جمال الغيطانى - هشام بركات تقدم الروائي الكبير جمال الغيطاني ود.عماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق ود. جليلة القاضي، وعدد من المثقفين وأساتذة الآثار وجمعيات المجتمع المدني وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الاشتراكي المصري، ببلاغ للمستشار هشام بركات النائب العام، ضد محافظ القاهرة ورؤساء الأحياء الذين يقع في دائرة عملهم مناطق القاهرة التاريخية، وذلك لتقصيرهم بصفتهم الوظيفية بالقيام بواجبات عملهم في حفظ الآثار التي تقع في دائرة اختصاصاتهم من العبث والإهمال والتشويه.. جاء ذلك في الندوة التي نظمتها مكتبة القاهرة الكبري بمبادرة من جريدة الأخبار وعدد من المهتمين بالآثار، حيث بينت الندوة بالكلمات والصور الحالة الكارثية للقاهرة التاريخية والآثار الإسلامية، وما حدث من تداعيات، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 علي المناطق التاريخية، إلي الحد الذي كاد أن يفرغ هذه المناطق من هويتها، لاسيما منطقة الدرب الأحمر.. ورصدت الندوة المساجد التي تم العبث بمحتوياتها، واستطاعت الباحثة أمنية عبدالباري أن ترصد مع فريق عمل الوضع المأساوي الذي تتعرض له العديد من الأماكن المدرجة علي قائمة التراث العالمي، ما يهدد بخروج القاهرة من المدن التاريخية لزي منظمة اليونسكو، وتمكنت الباحثة من تقديم رصد دقيق للأماكن المعتدي عليها، والتي تم بناء عمارات شاهقة الارتفاعات بجانبها، في مخالفة صارخة لقانون الآثار، وذلك دون أن تتحرك الجهات المختصة في محافظة القاهرة، ومن هذه المساجد السلطان المؤيد شيخ والسلطان برقوق والسلطان حسن والسلطان قايتباي.. من جانبها أكدت د. جليلة القاضي أن زلزال 1992 كان نقطة تحول فاصلة في سياسات الحفاظ بشكل عام علي التراث، وكان هناك مجموعة من المشاريع التي عادت بتأثيرات إيجابية علي مجمل التراث الثقافي المادي والمعنوي في مصر، ومن ذلك مشروع إعادة وتهيئة منطقة الدرب الأحمر بالتعاون مع مؤسسة الأغاخان، وإنشاء حديقة الأزهر، وتنفيذ المسار السياحي لشارع المعز، وتجديد منطقتي الفسطاط والقلعة وأضافت أن هذا الوضع شهد تراجعا بعد ثورة 25 يناير 2011، ومستمر إلي الآن، فقد حدث تدهور كبير للمناطق والمباني التراثية، نتيجة لغياب الدولة وشيوع الفوضي، وتدني الأداء الأمني، ما أتاح الفرصة لظهور عمليات سطو ونهب منظم للمنشآت التاريخية، خاصة في قاهرة المعز، هذا السطو الذي طال في البداية أجزاء من الأبواب، ليطال بعد ذلك الأبواب التاريخية نفسها، فضلا عن سرقة القطع المتحفية والتعدي علي حرم الآثار بالبناء العشوائي، فتحولت منطقة الدرب الأحمر إلي منطقة قبيحة، بالإضافة إلي تشويه العديد من المناطق الأخري في القاهرة الفاطمية، التي أصبحت مهددة بالخروج من قائمة التراث الإنساني.. أما الأديب الكبير جمال الغيطاني الذي أدار الندوة بحماسه الوطني، فأشار في كلمات واضحة إلي أن العبث بالآثار بدأ قبل ثورة يناير، لكن الأمر زاد بشكل كارثي بعد الثورة، وتم التعدي علي المناطق والآثار الإسلامية، وأن هذا التعدي منظم، وتقوم به دويلة تعلن عن قرب افتتاح متحف للآثار الإسلامية.. وتساءل: من أين لها بهذه الآثار، وطالب وزارة الداخلية- مع تقديره لدورها بمواجهة الإرهاب- ان تتصدي لهذه السرقات المنظمة، التي لا تقل خطورة عن مواجهتها للإرهاب، فضياع الآثار المصرية يعني ضياع الهوية.. وحذر الغيطاني أنه حال استمرار الوضع كما هو، سيأتي اليوم الذي سننظر فيه إلي تراثنا علي أنه ذكري ونتفرج عليه في صفحات الكتب، لذا ناشد الانتربول المصري بضرورة عمل نشرة دولية بأوصاف القطع المسروقة، وناشد الأثريين والمهتمين بالآثار المصرية بأن يتقدم من يحتفظ بصورة لقطعة مسروقة بأن يقدمها لجهات التحقيق، التي ناشدها بضرورة أن تبدأ عملها فورا، كما يمكن إرسال هذه الصور للانتربول، وذلك للحفاظ علي هذه القطع من التداول وبيعها في المزادات.. وأعلن الغيطاني بصفته رئيسا لمجلس إدارة مكتبة القاهرة الكبري أن المجلس في حالة انعقاد دائم، لمتابعة البلاغ المقدم للنائب العام، كما أعلن عن تشكيل سكرتارية دائمة لمتابعة حال الآثار المصرية والتصدي للعبث بها، ومحاولة استرداد ما خرج، وفضح المتعاونين من المصريين أو غيرهم مع الجهات التي تريد سرقة تراث مصر، وأضاف أن هذه السكرتارية تتكون من د. شهيرة محرز وستكون مسئولة عن متابعة الحال داخل مصر، ود. جليلة القاضي لمتابعة ما يجري في الخارج وتعريف المجتمع والمنظمات الدولية بالآثار المطلوب استعادتها.. كما أعلن أن الانضمام لهذه السكرتارية متاح لكل المهتمين بتراث وآثار الوطن، الذي وضع أمانة في أعانقنا بضرورة الحفاظ علي تراثه، مؤكدا أن الامتداد الحقيقي للثورة المصرية يكمن في الحفاظ علي ذاكرتها. وفي نهاية الندوة فتح ياسر عثمان مدير مكتبة القاهرة الباب للنقاش من جانب الحضور، الذين أجمعوا علي ضرورة السعي للحفاظ علي تراث الوطن.