نعم الباز ليس الألم هو ما نشعر به ونواجهه.. إنما أكثر الآلام ألماً حينما نعجز عن المواجهة ونبتعد عن أرض الواقع.. هنا نصبح في مواجهة مع الأمل. ألم 1 برؤيتي المتأنية خارج حدود الضغوط العصبية برؤيتي لما يحدث في الشارع المصري الآن أشعر بحصار الألم من كل جانب.. نحن محاصرون بكمية من الحزن والأسي فوق طاقة الشعب المصري الذي يخرج من أحزانه بنكتة علي الحانوتي ونكتة عن سرادق العزاء وضحكات لتذكر خفة دم المتوفي وتأليف نكت عن خناقات الميراث. ولكن ما يحدث في الشارع المصري قلب موازين الشخصية المصرية وأصبح البيت المصري يعيش أحزان الشارع المصري، أصبح الشارع كله يرتجف ويهتز لوفاة شرطي أو ضابط شرطة، فلابد أن هناك اهتزازاً أمنياً!! وإلا لماذا لا نحمي بخطة محكمة من يحموننا وننام هانئين وهم ساهرون؟ كلما اغتيل شرطي أو ضابط أشعر أن الرصاصة دخلت قلبي.. فهناك أطفال تيتموا وتغير مستقبلهم، فقد نزع الغطاء الذهبي بوفاة العائل وأصبحت هناك أرملة مسئولة مسئولية كاملة ليست مالية فقط ولكن تربوية.. أصبحت كل رصاصة تغتال حراسنا تدخل قلبي ولا تخرج لتفكيري في اليتامي والأرامل وتحطيم أحلام المستقبل.. ومهما دفعت الدولة من معاشات فإن الغطاء الذهب الأب قد لقي ربه وترك الأسرة في عراء مخيف ولولا مقدرة المرأة المصرية التي أثبتت عظمتها في كل العصور لما كان لهؤلاء اليتامي أي مستقبل!! تمنيت أن أذهب للعزاء.. تمنيت أن يطلب كل منا معاونة كل أم علي مواجهة الموقف القاسي بفقدان السند، ولكن رائحة الموت التي تحيط بنا من كل جانب مع الظلم والخضوع لحفنة من الخونة الإرهابيين الذين باعوا الوطن بدولارات أمريكا هذا هو الذي يحز في النفس ويطعن القلب بالخيانة وهي ليست خيانة الوطن فقط ولكنها خيانة النفس.. ولم يفكر هؤلاء الخونة بماذا تفيد هذه الدولارات لو أنفقها في أوطان أخري؟ هل تغيرت كيمياء المصريين؟ هل طالت تكوينتهم حب المال من أجل المال؟ هل استطاع الدولار أن يحكم الشارع المصري ، لقد قال لي الزبال وأنا أعطيه خمسين جنيهاً وكان يتقاضي عشرة جنيهات خجلت أن أمد له يدي بها قال لي: مابقتش تجيب كيلو لحمة.. ولو إننا نسينا اللحمة المفروض أن القوة الشرائية للنقود لا تتدهور بهذه الدرجة ولكن هذا هو الذي يحدث الآن ولا حول ولا قوة إلا بالله. ألم 2 يا عم محلب يا من قدت معزوفة المقاولين العرب بعد المعلم اسماعيل عثمان.. الذي لم تختف ابتسامته الجميلة وحكمته حتي الآن. يا عمنا محلب لا تسرف في الأحلام فقد نسينا الحلم وأصبحنا نقع من ارتفاعات ولا ننكسر!.. أصبح ارتفاع الأسعار فوق طاقة حتي الجالسين في تراس سميراميس والجالسين علي مقهي في شارع خيرت.. وبلا أدني سبب وبدون مناسبة طالبني أحد البوابين بأن أكتب لرفع مرتبات البوابين الذين يتقاضون من أصحاب البيوت ثم من قاطني الشقق ولنزيف الإنفاق وجنون الأسعار أصبح ألف جنيه شهرياً للبواب لا تكفي شيئا!! الشارع المصري تحول إلي مجتمع استهلاكي شديد القسوة، أصبحت بنت الحارة تخرج من بيتها بالبوت فوق الركبة والبدلة الجينز الملتصقة مثلها مثل أي بنت في نادي الجزيرة. أصبح السوق المصري في متناول الجميع.. فالجينز علي العربات والبوت أيضاً وليس في فترينات قصر النيل أو مصر الجديدة أو الزمالك فقط. أصبحت لا تعرف الفرق بين هذه وتلك إلا حينما تفتح فمها بالكلام.. وهنا حدث ولا حرج.. يا عم محلب إنك تحكم وتحلم وتقود حكومتك جيداً مثل ما قدت المقاولين العرب بحكمة لاحظتها بنفسي.. ولكن أحلام موظفي المقاولين والعمال وتلمذتك