كلاهما لا يمت للإنسانية بشيء، فليس من الانسانية أن تفضح إنسانا فضيحة بجلاجل وتجرسه وتطعن في شرفه دون تحقيق أو حكم قضائي يثبت اقتراف المفضوح لأي جريمة تستدعي كل هذا الكم من الوقاحة الاعلامية والسب والقذف الذي أصبح ظاهرة في الفترة الأخيرة . الجرسة والفضيحة بجلاجل في العصر المملوكي كانت أخف بأساً وأقل ضرراً منها في عصر الفضائيات لأنها كانت تتم بناء علي أمر قضائي بأن يركب مقترف الجريمة حماراً ووجهه للخلف نحو ذيل الحمار علي أن يقوده مقدم ينادي في الناس بالشوارع التي يجوبها ليشهدوا جرسة فلان بناء علي حكم القاضي فلان، وتسمي جرسة وفضيحة بجلاجل لأن المقدم من مهامه أن يقرع الجرس والجلجل المعلق برأس المفضوح بعد كل نداء علي الأهالي . أما في عصرنا الفضائي فيكفي أن يشاع أن هذه القناة أو تلك متخصصة في برامج الفضائح ونشر الغسيل القذر لهذا أو ذاك كي تجد مثل هذه القنوات أعلي نسبة مشاهدة بغض النظر عن تقديم أدلة أو أحكام قضائية تدين هؤلاء المفضوحين من ضحايا برامجه. عندما تحظي فضائيات الفضائح بنسبة مشاهدة كبيرة في المنطقة العربية فإن هذا مؤشر خطير لعدم قيام المؤسسات الدينية والتربوية بدورها المنشود في تحصين افراد المجتمع ضد فوضي السماوات المفتوحة.