويطالب القيادة السياسية بزيارة الهرم وتكوين لجنة تابعة لرئاسة الوزراء لمتابعة ومراجعة جميع مشروعات وزارة الآثار والوقوف علي تواريخ تسليمها وقيمة التعاقدات بينها وبين الشركات المنفذة للمشروعات.
ونظرا لخطورة الاتهامات السابقة التي وصلت إلي حد التحذير من انهيار الهرم، انتقلنا إلي منطقة سقارة لمعاينة أول بناء حجري في التاريخ، وخلال الجولة تحدثنا إلي علاء الشحات مدير عام آثار سقارة الذي أكد علي سلامة الهرم والمتابعة المستمرة له من قبل المسئولين والوزراء المتتابعين كما أوضح أن الأحجار التي تم استخدامها في عملية الترميم لابد أن تكون مختلفة عن الأحجار الرئيسية للهرم لكي يكون الفرق واضحا حتي لا تعد إضافته تزويرا في الأثر.
ويرد صبري فرج مدير منطقة سقارة علي بعض تساؤلات المرمم أحمد شهاب مؤكدا أن عقد الشركة بدأ بالفعل منذ 2006 وكان من المفترض انتهاء أعمال الترميم في عام 2008 ، لكن أثناء عمل الشركة ظهرت مستجدات دفعت الوزارة لإبرام عقدين تكميليين مع الشركة لإتمام أعمال الترميم.. ونفي أن يكون سبب إيقاف الترميم منذ عام 2013 هو اكتشاف أخطاء مؤكدا أن ذلك حدث بسبب عدم توافر التمويل اللازم لاستكمال الأعمال، حيث توقف العمل بعد ثورة يناير في عام 2011 وتم استئنافه مرة أخري في عام 2012 لمدة ثمانية شهور فقط.. أما بالنسبة للاستعانة بالشركة الأجنبية «سينتك» فيقول: لقد تعاقدت معها شركة الشوربجي لعمل المخدات الهوائية في سقف بئر الدفن.
ويتطرق عبده عثمان المشرف علي المشروع ومفتش آثار سقارة إلي بعض ما يثار عن عيوب الترميم قائلا : لم نلجأ للتخلص من الرمال الموجودة علي الأحجار إلا للضرورة فقط ، علي الرغم من أن تواجد الرمال مع تساقط الأمطار يجعل الأملاح تتفاعل وتعمل علي تآكل الحجارة.. ويشدد علي أن الأحجار التي تمت إضافتها لا تزيد علي 5 %، حيث يصل عدد أحجار الهرم إلي مليوني حجر تقريبا في حين أن ما تم إضافته لسد الفجوات يصل إلي 5 آلاف حجر فقط من أحجار طرة لأنها تعتبر من أجود أنواع الحجارة ولها نفس مواصفات الحجر الأثري القديم وستكتسب نفس لون حجر الهرم بعد عام ونصف أو عامين..
ويشير عبده إلي أن الشركة المسئولة عن الترميم منذ بداية عملها لم تتخذ أي خطوة في إجراءات الترميم إلا بعد اتفاق لجان المتخصصين من «المهندسين والأثريين والمرممين» علي قرار واحد للمضي قدما إلي الخطوة التالية ، كما أنه كان يتم عمل محاضر تنسيق للأعمال اليومية من قبل هذه اللجان ويتم الموافقة عليها واعتمادها.. وكان كل ذلك بهدف تفادي أي خطأ مهما كانت بساطته في أثر ذو قيمة كبيرة مثل هرم سقارة.
الوزير السابق
«لم يرد لي أي تقارير عن عيوب في ترميم الهرم المدرج عندما كنت أتولي أمر وزارة الآثار» بهذه العبارة بدأ الدكتور محمد إبراهيم وزير الآثار السابق حديثه، وأضاف أن ما يثار حول مشاكل الترميم كان مطروحا كانتقادات مرسلة، لكن لم تكن لهذه المشاكل أساس من الصحة ،وينفي ماردده معارضو الترميم عن أنه أوقف العمل نتيجة اكتشافه أخطاء فيه، ووصف كلامهم بأنه : «عار تماما من الصحة ، خاصة أنني أرسلت لليونيسكو جميع التقارير الخاصة بأعمال ترميم الهرم المدرج ولم ترد المنظمة الدولية لنا بأية ملاحظات سلبية، وهو ما يعني أننا نسير في خطوات سليمة «.ويبرر إيقافه الترميم بأنه كان ينتظر من الرقابة الإدارية أن تقوم بالبت في بعض الشكاوي التي قام بتحويلها إليها للتحقيق فيها بجانب مشكلة أخري أساسية هي عدم وجود التمويل اللازم لاستكمال الأعمال ، ويضيف : فعلت ذلك لأنني لم أري أي مشاكل في إيقاف الترميم لفترة «.