علي المعلم الكبير أثابه الله عنا كل خير عثمان أحمد عثمان هذه الأحلام ليست كأحلام الشارع المصري. يا عم محلب كيمياء المصريين تغيرت ألم 3 انظر إلي نساء مصر! وتعجب.. مصر الوسطية الإسلام، والمرأة المصرية المعروفة بتقواها.. انظر إلي المحجبات في الشارع المصري.. انظر حولك.. لتري الكاسيات العاريات ثم الإصرار علي تغطية الرأس.. إن التحرش زاد في الشارع المصري لحرمان الشباب من العصمة بالزواج لضيق ذات اليد وللمغالاة في المهر والشبكة والجهاز، وفي نفس الوقت تخرج الفتاة أمام أمها وأبيها وكل تفاصيلها واضحة للعين المجردة، أما عن حركة المشي التي يتحرك معها كل جزء فيها فحدث ولا حرج كأنها راقصة محترفة تؤدي استعراضا في كباريه رخيص. إنني أتعجب كيف يحاسب المتحرش ولا تحاسب تلك الفتيات الكاسيات العاريات التي في ملابسهن طلب للسائل والمحروم وإغراء بالفاحشة.. البيت المصري تغير وأصبحت الأم تتكلم وكأن ابنتها ملكة جمال ولا يهمها الملابس الضيقة أو العارية!! القتل للقتل لقد أصبح الشارع المصري محكوم بالفوضي.. رصاصات تطير لتطيح بعسكري مرور لا ذنب له ولا هوية وإرهاب لمجرد الإرهاب لإحداث خلخلة في الدولة تظهرها بعدم السيطرة وأنه لابد من مظلة خارجية، وهذا واضح من الرأي الذي أعلنه الكونجرس بأن الإرهاب في الشارع المصري سوف يؤثر علي الأداء في الكونجرس الأمريكي مع أن الإرهاب أصلاً صناعة أمريكية ومستورد مائة بالمائة والطعنة من الداخل لأنه لو أن كيمياء المصريين كما هي وترفض الخضوع لأي مخطط من الخارج لما حدث كل ما يحدث الآن. إننا نعيش فيلم أمريكاني مائة بالمائة لم تعد صلاة الجمعة تحول دون حدوث رصاص ولا قتل، لم يعد الشارع المصري رافضاً للإرهاب.. أصبح الشارع المصري مستقبلاً لكل أنواع الجرائم وكأننا نستوردها مع الجبنة وصابون الغسيل!! لم تعد هناك جريمة يمكن دراستها فالقتل بالأسلحة البيضاء موجود والقتل بالرصاص موجود وزادت حتي حوادث السيارات لتتصدر أخبار القتل والموت كل صفحات الجرائد وليست صفحات الحوادث فقط. مشروع قومي للشباب تراكمت الآلام علي الإنسان المصري ولكني دائماً أقلب الكلمة وأضع الميم بعد الألف مباشرة لتصبح «أمل» وربما لأنني عاصرت أحداثاً أقوي علي النفس مما يحدث الآن.. لقد كانت السيدة جيهان السادات قواها الله تأخذنا في عام 67 لنري العلم الإسرائيلي يرفرف علي القنال كما حدثتكم في يوميات سابقة وكنا نبكي ولكننا حولنا البكاء إلي عمل وثقة في الجيش حتي وصلنا إلي نصر أكتوبر، ولا أعتقد أن ما يحدث الآن يصل إلي ما حدث في 76 ولا 56 وثلاث دول تدنس مدن القنال وانتصرت مصر وقامت ولا أقول كلاماً مرسلاً ولكنها حقيقة تاريخية ولكن المواجهة صعبة في تغيير كيمياء المصريين. لقد أصبح الشاب بعد أن كان يتدرب لحمل السلاح ضد العدو أصبح يصوب السلاح كلٌ للآخر!! ولأن الشارع المصري أصبح خالياً تماماً من أي مشروع يضم الشباب اللهم إلا محاولات وزارة الداخلية في مواجهة إرهاب الجامعات علي الداخلية أن تستمر حتي يصبح الشباب جزءاً من خطة الدفاع عن كيانه ومواجهة مستقبله لابد أن يكون الشباب شريكاً في مشروع قومي كبير يعود عليه باكتشاف نفسه وقدراته بدلاً من أن تكون المواجهة بينه وبين الداخلية فقط. يا عم محلب رعاك الله.. اجمع ناس مصر المهتمين بالشباب والعاملين في حقل رعاية الشباب.. اجمعهم وناقش معهم وتحدث معهم واخرجوا بمشروع قومي يضم الشباب والصيف قادم والاجازة قادمة وعلينا يا عم محلب ألا نتركهم لفراغ أكبر في مواجهة غير مأمونة