د. مينا بديع عبدالملك وفي زمن قياسي أمكنه تصميم النافورة وحصل علي مكافأة خاصة مقدارها 300 جنيه، ووفاءً منه ظل يتذكر صداقته مع والدي. في 4 أغسطس تحل ذكري الأسقف الرائع الأنبا أنداروس – أسقف دمياط – الذي رحل عن عالمنا في عام 1972، والذي كان رائعاً عندما كان طالباً بهندسة الإسكندرية، رائعاً عندما كان مهندساً ببلدية الإسكندرية، رائعاً عندما كان راهباً بالبرية المصرية، ورائعاً عندما كان أسقفاً بدمياط. هذا الأسقف الرائع حفر اسمه علي صخر بينما آخرون نقشوا اسمهم علي وجه الماء!! ولد الطفل نبيه لطفي عزيزموسي في 10 أبريل 1930 بحي جزيرة بدران بمنطقة شبرا بالقاهرة. وكان والده عزيز موسي يعمل بتفتيش المساحة بالقاهرة. في عام 1946 حصل علي شهادة أتمام الدراسة الثانوية حيث التحق بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وفي يونيو 1952 حصل علي بكالوريوس الهندسة المدنية. فور تخرجه التحق كمهندس ببلدية الإسكندرية. في تلك الأثناء طلب منه رؤسائه تصميم نافورة مياه لتجميل ميدان حي باب شرقي بالإسكندرية، وكان يستلزم أخذ موافقة الجهات الأثرية المسئولة بالإسكندرية، وهنا تعرف علي والدي بديع عبدالملك «1908 – 1979» خبير رسم الآثار المصرية بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية - والذي ساعده في الحصول علي التصاريح المناسبة. وفي زمن قياسي أمكنه تصميم النافورة وحصل علي مكافأة خاصة مقدارها 300 جنيه، ووفاءً منه ظل يتذكر صداقته مع والدي. ثم بعد ذلك في فترة التسعينات تم نقل النافورة إلي ميدان وابور المياه بسبب إقامة نفق بمنطقة باب شرقي. في عام 1954 التحق بالكلية الأكليريكية بالإسكندرية التي أفتتحها الأب متي المسكين – عندما كان وكيلاً لبطريركية الإسكندرية – ومن ثم توطدت العلاقة بينه وبين الأب متي المسكين. وفي 10 مارس 1955 أستقال من وظيفته وهو في الخامسة والعشرين من عمره والتحق بدير السريان بوادي النطرون. وأمام أصراره علي أستكمال الطريق الرهباني رضخ والده لرغبة أبنه وسجل في سجل الزيارات بوادي النطرون الكلمات الآتية: «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه صنع بي عظائم .. سلمت ابني المهندس نبيه لطفي إلي إدارة الدير لخدمة الرب وتكريس حياته، وأتمني له حياة طاهرة نقية ونجاحاً عظيماً وتوفيقاً من الله».. وترهبن في نفس العام باسم الراهب موسي السرياني الذي أطلق عليه اسم «موسي البسيط» لبساطته وتقواه الحقيقية. في فترة رهبنته قام بتصميم استراحة جديدة بالدير تضم صالة كبيرة لخدمة زوار الدير كما أنشأ صهريجاً كبيراً لتخزين المياه. في عام 1960 عمل في سكرتارية البابا كيرلس السادس. أنتقل بعد ذلك مع مجموعة من الرهبان إلي مغاير وادي الريان وظلوا بها تسعة أعوام حتي 10 مايو 1969 عندما أستدعاهم البطريرك الحكيم البابا كيرلس السادس «1959 – 1971» البطريرك 116 وأسند اليهم الأقامة بدير أنبا مقار بوادي النطرون لتعميره معمارياً وروحياً وأستعادة مجده القديم. كان في الدير شعلة من النشاط الرهباني والفكر الهندسي الأصيل والبساطة المتناهية والطاعة للجميع. في ديسمبر 1969 أستدعاه البابا كيرلس السادس وأقامه أسقفاً علي دمياط وتوابعها باسم الأنبا أنداروس. في فترة عمله زار جميع كنائس الإيبارشية «27 كنيسة في ذلك الوقت» مرتين كل عام، وزار غالبية الأسر القبطية «حوالي 3000 أسرة في ذلك الوقت» وأعاد بناء وترميم خمسة كنائس. في الأنتخابات البطريركية عام 1971 كان هو الصوت المجاهر بالحق في ضرورة المحافظة علي تقاليد الكنيسة وقوانينها، ولم يخش التيارات المقاومة وظل متمسكاً بأمانته الكنسية حتي النفس الأخير. وبعد 10 أشهر من الأنتخابات البابوية أصيب بحمي شوكية أنتقل بعدها من هذا العالم في الساعة الثانية من بعد ظهر الجمعة 4 أغسطس 1972 حيث أستراح من أتعابه، فكان أنتقاله سبباً لحزن عارفي فضله وأمانته الكنسية.