د.غادة عامر خلال حوارها مع الأخبار هي ضمن أفضل 20 شخصية نسائية الأكثر تأثيرا في العالم الاسلامي خلال عام 2013 بعد ان اختارتها مجلة «مسلم ساينس» المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا وريادةالأعمال. القائمة شملت النساء المسلمات الأكثر نفوذا في مجالات الفيزياء والكيمياء والهندسة والرياضيات والعلوم الاجتماعية. الاختيار لم يكن من فراغ ولكن لما لها من انتاج علمي رصين في مجال هندسة القوي الكهربائية وهو تخصص نادر خاصة بين السيدات العرب. هي الدكتورة غادة محمد عامر تشغل نائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ولها رأي في كيفية الخروج من مأزق الظلام وانقطاع الكهرباء والتي يحاصرنا وكان هذه الحديث معها في بدايته يؤكد اننا تأخرنا في استخدام الطاقة الجديدة خاصة الشمس التي تسطع في بلادنا ما يصل الي 11 ساعة يوميا مؤكد ة ان الطاقة الحالية مصيرها الزوال والانقضاء وان الطاقة الجديدة هي الحل في المستقبل. وتؤكد ايضا اننا لا نملك خطة لزيادة فترات التوليد للطاقة وانها بتخصصها تطالب بسرعة الدخول في البرنامج النووي لتويد الكهرباء بشرط اتخاذ الخطوات العملية لذلك وان المخاطر التي تتولد من المفاعلات تغلبت عليها الدول بالمفاعلات الصغيرة التي تتخلص من نفاياتها..مؤكدة ان الأسهل لمصر حاليا الاعتماد علي الطاقة النووية ثم يعمل خطة للطاقة الجديدة والمتجددة. أنت نائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا.. ما دور هذه المؤسسة وأهدافها؟ هي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تأسست عام 2000 بمشاركة 420 عالم عربي لاكتشاف الابتكارات العلمية والمساعدة في تنفيذها علي مستوي العالم العربي، وأسندت الرئاسة الشرفية للشيخ سلطان القاسمي الذي يعشق مصر والعرب وتبرع بمليون دولار من أجل تأسيس المؤسسة وقام بافتتاح المكتب التنفيذي لها في مصر تقديراً لدورها والبحث عن اكتشاف المواهب..والمؤسسة نظمت أكثر من 86 حدثا علميا، وشاركت منظمات عربية ودولية علمية وتكنولوجية في حوالي 153 حدثا، ونظمت فعالياتها من مؤتمرات وندوات وورش عمل وتدريب في 17دولة عربية.. كما تتمتع المؤسسة بخبرة عربية ودولية في تمويل البحوث العلمية وفق المعايير الدولية، وبلغت قيمة التمويلات التي قدمتها 20 مليون دولار، استفاد منها 367 باحثا مساعدا، و148 باحثا رئيسيا أشرفوا علي المشاريع البحثية من 19 دولة عربية.. واستعانت المؤسسة بأكثر من 500 خبير من 30 دولة، وتلقت 2051 مشروعا للحصول علي تمويلات وتم تمويل 163 مشروعا منها غطت 16 تخصصا علميا وتكنولوجيا. ما رؤيتك للتغلب علي مشكلة التكتلات السكانية تحت خطوط الضغط العالي التي تعاني منها مصر في بعض المناطق العشوائية التي اقيمت تحت خطوط الضغط؟ خطوط الضغط العالي بالقطع لها تأثيرات سلبية علي الانسان نتيجة لتأثيرات المجال المغناطيسي لكن للأسف الشديد فإن تحويل هذه الخطوط لكابلات أرضية أمر مكلف جدا من الناحية الاقتصادية ومن الأفضل نقل هذه التكتلات السكانية تحت خطوط الضغط العالي لمناطق آمنة وهذا أجدي من الناحية العمرانية وكذلك الناحية الصحية مع الأخذ في الاعتبار أن سلبيات البناء تحت خطوط الضغط العالي لايرتبط فقط بالقضايا الصحية بل بالهدر الكبير في الأراضي الزراعية لأن معظم هذه المناطق للأسف الشديد أقيمت علي أراض زراعية خصبة نحن في أحوج الأوقات إليها وعلينا حمايتها بتشديد عقوبات البناءعلي الأراضي الزراعية .. ويجب علينا مواجهة مشكلة سكان خطوط الضغط العالي بشجاعة بنقل سكان هذه المناطق للمدن الجديدة والتوسع في خطط استصلاح الأراضي فنحن مازلنا نتركز علي شريط صغير علي وادي النيل.. وللعلم فإننا كلنا يتعرض بدرجة أو بأخري لتأثيرات المجال المغناطيسي لكن خطورة السكن تحت خطوط الضغط العالي تتمثل في تنشيطها للجين السرطاني داخل الجسم. نأتي لمشكلة انقطاع الكهرباء من منطلق تخصصك الدقيق.. كيف ترين طريقة الخروج من الظلام وانقطاعات التيار الكهربائي التي أصبحت تداهمنا صيفا وشتاء؟ - المشكلة تتلخص في التزايد المستمر في احتياجنا للطاقة الكهربائية للاستخدام المنزلي أو الصناعة ومتطلبات مجالات التنمية الأخري مع عدم وجود خطة واضحة لزيادة قدرات التوليد وعدم التفكير بشكل مستقبلي لذا أهملنا مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وأبرزها الشمس والرياح حيث لا يوجد لدينا حاليا سوي مزرعة وحيدة للرياح في الزعفرانة.. والمشكلة الأهم عدم وجود صيانة للمحطات الكهربائية بفعل التحديات التي فرضتها سنوات الانفلات الأمني ووجود فساد في قطاع الكهرباء.. السنوات الثلاث الأخيرة شهدت الكثير من عمليات تخريب الشبكات مع الانفلات الأمني وكان بعضها متعمدا لإفشال الدولة وللآن لاتزال الخلايا النائمة تعمل علي إفشال الدولة في مختلف المؤسسات وليس قطاع الكهرباء وحده. وماذا عن الطاقة الشمسية خاصة أن فترات السطوع عندنا تترواح بين 9 و11 ساعة يوميا؟ - لاشك أننا تأخرنا في هذا المجال المهم وكان هناك اتفاق لتصدير الطاقة الشمسية لأوربا لكن لم ير النور بعد في ظل مشكلة التكلفة العالية من الناحية الاقتصادية للبنية الاساسية لطاقة الخلايا الشمسية ومن الممكن التغلب علي ذلك بعقد اتفاقات مع شركات عالمية لبناء هذه البنية الأساسية بنظام حق الانتفاع.. علينا أن ندرك كمجتمع أن الطاقة التقليدية ستنتهي علي مستوي العالم كله فهي بطبيعتها تنفد أو تتحول لأشكال أخري وليس أمامنا علي المدي الطويل سوي الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة الشمس والصين علي سبيل المثال لديها تجربة رائدة في التوسع في استخدام الطاقة الشمسية بدعم من الجهاز المصرفي فالبنوك تمول مشاريع الخلايا الشمسية ويدفع المواطن نصف فاتورة الكهرباء لوزارة الكهرباء والنصف الآخر للبنوك.. نحتاج لفكر قومي في هذا المجال يكون الأساس فيه وزارة الكهرباء مع الهيئة العربية للتصنيع التي حققت تقدما في تصنيع الخلايا الشمسية.. الأمر يستوجب عليها التفكير خارج الصندوق فنحن 90 مليون نسمة وهذه ثروة يجب استثمارها في مشاريع استصلاح الأراضي وتمليكها للشباب فهم القنبلة الموقوتة التي يمكن حال استغلالها بشكل جيد أن تساهم في تخضير الأرض أو تركها تدمر الأرض حال عدم استغلالها. وهل تتفقين مع الاتجاه لاستغلال الطاقة النووية في توليد الكهرباء في الوقت الذي يتخلي عنها العالم لاعتبارات بيئية خاصة بعد حوادث التسرب النووي؟ - كان يفترض أن نبدأ البرنامج النووي لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية منذ زمن طويل وشهدت خطوات ايجابية في عهد الزعيم الراحل عبد الناصر والرئيس الأسبق حسني مبارك لكن تعثرت ويجب علينا اتخاذ خطوات عملية في هذا المجال المهم الذي لا غني عنه.. أما عن المخاطر فهناك دول تغلبت عليها باعتماد المفاعلات الصغيرة التي تتخلص من مشكلة دفن النفايات فهي محطات صغيرة تجري صيانتها لمدة 80 عاما ثم يعاد تدويرها داخليا وهذه المفاعلات الصغيرة تنتشر حاليا بقوة في شيكاغو وتكساس في الولاياتالمتحدة.. والأسهل بالنسبة لمصر حاليا هو الاعتماد علي الطاقة النووية ثم نعمل خطة للطاقة الجديدة والمتجددة.. المهم أن يكون لدينا مصداقية وشفافية فيما نقوله للناس.
وزيرة تكنوقراط هل تتطلعين يوما لأن تشغلين منصب وزير الكهرباء؟ - الحقيقة لم يخالجني قط التفكير في أن أشغل منصب وزير الكهرباء لأن جل عملي هو البحث العلمي لكن هذا لا يمنع من أن تتولي المرأة أي منصب سواء الوزير أو رئيس الوزراء ولدينا نماذج كثيرة مشرفة في هذا المجال فالمرأة يجب أن تتهيأ لها الظروف المناسبة للعمل في أي مكان فالمرأة عموما تتميز بالصبر الشديد ولا ننسي أن هناك سيدات يعملن حاليا سائقين لسيارات النقل. ذكرت الشباب في الحوار معك في أكثر من موضع.. بماذا تنصحين شبابنا؟ - أنصح شباب وطني بالعمل الجاد المخلص في أي شيء حتي إذا كان في غير تخصصه فهو حتما سيجد ذاته يوما ما ويحقق ما يصبو إليه وأنا أعلم مشاكل الشباب جيدا من خلال علاقتي ومناقشاتي مع طلابي والتي تغطي كل مناحي الحياة وليست القوي الكهربائية فقط.. وأقول لهم: لقد عملت بجد وإخلاص منذ تخرجي في الجامعة في المجال البحثي والعملي وها أنا الآن أحصد ثمار النجاح بدليل هذا الحوار الذي تجريه معي جريدة الأخبار إحدي أكبر الصحف انتشارا في العالم العربي.. ولولا العمل ما كان لي هذا التقدير الكبير.