د. أحمد نوار بعد غياب طويل فاز الفنان والناقد محمد عز الدين نجيب بجائزة الدولة التقديرية ونهر الفن يهنئه علي هذا الفوز فهو تشريف للجائزة نفسها، بعد رحلة طويلة من الابداع الفني والنقد الفني والتأليف في مجال الفنون التشكيلية، وتاريخ الفنان عز الدين نجيب طويل يصعب سرده في مقال.. ولكنه تاريخ يتسم بالكفاح والمقاومة من اجل حرية الفنان وعطائه بصدق، والحياة والبيئة المصرية هي كانت ومازالت المحور الرئيسي في اعماله الفنية، وعلي مدي مسيرته كان الالتزام بالقضايا الانسانية والمجتمع المصري سبيلا لتعميق دور الفن في خلق ابداع مصري اصيل، والفنان من مواليد 1940 محافظة الشرقية، وحاصل علي بكالوريس كلية الفنون الجميلة قسم تصوير بالقاهرة عام 1962، ودبلوم الدراسات العليا بنفس الكلية عام 1975، وعضوا مؤسسا بكثير من المؤسسات الثقافية والفنية منها نقابة الفنانين التشكيليين واتحاد الكتاب المصريين وجمعية نقاد الفن التشكيلي، ومؤسس ورئيس مجلس ادارة جمعية اصالة لرعاية الفنون التراثية المعاصرة منذ عام 1994، واقام الفنان العديد من المعارض الخاصة، وكان حريصا علي إقامة معارض طوافة بمحافظات مصر ايمانا منه بتعميق التواصل مع شرائح المجتمع البعيدة عن العاصمة التي تلتهم معظم الانشطة، كما شارك في معظم المعارض العامة والجماعية بمصر، وايضا للفنان مشاركات علي المستوي الدولي وعلي سبيل المثال «فرنسا، المانيا، ايطاليا، اسبانيا، روسيا، مالطا، اليونان، قبرص، سويسرا، واوروبا الشرقية، والهند، والسعودية، وغيرها من الدول العربية، وحصل الفنان علي عدة منح منها منحة دراسية بمراسم الاقصر منذ 1962 وحتي 1963 «دراسات عليا» ومنحة دراسية من هيئة اليونسكو لزيارة المتاحف الفنية ودراسة الترميم للوحات بلندن عام 1972، وفي مجال التأليف فحظي المجال الثقافي بأكثر من عشرة مؤلفات فنية، وفي مجال الآداب صدر له اكثر من اربع مجموعات قصصية عن دور نشر مصرية وعربية، وقد حصل الفنان عز الدين نجيب علي عدة جوائز منها الجائزة الاولي «التصوير الزيتي» بمعرض الفن والمعركة بوزارة الثقافة عام 1970، الجائزة الاولي لديكور المسرح بالثقافة الجماهيرية عام 1981، والجائزة الثانية في التصوير بمسابقة سيناء للقوات المسلحة عام 1999، وله مقتنيات بالمتحف الوطني بنيودلهي بالهند 1991، والمتحف المصري للفن الحديث ومتحف كلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، ومتحف كلية التربية الفنية جامعة حلوان، والبيئة الطبيعية هي الملهم الاساسي للفنان، وعمق تأمل الفنان كان باحثا في جوهر الطبيعة والبيئة الانسانية بعيدا عن المحاكاة، سعيا لبلوغ قيمة جمالية وتعبيرية تتوازي مع الطبيعة بعناصر بنائية وفكرية تنتمي الي رؤية الفنان الخاصة والعميقة، فكانت مناطق مصر النائية هي الرافد الرئيسي لتجربة الفنان الممتدة مثال مناطق اسوان، الوحات، سيناء، سيوة، والمناطق الصحراوية والساحلية بمختلف المناطق، والتي تختزن أبعادا حضارية، وسمات تشكيلية تمثل ما يسمي «عبقرية المكان».. غير ان المكان بخصائصه الطبيعية والمعمارية حتي بعد إعادة صياغته برؤي جمالية ذاتية لا يكفي لاشباع الرؤية التعبيرية لاعماله حسب قول الفنان القادر علي تنظير ما يدور في وجدانه وعقله.. بعكس كثير من الفنانين، وبطبيعة الحال لكونه ناقدا ومؤلفا في مجال الفن التشكيلي، ويقول انما تكتمل هذه الرؤية التعبيرية لاعمالي بتفاعل المكان مع الشحنة التعبيرية المحركة لابداعي، وتجمع بين الحس الخيالي والاسطوري، وبين المنظور الفكري، الذي يتضمن وعيا بالتاريخ وبحركة الواقع وبتواصل مع جذور الهوية الحضارية وروح العصر في آن واحد، محققا بعدا رمزيا ودراميا معا، وغالبا ما تتم الترجمة الجمالية لهذه الابعاد علي سطح اللوحة بعضوية الطبيعة والجمادات، اي باحالتها الي كائنات عضوية حية، تتحرك وتتنفس وتتواصل مع بصيرة المتلقي للعمل الفني قبل بصره بصورة اقرب الي التجليات الصوفية او الحلم، حيث ينبثق منها المضمون الرمزي تلقائيا بدون اقحام، من خلال كل ذلك احاول ان تكون لوحاتي موقفا فكريا تجاه المجتمع والعصر، ولا تقف عند حدود القيم البصرية او النفسية للعمل الفني، ومن خلال هذا التنظير الفكري والفلسفي للفنان نستطيع ان نؤكد علي شدة التزام الفنان برؤيته ومبادئه التي لم يتخل عنها عبر عقود مسيرته الفنية، لذلك استطاع ان يؤكد علي ملامح شخصيته ومقومات الهوية الفنية التي تميزه عن غيره وتجعل اعماله متفردة ذات رصانة محكمة وراسخة، معبرة عن امكانات الانصهار الابداعي بين الفنان وعالمه المحدد المعالم، ومن السمات الجاذبة والجديرة بالاشارة هي ثورة الفنان وحساسيته في جعل اللون ينساب علي اسطح مفرداته وعناصره في يسر وامتزاج كلي لمشاعره تجاه هذه البنائيات.