ذهبت لأشاهد فيلم »الديلر« واضعا في حساباتي انني امام عمل سينمائي متميز لعدة اسباب من اهمها نجما الحدوتة الدرامية احمد السقا ملك افلام الاكشن في السينما المصرية ومعه النجم الموهوب خالد النبوي صاحب التجارب الناجحة علي الشاشة الفضية واضيف اليهما كاتب في حجم وقامة مدحت العدل والمخرج الشاب احمد صالح الذي صفقت له طويلا في فيلمه الاول »حرب اطاليا« الذي لعب بطولته القدير احمد السقا وكان كعادته دائما متوهجا في مواجهة الكاميرا. وبناء علي ما ذكرته من قبل في سطوري السابقة جهزت نفسي لقضاء اوقات جيدة وممتعة مع اطراف حدوتة »الديلر« التي تتحدث عن شاب يعمل في صالات القمار ويقوم بتوزيع »الورق« علي طاولة القمار ويقف بعد ذلك مراقبا اللاعبين وهو يجيد كل مفردات واصول اللعبة التي نشاهدها في الفنادق الكبري او حتي في المقاهي الشعبية التي يطاردها رجال الشرطة ليل نهار في الاحياء الفقيرة بينما لا يقترب منها احد في الاماكن السياحية الفخمة المسموح فيها بممارسة لعب القمار!. المهم حدوتة »الديلر« تقدم لنا قصة الشاب الفقير »يوسف« احمد السقا الذي يشتغل بوظيفة »الديلر« وصديقه »علي« خالد النبوي فهما ابناء حي شعبي فقير في منطقة القلعة وعاشا منذ صغرهما علي الحلوة والمرة وان اختلفت طموحات كل منهما في اسلوب الحياة وشاء القدر ان يقعا في حب بنت الحتة »سماح » مي سليم وهنا يتحول الصراع الدرامي ليضعنا امام مواجهة حادة لشخصين احدهما طيب والآخر شرير حيث يعملان بتجارة المخدرات ويسعيان لتكوين الثروة والنفوذ بأي ثمن حتي لو تسبب طرف منهما للعمل ضد الطرف الآخر وادخاله للسجن من اجل الخلاص منه والفوز ايضا بحبيبة القلب!. وهذا ما فعله »علي« بالضبط ضد »يوسف« حيث ادخله السجن وسرق منه »سماح« وسافر بها الي اوكرانيا بعد ان اصبحت اما لطفل منه دون ان يتزوجا بشكل رسمي ثم تتطور الامور بينهما ويصبح »علي« خالد النبوي من كبار تجار السلاح ومافيا المخدرات ويخطف ابنه من »سماح« ويتزوج بغيرها ويتركها للضياع حيث تدمن المخدرات وتعمل راقصة في الملاهي الليلية!. وتتصاعد الاحداث ويخرج »يوسف« من السجن ويقرر السفر الي اوكرانيا للاخذ بالثأر من »علي« وليعمل ايضا مثله في مجال المخدرات ويقوده احد اصدقائه للسهر في ملهي ليلي فيشاهد »سماح« تقدم رقصات مبتذلة فيجن جنونه ويلتقي بها ويتزوجها انقاذا لها من المستنقع القذر ويزداد عزمه واصراره علي الانتقام من »علي« وينجح في الوصول اليه ولكنه يجده في محنةه حيث يطارده تاجر مخدرات آخر يريد قتله ويحدث له عاهة ويقرر مساعدته ولكنه يقتل في سلسلة من المطاردات!. وهنا يعود »يوسف« ومعه الطفل ابن »علي« من »سماح« ولكنه يكتشف انها ماتت وهي تنجب له ابنه فيقرر العودة الي مصر ومعه الطفلان الشقيقان من ام واحدة ليتولي رعايتهما وكأنه يتذكر في هذه اللحظات قصته منذ ان كان طفلا يلعب مع »علي« الكرة وكل منهما يحمل حبا دفينا لبنت قلعة الكبش »سماح« ومثلما عاش معدما في طفولته وشبابه يعود لنفس الحارة اشد فقرا وبؤسا بل وزادت مسئولياته بحكم كونه مسئولا عن تربية طفلين!. تلك باختصار حكاية فيلم »الديلر« الذي دخل وغاص داخل عدة ملفات واخذنا يمينا ويسارا في شتي الاتجاهات بين الفقر ولعب القمار وتجارة المخدرات ومافيا المخدرات والحب والخيانة والصداقة والوفاء وغدر الاحباب وقسوة الغربة الي آخره من الموضوعات الاخري التي راح فكر السيناريست الكبير مدحت العدل يطرح رؤيته لها ويقول بين سطور حوارات شخصياته الرئيسية عبارات تحمل دلالات ومعاني خطيرة. . والعمل كما ذكرت من قبل يحمل فكرا جيدا ولكن دخوله في تفاصيل كثيرة وصغيرة افقده سرعة الايقاع وجعل المشاهد في احيان كثيرة يتوه في ربط الاحداث او حتي الالمام بالاسقاطات التي سعي السيناريو للتركيز عليها وربما وضح هذا جليا في الجزء الثاني من الاحداث ففي بداية الحدوتة كان الايقاع متلاحقا ومثيرا ثم تلاشي كل ذلك فيما نتابعه من تفاصيل مهمة بعد ذلك!!. وعلي الرغم من تلك الملاحظة إلا انني احيي صناع الفيلم واشيد بفكرته الجيدة وما ارادت التعبير عنه صراحة او بالغمز واللمز واهنيء النجمين الكبيرين احمد السقا وخالد النبوي علي الاداء الرائع لشخصيتي »يوسف« و»علي« واتصور ان السقا والنبوي اصبحا من اهم رموز السينما المصرية حاليا ويتميز كل منهما بقوة العزم وبالجدية والاصرار علي احترام عقلية الناس بتقديم موضوعات غير تقليدية او مملة ومستهلكة تصيبنا بالملل والزهق. وفي فيلم »الديلر« مجموعة من النجوم الكبار جاء اداؤهم لادوارهم شديد الاتقان والتميز مثل سامي العدل وصبري عبدالمنعم ونضال الشافعي وطلعت زين ثم جاءت مي سليم لتؤكد من خلال شخصية »سماح« الاعلان عن ميلاد ممثلة جديدة موهوبة قادرة علي خطف العيون والعقول والقلوب وهذا شيء يحسب للمخرج الشاب المجتهد والمميز احمد صالح في ثاني اعماله السينمائية التي ازدانت بتصوير ممتاز ورائع للمبدع المتجدد دائما سامح سليم احد اهم مصوري السينما في مصر والمنطقة العربية.