«نكسب كل المعارك، لكن المعارك مستمرة.. ولا يبدو اننا نكسب الحروب.. فبكل المعايير، أصبحنا اليوم نحقق انتصارات اقل مقارنة بنصف قرن مضي». وليام بولك كان عضوا في مجلس تخطيط السياسة الامريكية، ومسئولا عن شمال إفريقيا والشرق الأوسط وغرب آسيا لمدة اربع سنوات تحت رئاسة كيندي وجونسون.. وألف بولك 17 كتابا في الشئون الدولية بينها الولاياتالمتحدة والعالم العربي. يقول وليام بولك في مقال مطول نشرته صحيفة زي اتلانتك العريقة بعنوان «فقدان الذاكرة ومدافع السفن الحربية»: لم نتعلم شيئاً من انفاق الدم والعرق والدموع وتريليونات الدولارات.. مع انفجار كل أزمة يقال لنا انها فريدة. الحفاظ علي أمن الولاياتالمتحدة هو الاستراتيجية الكبري التي يعتقد معظم المواطنين ان المخاطر التي تهددها تكمن في الخارج.. المثير للسخرية هو أن أحد مؤلفي الدستور الأمريكي قبل 200 عام وضع نصاً يؤكد ان الخطر الأساسي هو أنفسنا.. وهذا حقيقي فقد قتلنا أكثر من مائتي ألف من مواطنينا في العقد الأول من هذا القرن في حين ان الأمريكيين الذين قتلوا في هجمات ارهابية اجنبية داخل الولاياتالمتحدة لايتجاوز عددهم 3000 – كما أن عدد الأمريكيين الذين قتلوا في حروب اجنبية (باستثناء فيتنام) يقترب عددهم من 10 آلاف.. من المنطقي ان نسأل، لماذا ندفع كل هذه التكاليف بينما لم نحقق هدفنا بأن نصبح أكثر أمناً؟ الاجابة تكمن في ثلاث نقاط.. أولا: بعضنا يحصل علي أمواله من مصانع المعدات العسكرية.. ثانيا: وجد السياسيون انهم يفوزون في الانتخابات بتمويل من مصانع الأسلحة التي تستمر في ذلك طالما مستمرة في الانتاج.. ثالثا: عدم الاستفادة من دروس حرب فيتنام. يقول بولك أن خطيئة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم تكن تكمن في القمع الذي كان يمارسه ضد الأكراد والشيعة، بل في إعاقته المصالح الأمريكية في أمرين لا تتسامح فيهما الولاياتالمتحدة: محاولته السيطرة علي نفط الكويت والسعودية والعلاقات مع اسرائيل. وعندما وجهنا مدفعية سفننا الحربية لم ندمر فقط نظام صدام بل قتلنا مئات الآلاف من العراقيين باستخدام قذائف اليورانيوم المستنفد ومن المعتقد انها تضاعف خطورة الاصابة بالسرطان للناجين بمستوي اعلي سبع مرات.. وقد تسببت هذه القذائف بالاضافة الي اطلاق 1000 صاروخ كروز في تدمير البنية التحتية للعراق وتشريد الملايين من ابنائها. والآن نبدأ من الغرب للشرق، فبعد سقوط القذافي أطلقنا العنان لقوات مزقت ليبيا وامتد اثرها الي افريقيا الوسطي لخلق منطقة مضطربة جديدة.. وفي فلسطينالمحتلة تعمل الدولة الاسرائيلية علي تخفيض عدد السكان بإفقارهم واتعاسهم. وفي سوريا، قدمنا تسليحا وتدريباً وتمويلاً اساسياً لنفس الأشخاص الذين علي وشك ان يعدمهم النظام الجديد في مصر وهم ايضا من نتهمهم بتفجير العراق الذي ندعم نظامه الذي قمنا بتنصيبه. وأصبح النظام العراقي الآن قريبا من النظام السوري وكذلك النظام الايراني الذي نحاول تدميره منذ سنوات. في نهاية المقال اعترف «بالك» بانه لم يشهد في حياته وخلال فترة تخطيطه للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مثل هذه الفوضي التي تنتهجها الادارة الأمريكية الحالية.