أهم مشروعاتي
عندما كان الدكتور زاهي حواس يتولي مسئولية المجلس الأعلي للآثار تم إبرام التعاقد مع الشركة المنفذة، وبعدها بسنوات تحول المجلس الأعلي لوزارة تولاها حواس في أعقاب ثورة يناير. وخلال هذه الفترة بدأت الانتقادات تواجه مشروع الترميم وتتعالي الصرخات المحذرة من انهيار أول هرم في التاريخ، ويواجه حواس كل ذلك بعبارة مختصرة : «أهم مشروع قمت به في حياتي هو أنني بدأت عملية إنقاذ الهرم من دمار محقق». ثم يوضح ان مشكلة الهرم ترجع إلي عام 1982، فقد ساءت حالته وبدأ تساقط حجارة منه وحدوث شروخ في المقبرة الجنوبية ، وقام مركز هندسة الآثار بجامعة القاهرة بإعداد ثلاثة مشروعات لترميم الهرم المدرج ومقابر السرابيوم والمقبرة الجنوبية، وجاء العديد من رؤساء هيئة الآثار ولكنهم لم ينفذوا أيا منها.
ويواصل : عندما توليت مسئولية المجلس الأعلي عام 2002 نفذت مشروع ترميم «السرابيوم» بعد إجراء مناقصة فازت بها شركة «المقاولون العرب»، ثم قمت بعمل مناقصة محدودة لمشروع ترميم الهرم المدرج شاركت فيها شركتا المقاولون العرب والشوربجي ، وعندما قمنا بفتح المظاريف كان عرض الشوربجي أقل بخمسة ملايين جنيه ، أما من النواحي الفنية فكانت متقاربة لدي الشركتين، وكلاهما قامت بمشاريع سابقة في هذا المجال حيث سبق لشركة الشوربجي أن قامت بترميم عمود السواري في الإسكندرية بصورة ممتازة.. وعندما أسند المشروع للشركة بدأت في إعداد عدة دراسات مع الاستشاري الدكتور حسن فهمي.
ويستطرد : بدأ فريق العمل بترميم الناحية الشمالية لأنها كانت تتساقط، وهو السبب الذي جعلهم يزيلون الأتربة الموجودة لتدعيم الأحجار من تحتها ، وجاء قرار إزالة الأتربة بعد عمل عشر إجتماعات في وجود أثريين ومرممين والدكتور حسن فهمي استشاري المشروع ، وبعد الانتهاء من الناحية الشمالية بدأ العمل في الناحية الغربية أما الجنوبية فكان المرمم الفرنسي العالمي لوير قد دمرها تشريحيا تماما، حيث قام ببناء حوائط فيها فأزلناها ورممنا هذه الناحية من جديد ، ثم بدأنا في تنفيذ فكرة عمل شبكة لكي تتحمل حجرة الدفن.. وفي عام 2011 خرجت بعض الشائعات لتزعم أن اليونيسكو أخرجت الهرم المدرج من قائمة التراث العالمي وهو السيناريو الذي يتكرر هذه الأيام في حين أن مندوب اليونيسكو في ذلك الوقت أشاد بأعمال الترميم وكان تحفظه الوحيد هو عدم موافقته علي عمل شبكة تثبت أعلي السقف لأنه يري أنها ستكون غريبة عن أصل الأثر، وهو الأمر الذي كنت مقتنعا به تماما ، وقمنا بتنفيذ وصيته واستبدلنا المقترح باستخدام المخدات..
مصالح شخصية
ويرد علي من يرون أن شكل الهرم تغير بعد الترميم وإضافة عدد كبير من الأحجار غير المطابقة لمواصفاته قائلا : من يردد هذا يتحدث بدون فهم أومشاهدة ، لأن المرمم العالمي لوير قام ببناء المجموعة الهرمية بجانب الطريق الصاعد للهرم بالكامل أما نحن فكل ما فعلناه هو دعم الهرم بالحجر والمونة المناسبة والمطابقة تماما، وقد استغرق الاتفاق عليها ستة أشهر من الدراسات العلمية الدقيقة والمتعددة، كما قمنا بترميم الأجزاء الضعيفة من الداخل والخارج في نفس الوقت ولم تحدث أي مضاعفات. ويؤكد أن البدء بترميم الجزء الداخلي قبل الخارجي كان من الممكن أن يسبب كارثة ويعرض الهرم للانهيار لأن حجارته كلها هشة وسائبة، وهناك كمية كبيرة من الاتربة لو تمت إزالتها قبل الترميم الخارجي لحدث انهيار، لهذا كان البديل المناسب هو الترميم المتزامن في الداخل والخارج.
ويؤكد وزير الآثار الأسبق أن كل من زار الهرم من معاهد الآثار العلمية المحترمة في مصر أو الخبراء الدوليين أشادوا بأعمال الترميم ، ويري أن ما يحدث الآن من إثارة شائعات ماهو إلا عبارة عن انتقامات شخصية.
