أڤيجدور ليبرمان لم تعارض دائرة سياسية التهدئة أو الهدنة في قطاع غزة أكثر من وزير الخارجية الإسرائيلي، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني أفيجدور ليبرمان، فالأخير لا يرضي بديلاً عن القضاء علي المقاومة الفلسطينية واجتثاث جذورها، معتبراً أن انسحاب جيش الاحتلال من القطاع جاء مبكراً، لا سيما أن عملية «الجرف الصامد» حسب اعتقاده لم تحقق المرجو منها. نظراً لمواقفه بالغة التطرف، حرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علي إبعاده عن أية جهود أو اتصالات تجري بين تل أبيب والدوائر الضالعة في وقف إطلاق النار بالقطاع، لدرجة أن ليبرمان قال بعد طرح المبادرة المصرية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة، أنه لم يسمع عن المبادرة إلا عبر وسائل الإعلام فقط، وأن نتنياهو حال دون إطلاعه عليها، لعلمه المُسبق بمواقف ليبرمان الرافضة لوجود المقاومة الفلسطينية علي الأرض. ويري المراقبون في تل أبيب إن وجود ليبرمان في الائتلاف الحكومي وحصوله علي حقيبة الخارجية يعود بالأساس لحسابات سياسية، حرص نتنياهو من خلالها علي تدعيم وضعيته في الكنيست «البرلمان»، للحيلولة دون التصويت بسحب الثقة عنه وائتلافه. يكشف سجل ليبرمان ومواقفه السياسية عن أيدلوجيات وتوجهات مثيرة، لاسيما فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، فلا يميل وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف للاعتراف بدولة فلسطينية إلا بشروط، تنزع عن الدولة المستقبلية وجودها قبل ميلاده، الأكثر من ذلك أنه كان من أشد المعارضين لتفاهمات أوسلو، ورأي أن «تهجير الفلسطينيين من أراضيهم» هو الحل الأفضل للصراع، وخلال انتخابات الكنيست عام 2006، اقترح تبادل أراض مع الفلسطينيين، لضمان أغلبية يهودية في الدولة العبرية. ويعادي ليبرمان اليسار الإسرائيلي، وأكد غير ذي مرة أنه سبب الكوارث التي تلحق بإسرائيل، ورفض الدعوات الرامية إلي فصل الدين اليهودي عن الدولة، مشيراً إلي أن الطرفين وجهان لعملة واحدة لا يمكن الفصل بينهما، كما طالب بمحاكمة أعضاء الكنيست العرب «عرب 48»، الذين حرصوا علي لقاء قيادات حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وخارجه. رؤية ليبرمان لعلاقات بلاده الخارجية تنطوي علي محاور مختلفة، إذ يري أن هناك ضرورة لضم إسرائيل للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي، كما كان له دور كبير في تعزيز العلاقات الإسرائيلية الروسية، ورأي أن تلك العلاقات ستخدم المصالح الإسرائيلية، ولذلك تم تعيينه ممثلاً عن الحكومة الإسرائيلية للحوار الاستراتيجي مع الكرملين الروسي، وهو الحوار الذي تم الاتفاق عليه بين البلدين عام 2009. رغم تطلعات ليبرمان الرامية إلي توطيد علاقات إسرائيل الخارجية، إلا أن شخصيته المتطرفة، وارتجاله في إطلاق التصريحات غير المسئولة، جعل توليه ملفاً سياسياً ضرباً من الجنون بمقاييس فقه العمل الدبلوماسي، ففي عام 2009 التقي ليبرمان الوزير الراحل عمر سليمان، وطلب الأول من الأخير أن يعرض علي الرئيس الأسبق حسني مبارك زيارة إسرائيل، لكن طلبه قوبل بالرفض الدبلوماسي، وفي رد فعل متطرف قال ليبرمان في تصريحات صحفية «إذا لم يرغب مبارك في زيارة إسرائيل فليذهب الي الجحيم». وبنفس الأسلوب غير المسئول هدد ليبرمان مصر في اجتماع مع عدد من السفراء، حينما قال في رده علي سؤال حول تصوره لحرب مرتقبة مع اسرائيل: «سنضرب السد العالي، إذا شنت مصر هجوماً عسكرياً علي اسرائيل».