المقاهى العشوائية تفترش الشوارع والميادين عشوائية ..صخب وضجيج .. زحام كبير .. معظم الرواد من الشباب .. انها المقاهي العشوائيه التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الماضية .. حتي اصبح من النادر ان يخلو منها شارع او حارة . واصبحت متنفسا للشباب العاطل ومأوي للباحثين عن الكيف بالاضافة الي كونها مكانا للتسلية وقتل الوقت وربما الفرجة علي الناس . المؤسف ان هذه المقاهي خارج السيطرة والرقابة ، مما يجعلها مصدر ازعاج لشغلها الارصفة بل ونهر الطريق مما يعرض المشاة للخطر والمضايقات ولايتوقف الامر عند هذا الحد وانما تعد هذه المقاهي مصدر خطر علي كل من يرتادها من الشباب حيث ينشط بها تجار المخدرات لتوزيع بضاعتهم. الكافيتريات العشوائية ملأت الأرصفه والشوارع حتي في المناطق الراقية.. وأصبح أصحابها لا يخشون القانون لتتبدل شوارع المناطق الراقية الي كراسي و طاولات متناثرة هنا وهناك.. ومع انتهاء خيوط الليل وبداية خيوط النهار تختفي هذه المقاهي لتعود من جديد كل مساء .. قررنا القيام بمغامرة صحفية بمقاهي مصر الجديدة بمنطقتي الماظة وميدان تريومف التي انتشرت بشكل عشوائي واضاعت المشهد الجمالي لهذه المناطق وسط غياب شبه تام من قبل المحافظة واجهزتها لنكشف مايدور في هذه المقاهي. البداية بدات أولي دقائق مغامرتنا الصحفية بأحد المقاهي بمصر الجديدة والتي اتخذت من الرصيف المواجه امتدادا لها ..دخلنا علي صاحب هذا المقهي وبعد حديث طويل معه وافق أن اعمل معه .. واستعرت أحد الاسماء التي يسهل علي الزبائن أن ينادوني بها و هو «شعباني وتخصصت بعدد من الطاولات علي الرصيف المواجه للمقهي ولم تمر ساعة واحدة الا واصبح اسم شعباني يتردد في المقهي .. هات شاي ياشعباني .. نشكافيه ..كابتشينو ياشعباني .. وانا احاول حبك الدور .. حاضر ياباشا .. الشيشة المتينة حالا . ساعتان متتاليتان أقوم بتوصيل الطلبات للزبائن الزحام يتواصل والمقاعد تتراص حتي وصلت الي مسافة بعيدة حول المقهي ..المنطقة بأكملها تحولت الي اشبه بمنطقة عشوائية بسبب الطاولات والكراسي التي غطت جنبات الشارع و اعاقت حركة سير السيارات.. وفي المقهي المجاور عندما ذهبت اليها لأحضار عدد من الاكواب .. وجدت أحد الاشخاص يقف بجوار المعلم صاحب «القهوه البلدي» يحاول أقناعه ويتوسل اليه بأن يقبل ابنه أن يعمل «صبي» لديه نظرا لضيق ذات اليد .. ياربي حتي مهنة القهوجي تحتاج الي واسطة !! الحشيش يكسب من بين المشاهد التي رصدناها من خلال مغامرتنا داخل المقهي رائحة دخان مخدر «الحشيش» التي تفوح في احد اركانه دون اي اكتراث من باقي الرواد مما يؤكد ان تعاطي الحشيش اصبح امرا عاديا داخل المقاهي العشوائية.. سواء «كسيجارة» او عن طريق «حجر الشيشة».. جلس مجموعة من الشباب علي احدي الطاولات التي وضعت علي الرصيف ونادي أحدهم «يا شعباني» فاتجهت اليهم وأعطوني قطعة من الحشيش لأضعها لهم في «حجر الشيشة».. وقام بعضهم بإشعال قطعة اخري كسيجارة و لم يعيروا اي اهتمام للمارة بل للمسجد الذي يبعد أمتارا قليلة عن المقهي وارتفاع صوت الاذان. واصلت عملي في المقهي و دخلت في مناقشات مع الزبائن اثناء وضع الطلبات حول حول مدي أهمية المقهي بالنسبة اليهم حيث قال ماهر محمد انه يعشق الجلوس علي المقاهي التي تبعده عن حالة الاحتقان السياسي الذي تشهده مصر حاليا..وأضاف أن الكبير و الصغير يتحدث في السياسة..