العواقب. لابد من التفكير في مشروع قومي وأمامنا علماء عظماء مثل الدكتور مفيد شهاب والذين معه وهو قدير علي إخراج الشباب من عثرته وارتمائه في أحضان الإرهاب والمواجهة غير المدروسة مع الدولة واختلاق عدو غير مرئي كأنهم يحاربون طواحين الهواء!! يا عم محلب.. ادعوهم كما قال عمر بن الخطاب لصلاة جامعة، فقد خطب في الناس بعد خطبة خلافته التي بدأها «إن الله ابتلاكم بي وابتلاني بكم وأبقائي فيكم بعد صاحبي ولإن أحسنتم لأحسنن إليكم ولإن أسأتم لأنكلن بكم». بلغني أن الناس هابوا شدتي وخافوا غلظتي وقالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا.. ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه فكيف وقد صارت الأمور إليه ومن قال ذلك فقد صدق. واعلموا أنني قد وليت أموركم وأن الشدة قد اختفت ولكنها إنما تكون علي أهل الظلم والتعدي علي المسلمين.. أما أهل السلامة والدين فأنا ألين إليهم من بعضهم البعض.. وأنا بعد شدتي تلك أضع خدي علي الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف». وهكذا يكون دستورك يا عم محلب هو دستور عمر!! إن من يعمل من رجالك أو من الشعب كما سبق أن أعلنت فالوطن يستبقيه ومصر قوة طاردة لكل من لا يخلص لها.. إن مصر أم الدنيا والدين.. فنحن أصحاب ديانات كما سبق أن قلت ولم نعبد إلا الله الواحد الأحد.. وأكررها مراراً لأننا أصحاب ديانات قبل أن تنزل الأديان من السماء مسيحيينا قبل مسلمينا يعبدون الله الواحد الأحد.. وتواصل المصري مع السماء وبرع في ندائها والإيمان بالخالق ولم يصنع صنماً ليكون إلهاً له.. هذه الكيمياء الشديدة التميز لن تتغير.. ولكن المصري يستعدل والشخصية المصرية لن تنهزم ولنا شهادات من خارج الحدود فحينما وصل نابليون إلي مصر ورأي المصريين وعاشهم قال إن هؤلاء الناس يستقبلونك استقبالاً شهماً ولكنهم لابد أن يشعروك أنك ضيفاً عليهم. وقال عمرو بن العاص: «لست غازياً فالمصريون يرحبون بالدين الجديد حتي لو ظلوا علي مسيحيتهم». لقد تغيرت كيمياء المصريين بعض الشيء لاختلاطهم بشعوب أخري وحدوث زيجات غير مصرية مائة بالمائة ولكن لم يحدث تغييراً كبيراً وإنما بعض التغييرات في الشكل واللون وليس في المضمون لأن الجينات المصرية تاريخية وعالية ولا تهزمها جينات أخري. هجرة الشباب والمشكلة الكبري التي يجب أن تواجهها يا عم محلب هي الهجرات، فقد زادت هجرات الشباب.. والشباب هم القوة العاملة والدافعة للوطن وهم أيضاً القوة المؤثرة لذلك يجب تشجيع الشباب بإغرائهم بخلق فرص عمل والصيف قادم لمواجهة الهجرة إلي الخارج والتي لا يعود بعضهم منها ويفضلون المكوث بالخارج علي العودة إلي الفراغ أو يخجلون من العودة بخفي حنين. وهذا الإغراء لابد أن يكون بعمل يعود علي الشباب أولاً بخبرة ما، ثانياً بمادة تعينهم علي الإنفاق علي أنفسهم. توشكي وحينما بدأ مشروع توشكي كتبت في هذا المكان «عقد عمل في توشكي» ولو أننا أغرينا رجال الأعمال بالاتجاه إلي الإنتاج الزراعي فسوف يفكر الشباب ويرحبون بالذهاب إلي هناك وليكن العمل في توشكي له علاقة بالدراسة في كليات الزراعة ومعاهدها علي مستوي الجمهورية بحيث يأخذ الطالب درجات عن الفترة العملية التي يقضيها في العمل والإنتاج في توشكي. وقد زرت منطقة توشكي مع الرئيس مبارك وشرحوا لنا أن المياه الجوفية هناك علي عمق 8 أمتار فقط وهذا عمق بسيط وهو يصل إلي مستوي يمكن استخراجه بسهولة ولكننا في الواقع فراعنة من يأتي يمسح ما بدأه غيره بأستيكة ولكننا لابد أن نعمل ما يفيد