القرار الاخير في تل ابيب يعود الي كوهين لم تعرف المؤسسة الأمنية في تل أبيب كادراً بحنكة وخبرة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي يورام كوهين، ولعل ذلك هو ما أهّله لخلافة رئيس الجهاز السابق يوفال ديسكن، فرغم أن كوهين لم يكن من مرشحي ديسكن للخلافة، إلا أن سيرته الذاتية ومواقفه السرية والمعلنة، جعلت نتانياهو يقرر توليه المنصب في الخامس عشر من مايو 2011 حتي الآن. ثقة نتانياهو في خبرات كوهين، لا سيما ما يتعلق منها بملف التنظيمات الفلسطينية، حرضته علي تصعيده لرئاسة وفد إسرائيل في المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين وإسرائيل في القاهرة برعاية مصرية، فتقدّم كوهين عبر هذا التصعيد علي رجل الأمن المخضرم عاموس جلعاد، وصديق نتانياهو المقرب جداً المحامي يتسحاق مولخو، ورغم أن الأخيرين هما ضلعا المثلث التفاوضي الإسرائيلي في القاهرة، إلا أن القرار الأخير قبل القيادة السياسية في تل أبيب يعود إلي كوهين. يميل كوهين في أيديولوجياته الفكرية والعقائدية وكذلك السياسية إلي معسكر اليمين المتطرف، ويمتلئ سجله المهني بالعديد من العمليات الدموية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربيةوالقدس وحتي في غزة، فالرجل كان مسئولاً لفترة ليست بالقصيرة عن عمليات تصفية عناصر المقاومة الفلسطينية، إذ انه كان رئيساً لإدارة «تصفية الكوادر الفلسطينية والإيرانية»، وانطلاقاً من هذا الدور كان كوهين هو المهندس لعملية اغتيال القيادي الحمساوي، قائد كتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري، وغيره من قيادات التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة. ولعب يورام كوهين دوراً محورياً في العمليات التفاوضية التي جرت بين حماس وإسرائيل لإطلاق سراح الجندي المخطوف حينئذ بالقطاع جلعاد شاليط، وبينما كان رئيس جهاز الأمن العام في حينه يوفال ديسكن يرفض إبرام صفقة للإفراج عن شاليط، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من الأسري الفلسطينيين، فتح كوهين خط اتصال مباشر مع بنيامين نتانياهو، وأقنعه بإتمام الصفقة. وفي جلسات أخري بين الرجلين أعرب كوهين عن تقديراته بأن قوة حركة حماس تتعاظم، بينما تقلصت قوة ونفوذ حركة فتح، إلا أنه قال: «أستطيع التعامل مع حماس مهما كانت قوتها». ومن واقع خبرته في دراسة توجه وتطلعات التنظيمات الجهاد في الأراضي الفلسطينية وغيرها، أكد كوهين في مقالاته ودراساته: «إن حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية ترغب في إحياء العصر الذهبي للدولة الإسلامية، وتحاول إقامة كيان إسلامي عالمي علي حساب أي توجه أو أيديولوجيات عقائدية أخري، وهو التطلع الذي تسعي حماس إلي تنفيذه حتي إذا كان بالعمليات المسلحة». المقربون من كوهين أكدوا أنه لا يؤمن بأي ثوابت، ورغم أنه يميل إلي الهدوء والصمت في كثير من المواقف، إلا أنه لا يتورع أن يباغت الجميع بردود أفعال قوية وعنيفة دون اكتراث لتأثير ذلك علي من حوله، فيتحول صمته الممل إلي قنابل مدوية، تكشف عن مدي إدراكه وإلمامه بكل ما يجري حوله. ولد رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي ال «شاباك» يورام كوهين في الخامس عشر من أكتوبر عام 1960، وهو ابن ليئا وموشي كوهين، اللذين هاجرا من أفغانستان إلي اسرائيل في خمسينيات القرن الماضي، وفي طفولته عاش في مستوطنة «شبيرا» الواقعة جنوب تل أبيب، وتلقي في المكان ذاته دراسة دينية متشددة، وفي عام 1979 تجند في الجيش الإسرائيلي، واختار الخدمة في وحدة القوات الخاصة «جولاني»، وبعد تسريحه من الجيش عمل في جهاز الأمن العام ال «شاباك»، وخلال خدمته درس اللغة العربية فأجادها بطلاقة، وفي عام 1996 وصل إلي أهم منصب وهو قيادة فرقة «الاغتيالات» في القدس والضفة الغربية. وفي عام 2008 هاجر إلي الولاياتالمتحدة، وهناك عمل باحثاً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، وبعد عودته لاسرائيل عام 2010، تم تكليفه بوضع تصور لاسترايتجية الأمن العام الإسرائيلي خلال العقد القادم، او بعبارة أخري حتي عام 2020. تخرج يورام كوهين في كلية الأمن القومي الإسرائيلية، ثم حصل علي الماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا. ومنذ عام 1983 وهو يقيم مع أسرته في حي «راموت» بالقدس، وهو متزوج ويعول خمسة أبناء.