اما علي المقهي أجلس مع أصدقائي نتحدث في كل شئ الا السياسة التي اصبحت تمثل لنا ثقلا لا نستطيع تحمله لا يهمنا ان كان مقهي عشوائيا أو غير وأنما الاهم أن نقضي ليلتنا بعيدا عن كل ما يعكر النفس..وبجواره يجلس صديقه محمود الذي التقط طرف الحديث وأوضح انه علي الرغم من ارتفاع تكاليف المشروبات عقب ارتفاع الاسعار الا اننا علي استعداد تام بأن ندفع اكثرعلي المقهي حتي ولو كان عشوائيا في سبيل أن نبعد كل البعد عن الزخم السياسي الذي اصبح يمثل كابوسا مزعجا لنا نحن الشباب أكثر من الكبار.. وكالعادة سمعت كلمة السر «يا شعباني» فاضطررت لأن أقطع الحديث مع عدد من الشباب الذين أظهروا ما بداخلهم من كره للسياسة. وذهبت الي أحد الزبائن لأقدم له «شاي سكر زيادة» و تعرفت عليه وقال إن اسمه نصر سامي يعمل مهندسا وأكد ان المقاهي العشوائية انتشرت بصورة كبيرة خاصة في المناطق القربية من المؤسسات والهيئات الحيوية بالقاهرة وكورنيش النيل والكباري واصبحت هذه الظاهرة السلبية تسبب ازمة كبيرة في وسط البلد بعدما فشلت حملات المرافق و الاحياء في القضاء عليها .. وقال ان السبيل الوحيد للخروج من الازمة والقضاء علي هذه الظاهرة العشوائية التي انتشرت بشكل مخيف هو تكثيف الوجود الامني بهذه المناطق واعلي الكباري وتعيين خدمات امنية ثابتة لمنع اعمال البلطجة والتحرش التي تشهدها هذه المناطق بسبب الانتشار العشوائي لهذه المقاهي التي يقيمها الخارجون علي القانون وفارضو الاتاوت..واختتم حديثه انه علي الرغم من انه يعرف بأن المقهي الذي يجلس عليه خرج بطاولاته وكراسيه واقتطع جزءا كبيرا من الرصيف الا انها السبيل الوحيد التي تبعده عن زخم الحياة اليومية وبالاخص السياسة. فوضي وسلبية يقول اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الاسبق ان كمية المقاهي التي أصبحت تمليء شوارع وميادين مصر بصورة عشوائية امرا يحتاج الي وقفة جادة وصارمة فهذا ليس نوعا من الانفلات الامني بقدر ما هي أزمة تختص بالمحليات و المحافظات ، والازمة الحقيقة فان كل ذلك يحدث امام اعين المسئولين في الاحياء وذلك يضع العديد من علامات الاستفهام فعلي مدار الثلاث سنوات الماضية عانينا من فوضي وعشوائية ليس لها مثيل وهذا ما ندفع ثمنه الان و ما يعانيه المواطن..مشيرا البعض استغل فترة غياب القانون. القنوات المشفرة ويقول ايهاب الدسوقي استاذ الاقتصاد رغم ارتفاع الاسعار الذي طال الجميع انعكس ذلك علي المقاهي ايضا لترتفع اسعار المشروبات بشكل جنوني ، كما ان تكرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل في فصل الصيف ، جعل الغالبية العظمي من الشباب تهرب الي الجلوس علي المقاهي سواء المكيف منها او التي تفترش الشوارع والارصفة بكراسيها ، كما ان مباريات كرة القدم او اي احداث تقع في المنطقة تتسبب في زيادة اقبال المواطنين علي المقاهي خاصة وان اغلب القنوات تكون مشفرة والسواد الاعظم من المواطنين لا يقدرون علي دفع هذه المبالغ الطائلة ويكتفون بدفع جنيهات معدودة مقابل مشروب او «كرس شيشة»،بالاضافة الي انها بديلا للشباب و اصحاب المعاشات من محدوي الدخل عن اسعار النوادي الباهظة. حرمة الطريق وتضيف سامية خضر استاذ علم الاجتماع الخطورة ليست في المقاهي ولكنها في العشوائية التي يتم بها افتراش الارصفة والشوارع والتي تتسبب في ازعاج للسكان والمواطنين بالاضافة الي تضييق حرم الشوارع والتي تزيد من ازمة المرور في القاهرة الكبري والمحافظات المختلفة.