بلدنا ولا نشوه تاريخ من حكمونا وفي رأيي أن الرئيس مبارك تعرض لضغوط نفسية شديدة الوطأة أولها وفاة حفيده محمد رحمه الله وثانيها هجوم الشباب بلا خبرة ومنهم مجرد رجال أعمال يريدون الفائدة لأنفسهم دون النظر إلي مصالح الوطن. الذي يهمني هنا ألا يموت مشروع توشكي أبداً وأن نعود لهذه الدراسات لأنه ليست المنطقة في مصب فيضة بحيرة ناصر فقط ولكنها أرض شديدة الخصوبة لأنها تراكمات غرينية قديمة. هذا المشروع يجب إحياؤه لأنه الأمل مع باقي أراضي غرب النيل في رفع الجوع القادم واستيراد الغذاء، هنا حول توشكي يمكن زراعة القمح وهنا يمكن أن يكون حقلاً مترامياً للخضراوات يكفينا ونصدر منه للخارج ولو ان البركة في انقطاع الكهرباء الذي سوف يزيد المواليد بسرعة مائة في الدقيقة. يا عم محلب.. اجمع رجال الزراعة والمهتمين بزراعة الصحراء بالذات علي المياه الجوفية واترك بصماتك طعاماً لكل فم موجود وكل أفواه قادمة.. اجعل خطتك الطعام لكل فم خطة محبوكة.. اركب طائرتك وانظر منها إلي أرض مصر تجد أن الشريط الأخضر لم يزد إلا قليلاً والبلد «طفحت سكان» لا تفكر في النيل فقط فقد تم بناء سد النهضة وهو حرب إسرائيلية من نوع جديد هي الحرب بالتعطش ثم تجويع مصر حيث الآية الكريمة تقول {وجعلنا من الماء كل شيء حي} سواء بشر أو نبات أو حيوان وقبل أن ننشغل في رفع قضية سد النهضة فكروا في المواجهة بالاستغناء عن مياه الحبشة أو ما نفقده منها باستخراج المياه الجوفية وباستيراد الميكنة التي نستخرج بها المياه من أرضنا بدلاً من أن تضع الحكومة يدها علي خدها ثم ترفعها باللطم الدولي اللاإرادي في مواجهة سد النهضة ولو أن مشروع سد النهضة مثار ونشر عنه بالخارج منذ أوائل التسعينيات ولكننا شعب لا يعرف أن رمضان قادم إلا يوم 30 شعبان ثم ننتظر دار الإفتاء لنستطلع الهلال وهكذا وصلنا إلي سد النهضة بعد البناء. يا عم محلب.. التعليم أصبح في خواء أولاً لأن المدرس لا يستطيع أن يسيطر علي أكثر من سبعين تلميذاً محشورين في فصل سعته 40 تلميذاً فقط!! ثانياً لأن المناهج مليئة بالحشر حتي بعد أن حاول تخفيفها وزير التعليم بذكائه ووعيه ولكن لا يقدر علي القدرة إلا ربنا.. كيف يغير الرجل ما لعب في نفس الملعب قبله عشرات الوزراء ولكن لتكن حازماً وشكل لجنة لتغيير المناهج. ولكن المشكلة لدينا أن التعليم المتوسط ليس له احترامه داخل المجتمع ولو أن خريج أي معهد متوسط يجد عملاً أسرع من خريج الجامعة ولكن هنا في المجتمع دخل التعليم في سباق المظاهر. بنتي ما شاء الله في الحقوق. ابني ما شاء الله في الآداب. وهكذا يصبح عدد العاطلين الجامعيين أكثر من الهم علي القلب وبمظهرية فارغة ويعمل كل خريجي المعاهد المتوسطة بجد واجتهاد لم تحدث أي دراسة في مصر عن احتياجات سوق العمل من المدرسين أو المهندسين أو التجاريين كما يحدث في أي مجتمع متحضر يعرف ما يريد لهذا لابد من الاستعدال لابد أن نعود للتخطيط بعد هذا الكم الهائل من العاطلين الجامعيين والذين وصلوا إلي الأمراض النفسية بشكل مخيف وأصبحت عيادات الأطباء النفسيين مليئة بالشباب، لقد أصبحنا محتاجين لخطة محكمة للتغيير تغيير مفاهيم الشباب تجاه التعليم وأن التعليم المثمر هو الأفضل أي التعليم المنتج والذي يعود علي المجتمع بعائد ما يقوي بناءه. اقرأوا كلامي ولعلكم تقرأون غيره وبنفس الفكر بعد عشر سنوات من كاتب آخر أو كاتبة أخري في هذا المكان. وهنا تختلط الكلمتان الأمل بالألم نفس الأحرف ولكن الفرق ساشع بين مواجهة الألم وتحقيق الأمل.