أحسب أن الوقت قد حان الآن لنظرة مدققة وفاحصة، في الأهداف الحقيقية للحرب الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها مصر، من جماعة وفلول الإرهاب والعصابات والكيانات المتحالفة معها، والأخري المنبثقة عنها والمتفرعة منها، سواء لذر الرماد في العيون، أو لإبعاد الشبهة وتوزيع المسئولية عن الجرم. والداعي لتلك النظرة والحاجة اليها تنبع أساسا من استمرارية هذه الحرب وتصاعد وتيرتها، والمحاولات المستمرة لتوسيع رقعتها وزيادة حدتها،..،..، وأيضا ما هو واضح ومؤكد من تعدد وتنوع الجبهات والجنسيات المتورطة فيها، والداعمة لها والمشاركة فيها، وهو ما يخرج بها من الدائرة المحلية إلي دوائر أخري إقليمية ودولية. وليس خافيا علي أحد من المهمومين بالشأن الداخلي والمتابعين لتطوراته ومستجداته بصفة عامة، أن التصور المبدئي لدي عموم المواطنين من أبناء الشعب، في بداية أحداث العنف وإثارة الشغب في الشارع، التي لجأت إليها جماعة الإخوان عن طريق المظاهرات والمسيرات بعد ثورة الثلاثين من يونيو، كان ان ذلك هو رد الفعل الغاضب والرافض لإبعادهم عن السلطة وعزلهم عن الحكم، وأن ذلك انفعال مؤقت ومصيره أن يزول. وكان ذلك التصور قائما في أذهان الجميع علي أساس، أن جماعة الإخوان قد فقدت صوابها وقدرتها علي الرؤية السليمة لحقيقة الأمور، نتيجة الصدمة التي تعرضت لها في زلزال الثلاثين من يونيو، الذي أطاح بهم خارج السلطة والحكم وفقا لإرادة الشعب، بعد فشلهم الذريع وعجزهم الكامل عن إدارة شئون البلاد والعباد. وكان الاعتقاد ان الجماعة قد انتابتها حالة من الإنكار وعدم التصديق، لضياع حلمها في السلطة، الذي سعت له منذ عام 1928 وحتي الآن، ولهذا ركبها الغضب ولجأت للعنف ضد الدولة والشعب، ولكنها لن تلبث أن تثوب إلي رشدها وتعود إلي جادة الصواب بعد عودة العقل واستعادة القدرة علي الادراك الصحيح لحقيقة الأمور. وفي هذا الشأن كان التصور الغالب لدي عموم المصريين ابناء هذا الشعب، أن حالة الغضب والعنف التي أصابت الجماعة سوف تنحسر خلال مدة وجيزة، وأنهم سيراجعون أنفسهم ويعترفون بخطئهم وسوء إدارتهم للبلاد وفشل حكمهم لها، ثم يعتذرون للشعب، ويعودون مرة أخري للانضمام الي الإجماع العام والمسيرة الوطنية، بوصفهم جزءا من الشعب وفصيلا هاما من فصائل المجتمع،...، ولكن ذلك للأسف لم يحدث، فقد كان للمسألة أبعاد أخري أخطر وأعمق. «وللحديث بقية»