لا أستطيع أن أطلب من ابني عدم الكذب وهو يراني أكذب أمامه، لأنني في النهاية أنا قدوته، وما أفعله ينقله عنِّي كسلوك مباشر نفس الحال مع الحكومة، فعندما تطالب المواطن بشد الحزام لأن البلد يواجه أزمة اقتصادية حادة تتطلب من الجميع أن يكونوا علي قدر المسئولية، فينبغي علي الحكومة أن تكون القدوة أولاً حتي يقتنع المواطن ويحذو حذوها.. ليس من المقبول أن يستقل الوزير سيارة فارهة ثمنها يقدر بالملايين وهناك من المواطنين من يسيرون علي أقدامهم للذهاب إلي مقار عملهم، كما أن وجود أكثر من سيارة مليونية في جراج سعادة الوزير أمر مبالغ فيه ويصيب المواطن بالصدمة.. فكيف يكون البلد في حالة اقتصادية حادة والوزراء ورئيس الحكومة يستقلون هذه السيارات؟!. لا أعتقد أن الوزير عندما يستقل سيارة بسيطة الثمن، سينقصه شئ أو أن منصبه سيتأثر من جراء ذلك. رأيت وزراء في دول كثيرة اقتصادها أقوي من اقتصادنا وتنعم باستثمارات تفوق استثماراتنا ويستقل الوزراء فيها سيارات فيات ولم يكن للسيارة أي تأثير علي منصب الوزير أو علي المسئول الكبير. في هذه الدول رئيس الحكومة وأعضاء حكومته يعتبرون أنفسهم موظفين في المناصب التي يتولونها، ويحرصون علي إعطاء القدوة لمواطنيهم بأنفسهم.. أيضاً رواتب الوزراء والمسئولين الكبار في بلدنا والتي تصل إلي عدة آلاف من الجنيهات، فمن يرضي عن حصولهم علي هذه الرواتب في مثل هذا التوقيت الصعب الذي تمر به البلاد، في الوقت الذي تدنت فيه رواتب العاملين في الحكومة والشباب حديث التخرج لأقل المستويات بما يحول بينهم وبين الحياة الكريمة.. لدينا مشكلة كبيرة في إعطاء القدوة للمواطنين حتي نستحثهم علي تحمل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها، وهذه المشكلة يجب أن يتم حلها بما يساهم في خروجنا من المأزق الذي نواجهه. لقد حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي فور توليه مسئولية رئاسة البلاد علي إعطاء نموذج القدوة بنفسه، وللأسف الشديد فإن الحكومة لم تستوعب الرسالة جيداً. يجب أن يمتد مفهوم القدوة ليشملنا جميعا، فالبائع والتاجر الذي يشكو من ارتفاع قيمة النقل، عليه ألا يزيد من ثمن السلعة التي يبيعها وإلا يصبح الحال أن كل واحد يأخذ حقه والباقي يخبط رأسه في الحيط. أمامنا فرصة عظيمة لأن نتخطي المأزق الاقتصادي الصعب الذي نمر به بتكاتفنا جميعاً وبروح العمل والإنتاج وروح ثورتي يناير ويونيو، وأعتقد أننا قادرون.. فلنحاول وسننجح إذا أردنا، وستصبح مصر التي نريدها، وفيها من الخير ما يكفينا جميعاً ويزيد. ولكننا حتي الآن لم نستفد من هذا الخير بالقدر الذي يمكِّن المواطنين من أن يعيشوا فيها بالقدر الذي يليق بهم وببلدهم. مصر عظيمة وناسها أعظم، وبكرة أحسن إن شاء الله.