د. م. نادر رياض وليس المقصود من هذا المثال أن يفهمه البعض علي أنه دعوة لزيادة الأسعار علي المصريين بل هو في الواقع دعوة لتوحيد الأسعار عند حدها المخفض أما وقد أصبح لمصر رئيساً منتخباً له منا حق الولاء ومن الشعب بالكامل وتقع عليه المسئولية الرعوية قبل هذا الشعب بالكامل علي امتداد الرقعة الجغرافية لبلادنا الغالية وعلي المؤسسات والقوي الوطنية والمجتمعات الصناعية والإنتاجية أن تقف خلفه داعمة له ومتكاملة معه في الحفاظ علي المصالح الوطنية للبلاد سواء علي جانبها المادي أوالمعنوي متوحدين خلف الهدف الأسمي ألا وهو بناء مصر المستقبل..مصر الأمل..ويعن لي في هذا المقام أن أطرح موضوعاً يمس سلامة الكيان الاقتصادي بأكمله ألا وهو تشوهات الأسعار التي نحياها. لاشك أن قضية الأسعار من منظورها الاقتصادي تشكل أحد المؤشرات الهامة التي يمكن عن طريقها تقييم الاقتصاد لأي دولة ومعرفة مدي الاستقرار الذي يتمتع به هذا الاقتصاد.وأركز هنا علي التناقض في الأسعار وهو الأمر الذي له حساسيته لارتباط ذلك بمعايير محلية داخلية لا يوجد شبيه لها في الاقتصاديات العالمية ،مثال ذلك أن أسعار السلع في ريف مصر وصعيدها تتعرض لزيادات مجحفة رغم وحدة الدولة وانتماء المحافظات للدولة ذاتها. فلم يعد مقبولاً أن ترتفع أسعار كثير من السلع الأساسية من أرز وسكر وسجائر وشاي كلما بعدنا عن العاصمة.فعلي سبيل المثال فان علبة السجائر تباع بأسعار تزيد عن أسعارها الرسمية كلما بعدت المسافة عن القاهرة كما لو انه يؤدي عنها رسوماً جمركية كلما عبرت من محافظة إلي المحافظة التي تليها. علي الجانب الآخر كيف يستقر مفهوم وحدة الدولة في ظل تعليمات تحظر نقل أسماك من بحيرة السد شمالاً أو سجائر وحاصلات زراعية أو منتجات بعينها من محافظة إلي أخري،ومع غرابة هذا الأمر إلا أن أحداً لا يسأل كيف تقوم أجهزة سيادية تابعة للدولة بتنفيذ هذه التعليمات وهي غير المسبوقة بسائر الدول الأخري. خطورة هذا الأمر انه يمس سيادة الدولة كما يمس حرية انسياب السلع والبضائع والخدمات وهو ما ينادي به دولياً فما بالنا به محلياً؟ يمتد بنا الأمر عمقاً في الغرابة عندما نري أن القائمين علي تسعير غرف الفنادق يفرقون بين السعر المعمول به للمواطن المصري عنه للمواطن الأجنبي بفروق تصل في متوسطاتها إلي50% زيادة في الأسعار للنزيل الأجنبي بدعوي احتسابها علي أساس الدولار، وقد يبرر البعض ذلك بأن جهة الإدارة التي تعتمد الأسعار تخص المواطن المصري بمزايا لها مبرراتها السطحية من نقص الدخل وغير ذلك متناسين أن هذا الأمر في حد ذاته يمس سيادة الدولة من الحرص علي استقرار الأسعار دون تمييز أو تفرقة بين مصري وغير مصري إذ إن الجميع نزلاء أو عملاء بمسماهم المتعارف عليه مهنياً. وليس المقصود من هذا المثال أن يفهمه البعض علي أنه دعوة لزيادة الأسعار علي المصريين بل هو في الواقع دعوة لتوحيد الأسعار عند حدها المخفض وكفي الأجنبي أنه تجشم مشقة القدوم إلي بلادنا الجميلة عن طريق البر أو البحر أو الجو ليشعر بعد ذلك أن جميع الأبواب مفتوحة للترحيب به دون مغبة شبهة الاستغلال إذا ما أقام عندنا محترماً قوانين الدولة وأعرافها.وعكس هذا يطبق فعلاً حيث تتمتع الرحلات السياحية أو الوفود الأجنبية بأسعار تصل إلي10-15دولارفي الليلة بفنادق الدرجة الأولي بمنتجعات البحر الأحمر وهي ميزة لا يحصل عليها المواطن المصري. أما الاوكازيونات، فحدث ولا حرج حيث يستغل البعض موسم الاوكازيون ليطرح سلعاً من الذي اتفق علي تسميتها فرز ثان أو تلك التي شابها عيوب في الإنتاج مقابل تلك الأسعار المخفضة حيث يشمل هذا السلوك المعيب كافة السلع باستثناءات محدودة كما لو كان الإنسان لا يستطيع ضميره المهني أن يخفض الأسعار دون أن ينتقص منها بحسابات جودة المنتج متناسياً أن منظومة الجودة المستقرة في الدول الصناعية والتي نعمل علي اللحاق بها ترفض طرح أي إنتاج معيب بالأسواق. سأتوقف عند هذا الحد منتهياً إلي أن مثل هذه السلوكيات ليس لها مسمي آخر إلا إضافة عشوائيات جديدة لحياتنا في وقت لا يسمح فيه المجال لأي عشوائيات إضافية. وهنا يجب ألا نتناسي أن تصحيح «تشوهات» و«ازدواجية» الأسعار ركيزة أساسية في الإصلاح المجتمعي الذي يتكامل مع الإصلاح الاقتصادي لبناء مصر التقدمية والأمر قد يبدو صعباً للبعض،إلا أنه في حقيقته لا يتعدي تراجعاً سهلاً عن الخطأ والسير قدماً في طريق الحق والصواب. www.naderriad.com