وينتقد وقف أعمال الترميم ويصف هذا القرار بأنه جريمة في حق الهرم المدرج لأن مبرر عدم وجود تمويل أو اعتمادات لاستكمال الأعمال يعد سببا واهيا، حيث كان من الممكن الحصول علي التمويل باللجوء إلي جهات دولية لأن الآثار ملك العالم كله.
عمل علمي
«كل مايثار حول ترميم الهرم لا أساس له من الصحة علي الإطلاق، لأن هذا العمل تم تنفيذه بعد دراسات عديدة استغرقت سنوات». هذا ما أكده الدكتور حسن فهمي أستاذ المنشآت الجوفية بهندسة القاهرة، وأضاف : أنا أستاذ جامعي منذ عام 1958 وأعمل في مجال ترميم الآثار الفرعونية منذ عام 1974 ولا يمكن أن أدخل في عمل بدون دراسة جيدة له ، ويوضح أن الهرم تعرض لهزة أرضية سنة 1985 أثرت عليه من الداخل والخارج وتكرر الأمر في زلزال عام 1992، لهذا قام مع زملائه بإعداد تقارير تؤكد ضرورة معالجة الانهيارات الموجودة فيه حفاظا علي التراث القومي ، وفي عام 2001 قمنا بعمل دراسة مفصلة وأعددنا كراسة شروط ومواصفات وأصبحت ضمن الهيئات الإستشارية للمشروع.. وراعينا أثناء الدراسات والعمل جميع المعايير المحلية والدولية والمواصفات الهندسية لأننا نتعامل مع تراث ، وفي بداية عملنا واجهتنا مشكلة وجود انهيارات جزئية كان لابد من إزالتها وتأمين المكان قبل الدخول وظللنا نزيلها لمدة عام كامل لأن العمل لابد أن يكون يدويا، كما أن حجم هذه الانهيارات وصل إلي 480 متر مكعب في سقف الهرم، بالإضافة إلي انهيار في الغرفة الجنائزية وقمنا بعمل توثيق معماري وفيزيائي ومساحي وفوتوجرامتري وكل هذا متواجد في قطاع المشروعات بالوزارة.
ويؤكد انه تم تشكيل لجنتين الأولي ترميمية والثانية هندسية ولم يتم اتخاذ اي اجراء إلا بعد عقد اجتماعات يتم اثبات مناقشاتها في محاضر رسمية، والموافقة عليها من قبل هذه اللجان.
ويصف الدكتور حسن من ينتقدون أعمال ترميم الهرم بأنهم لا يمتلكون أي خبرات، ويرد علي ما أثير حول إضافة أحجار جديدة يتجاوز عددها نسبة ال 5% من الحجارة الأصلية مؤكدا أن كل المواثيق الدولية والمحلية تنص علي أنه في حالة تعارض المعايير الأثرية مع الاتزان الإنشائي للآثر فإن الإتزان الإنشائي ذو أولوية.
تطبيق حرفي
لم يكن الشكل الخارجي هو محور الانتقادات الوحيد، فقد أعرب معارضو المشروع عن قلقهم من الترميم الداخلي خاصة بعد أن تم منعهم من أخذ عينات منه لدراستها، غير أن الدكتور مصطفي الغمراوي الأستاذ بكلية هندسة الأزهر والمسئول عن الترميم الداخلي للهرم يؤكد أنه تم إتباع المعايير الدولية حرفيا في ترميم هرم سقارة، ويوضح أن الهرم داخله نفق رأسي ينتهي بحجرة دفن الملك زوسر، ويعد مستوي غرفة الدفن أقل من مستوي نهر النيل ، لهذا فإن مشكلات أحجار النفق الرأسي بدأت منذ أيام الفراعنة حيث أن أحجاره بدأت تتقشر وتم ترميمها في القرن السادس قبل الميلاد وهناك بعض الشواهد علي ذلك..
ويستطرد : قمنا ضمن أعمال الترميم الداخلي بتثبيت السقف بشكل حديث جدا يستمر علي مدار قرون قادمة ، وأثناء عملنا اقترح أحد مسئولي الآثار بالإستعانة برأي خارجي وقام بالاتصال باليونيسكو فأرسلت جورجيو كورتشي أكبر خبير عالمي في ترميم المباني الأثرية الحجرية وسألنا أسئلة دقيقة جدا وكتب تقريرا يشيد بالترميم.
بعد استعراض وجهات النظر المختلفة لا نملك إلا المطالبة بجهة محايدة تحسم هذا الخلاف، لأن تبني رأي دون الآخر سيجعل الأمر أشبه بمعركة كلامية لا تنتهي، ويصبح الخاسر الوحيد فيها هو هرم سقارة الذي نرغب جميعا في الاطمئنان عليه وسط مباريات الاتهامات المتبادلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.