د. محمد سكران هذا هو عنوان المؤلف القيم الذي وضعه الوزير الأسبق للتربية والتعليم، دكتور حسين كامل بهاء الدين . أما لماذا هذه الرسالة؟ فيجيب بأنه: "من ليس له ماضٍ، ليس له مستقبل"؛ فتجارب الماضي وعظاته كانت درساً ونبراساً لمسيرة الشعوب، من استوعبها سلم، ومن عمل بها غنم. ولكن رسالة الماضي في وقتنا هذا لم تعد كافية في مواجهة المستقبل، وأمواجه الهادرة، وأعاصيره الهائلة، ومن ثم فإنه لابد لنا ونحن نلتفت إلي الماضي، ونأخذ من عظاته، أن نتسلح بالقدرة علي الرصد والخلق والبصيرة. وكما يعطي الماضي دروسه وعظاته، وينبئنا بتجاربه وأحداثه، فإن المستقبل يبعث بإشاراته وإرهاصاته، لمن أعدوا العدة، وتفتحت عقولهم وقلوبهم، فمن فهمها وأحسن قراءتها كانت له هادية ولأمنه حامية، ومن أغفلها، أو تجاهلها، أو أخطأ في تفسير رموزها، فاجأته الرياح، واقتلعت جذوره الأعاصير، وألقت به إلي متاهة التاريخ، وهوة التطرف والضياع. في هذا الزمن الأليم: عصر الهوان، تعددت الرسائل إلي هذه الأمة العربية المنكوبة، ولا من مجيب، وتعددت النداءات ولا مستجيب، أمة شُغلت بحاضر مرير عن الماضي والمستقبل معاً، وأصمت آذانها، وأغمضت عيونها عن دروس الماضي وعظاته، وأغفلت عقولها، وأوصدت قلوبها عن التفكير في المستقبل، البعض أغرقته مشاغل البحث عن لقمة عيش عزت في زمن الغلاء والبطالة، والبعض استغرقته أحلام اليقظة، وسيطرت عليه نشوة الملذات العارضة في جمع المال، وزهو المظاهر والسلطان، والبعض الآخر دفعت به غربة مكانية موحشة، إلي هجرة زمانية سحيقة ألقت به إلي هوة التطرف والضياع، والبقية ظلت علي إيمانها تستمع وتحلل بأن "الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"، وحبها للوطن أصله في جينات انتقلت إليهم عبر آلاف السنين من الجدود العظام، ومن ولاء ووفاء أصبح جزءاً من كيانهم، وولاء وانتماء للوطن الذي استودعهم الخالق العظيم أمانته، وكلفهم بإعماره. ومن ثم فإنه من الظلم الفادح أن يورث هذا الجيل أفلاذ أكباده، وأحفاده ميراثاً من الخنوع والعار والخضوع. ولقد توالت الرسائل لهذه الأمة المنكوبة، رسائل من الجدود العظام، تستنهض الهمم، وتذكر بالماضي المجيد، وتستحلف الأحفاد أن يفيقوا قبل فوات الأوان، ورسائل من رواد الاستنارة، ولكن كل هذه الرسائل لم تفلح في استنهاض هذه الأمة. ولم تبق إلا رسالة واحدة من الزمن القادم، موجهة إلي صفوة "من هذا الوطن، لم تجرفهم الأطماع، ولم تخدعهم المظاهر، ولم يجرفهم الجشع والأنانية إلي حرمان الأجيال القادمة من حقهم في الحياة، ومن نصيبهم العادل من الأمل والرضا" . وهذه الرسالة هي من فكر ووجدان ورؤية الأستاذ الدكتور/ حسين كامل بهاء الدين (وزير التربية والتعليم الأسبق) التي تضمنها مؤلفه القيم "رسالة من الزمن القادم" والذي وضعه عام 2005، وفيه طرح عشرات الرؤي والتحليلات للعديد من القضايا: التاريخية، والسياسية، والاجتماعية والثقافية والتعليمية. ومن خلال هذه الرسالة، لماذا تم وضعها؟ ولماذا تم طرحها؟ ومن خلال محتواها، غاياتها وأهدافها -نقول: إن الرسالة واضحة لا لبس فيها، والزمن القادم بتحدياته قادم لا مهرب منه. ومن ثم علينا أن ندرك فحوي الرسالة، ونتمني - علي حد قوله - أن تصل إلي القادر علي تجديد القوة وإحياء الأمل وحشد طاقات هذا الشعب العظيم لتجسيد العلم وبذلك الجهد والعرق والدم من أجل إتمام العمار، وتحقيق الأمل. هذه هي "رسالة من الزمن القادم" التي طرحها عام 2005م، وتعكس بدقة ما عليه الوضع الآن، من أزمات وتحديات، ومن آمال وطموحات، بعد قيام ثورتي الخامس والعشرين من يناير، والثلاثين من يونيو. وفي الختام نقول: إننا قادرون علي صنع المعجزات، وعلينا التوجه للمستقبل، لأننا أبناء مصر: التاريخ، الحضارة والاستنارة، وكفي هذا مبرراً.