السقف الزمني للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المباشرة ، يقترب من نهايته، فالموعد المقرر لذلك 29 ابريل القادم ، والسؤال المطروح ، هل هناك أي مؤشرات تقول بإمكانية إحراز أي تقدم. ولعل الإجابة المبنية علي قراءة متأنية، لطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، وعلي تاريخ المفاوضات بين الجانبين ، تقول وبكل أسف، أنها جولة من جولات التفاوض، لن يتم تحقيق أي انجاز يذكر، بعد الشروط المجحفة المعروضة من قبل إسرائيل، والتي لا يمكن أن يقبلها أي فلسطيني ، مهما كان موقفه السياسي. فالمطلوب قرارات إذعان واستسلام. والبداية كانت في يوليو من العام الماضي ، عندما حققت الإدارة الأمريكية مأتم وصفه في حينه، بأنه اختراق الجمود، الحاصل في مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والتي استمرت متوقفة طوال ثلاث سنوات، نتيجة البون الشاسع في المواقف بين الطرفين، والتغييرات المستمرة في تركيبة الحكم في إسرائيل، ورغبة كل حكومة جديدة، في أن تبدأ المفاوضات من نقطة الصفر، دون البناء علي مأتم إنجازه ، من توافقات طوال سنوات طويلة، بدأت منذ التوصل إلي اتفاق أوسلو في عام 1993، يومها اعتبر التوصل إلي اتفاق لاستئناف المفاوضات، إنجاز لإدارة أوباما ووزير خارجيته جون كيري، وكان الأساس في العودة إلي طاولة المفاوضات، يتمثل في تحديد سقف زمني مدته تسعة أشهر ، مما يعني إن الأمر مرتبط بشهر أبريل القادم ،والهدف التوصل إلي اتفاق سلام شامل، يعالج كافة القضايا المطروحة، سواء في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية، والأمن، والمستوطنات، واللاجئين ووضع القدس ، علي أن تلتزم إسرائيل بعدم بناء مستوطنات جديدة، والإفراج علي دفعات من الأسري الفلسطينيين، في مقابل عدم اقدام السلطة الفلسطينية، علي طلب الانضمام إلي أي منظمات دولية، بعد نجاحها الكبير في الحصول إلي دولة غير عضو، بدلا من مراقب في الأممالمتحدة. وكشفت جولات التفاوض، التي استمرت طوال الفترة الماضية، عن فشل ذريع ،وخفض سقف التطلعات، ومن ذلك أن إسرائيل لم تلتزم، أيا من تعهداتها خلال شهور التفاوض، فقد أعلنت عن بناء الآلاف من الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة والقدس، وقتلت أكثر من عشرين فلسطينيا، واعتقلت أضعاف ما تم الإفراج عنهم من الأسري الفلسطينيين، وشردوا المئات، وكانت آخر جرائم إسرائيل، اقتحام المستوطنين المسجد الاقصي وتدنيسه، والاعداد للمخططين استيطانيين في مدينة القدس، هذا عن بند التوقف عن أفعال تؤثر علي سير المفاوضات، بل الأخطر أن واشنطن تخلت عن كل التزاماتها، التي وعدت بها لاستئناف المفاوضات ، وفي المقدمة حكاية الوعد الذي قطعته علي نفسها، بالانتهاء من حل جميع القضايا المطروحة، خلال مهلة الأشهر التسع، فا لضغوط التي تمارس الآن، تتعلق بقبول الفلسطينيين بتمديد فترة المفاوضات إلي تسعة أشهر أخري، لتنتهي في بداية العام القادم، وهو ما ترفضه السلطة الوطنية، وتؤكد أنها لن تمد المفاوضات، ولو ساعة واحدة بعد نهاية المهلة، كما أن واشنطن التي لا ترغب في أن تخرج خالية الوفاض، بعد كل الذي جري طوال الأشهر الماضية، استبدلت وعد التوصل إلي اتفاق نهائي، إلي اتفاق إطار، يحدد ملامح الحل، وبنود ومواد التفاوض الذي سيتم ، إذا وافق الطرفان علي فكرة مد المهلة المقررة، والذي يتضمن إقامة دولة فلسطينية علي أساس حدود 1967، مع تبادل للأراضي، دون تحديد لنسب التبادل، وإبقاء مابين 75 إلي 80 بالمائة من المستوطنين تحت السيادة الإسرائيلية ، وينص اتفاق الإطار ، علي ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل، مقابل اعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية، واكتفت الوثيقة بالحديث عن مبادئ عامة، وطموحات وآمال الطرفين في قضية القدس، وتحدثت الوثيقة التي يعمل علي الترويج لها ،مارتن أنديك المبعوث الأمريكي للسلام، عن قضية اللاجئين، بالتأكيد علي أنهم لن يعودوا إلي مناطق 1948، واستبدال ذلك بالتعويضات المالية، وهناك القضية الخاصة بالترتيبات الأمنية في الأغوار، عند الحدود المشتركة بين إسرائيل والأردن وإسرائيل، والتي تطالب بتواجد امني فيها لمدة خمس سنوات، يتم بعدها رصد مدي التزام، وقدرة أجهزة السلطة الوطنية علي حفظ الأمن. ولم يعد خافيا علي احد، مدي الخلافات الشديدة في المواقف بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ولابد من الإشارة هنا، والإشادة بالمفاوض الفلسطيني المقاوم، لكل الضغوط ، والرافض لتقديم أي تنازل عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ، ومن ذلك رفضه للاعتراف بيهودية إسرائيل، خاصة أنها ليست من القضايا المتعارف عليها للمرحلة النهائية، ولم تطلبها إسرائيل، إلا في اتفاقية السلام مع مصر أو الأردن، كما أن هذا الاعتراف سيضر، بمصالح الأقلية العربية في إسرائيل، وتمثل حوالي 20 بالمائة من عدد سكان إسرائيل، وتنهي بشكل كامل قضية حق عودة اللاجئين، كما أن الطرف الفلسطيني مدعوم عربيا، يرفض أي وجود إسرائيلي، تحت أي صورة في الدولة الفلسطينية، أو مشاركة قوات إسرائيلية، في حفظ الأمن في الأغوار، وقد أحسنت القيادة الفلسطينية صنعا، عندما بدأت منذ أكثر من شهر، اجتماعات مكثفة للبحث في البدائل المطروحة، والخيارات الفلسطينية ، في حال فشلت المفاوضات وفي المقدمة منها، السعي بجدية إلي الانضمام إلي 63 منظمة دولية، ومن بينها اتفاقية جنيف وفيينا والمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما تخشاه إسرائيل ، التي يمكن أن يحاكم قادتها، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وزيادة عزلتها الدولية، والاهم هو الإسراع في إتمام المصالحة الفلسطينية، وتوسيع نطاق الرعاية الدولية للمفاوضات، دون قصرها علي واشنطن، التي لم تنجز شيئا، أو الرباعية التي ماتت بالسكتة.