سيظل هذا الطيف الحالم لجمال عبدالناصر يراود مكانه علي خريطة العرب يثير الجدل حول تجربته العظمي ويكتسب كل يوم مريدين ودراويش وأعداء وأصدقاء. فقد كان زعيما فوق العادة ادخره القدر ليجيء في موعده مع الخلود ارتفعت قامته كما لم ترتفع قامة أي زعيم مصري من قبل أو بعد انحاز إلي السواد الأعظم من شعب مصر فاختار صفوف الفقراء والمهمشين ليكون واحدا منهم عاش مثلهم وهكذا أيضا مات ليس في خزانته أموال ولا ياقوت ودهب ومرجان والحمد لله مات وكل ثروته 002 رابطة عنق كلها هدايا من رؤساء وزعماء عصره وزمانه ذلك العصر الذي كان فيه عبدالناصر أحد أعظم قادته وأكبر ثائريه، جعل من القاهرة واحة لهؤلاء الذين ينشدون التحرر الباحثين عن مكان لهم تحت الشمس ومع نهرو وتيتو أقام رمانة الميزان في العالم دول عدم الانحياز التي عدلت موازين القوي بين القوتين الأعظم ومن خلال مشاركة الاتحاد السوفيتي استطاع ناصر أن يبني 0001 مصنع وأن يعظم المساحة المزروعة وأن يبني السد العالي وأن يعيد توزيع الثروة والأراضي الزراعية وأن يؤمم الصراع الطبقي وكان ولابد للنهضة التي شهدها عصره أن تجلب عليه المواجع وخوته الدماغ فمصر منذ معركة نافارين مطلوب تحجيمها وتجبيسها وليس مسموحا لها بأن تطل علي عالمها العربي فتتجه نحو المشرق حيث مجالها الحيوي الذي من خلاله يتعاظم الدور المصري وينتشر الأثر المصري ولم يغفل الرجل الجانب الثقافي عندما اعتبر الفنون سلعة يجب توفيرها وتدعيمها لكي تصل إلي محدودي الدخل موسيقي وفن شعبي وأفلام ومسلسلات وكتب ودراسات ومجلات ثقافية ومسرح كل هذا كان في متناول الجميع فلم يتطرف أحد ولم يكفر أحد مجتمعه لأن مجتمع ناصر كان أشبه بالمدينة الفاضلة وكان سنده وظهيره السياسي مع الاحترام الشديد للأستاذ هيكل.. هو الشعب المصري عن بكرة أبيه.. ولأنني مع الأسف لم أعش المرحلة الناصرية ولكنني كنت شديد الشغف بقراءة كل ما كتب عنها فقد ادركت مدي ما يكنه البسطاء من شعب مصر والشعب العربي بأكمله لنضال وتاريخ هذا الرجل الذي كان الباعث الحقيقي للقومية العربية في شخصه تجسد الحلم العربي بالوحدة ولكن مع الأسف وقفت كل القوي تشهد هذا النهوض والبعث العربي والشموخ الذي اتخذ من القاهرة قاعدة للانطلاق واكتملت المؤامرة واجهضت في العام 7691 ومات ناصر بعدها ب 3 سنوات وتحول إلي طيف يراودنا وحلم نمني النفس بالوصول إليه وأمل نجري وراءه فإذا به سراب.. حتي جاء هذا الرجل من نفس المكان وذات المؤسسة الرجل الذي جسد إرادة أمة في لحظة يأس ومهانة وانهيار وضياع خرج عبدالفتاح السيسي لينقذ مصر وعالمنا العربي من مؤامرة دولية وشرق أوسط تقوده الدولة العثمانية وتتحول مصر فيه إلي تابع لقطر العظمي.. لقد أكرمنا المولي عز وجل بهذا البطل الاسطوري الذي انضم إلي سلسلة العظماء الذين ظهروا في أوقات الخطر الداهم فإذا بهم أبطال فوق العادة سطروا بطولات خلدها التاريخ صلاح الدين الأيوبي وقطر وبيبرس ومحمد علي وجمال عبدالناصر وعبدالفتاح السيسي.. أقول قولي هذا بعد أن قرأت لأستاذي وكاتبي المفضل صلاح منتصر أن مصر تريد السيسي مهاتير.. وليس السيسي عبدالناصر.. وهنا أود أن أهمس في أذن عمي وأستاذي وتاج راسي صلاح منتصر بأن شعب مصر دون شعوب المنطقة هو المؤهل لصنع المعجزات ولكن هذه المعجزات لا تتحقق إلا من خلال قائد وقد جاء القائد وسوف تثبت الأيام ويثبت هذا الشعب العظيم ويبرهن مرة أخري علي انه قادر بقيادة وطنية وزعامة شعبية أن يحقق طفرات تعجز من الاتيان بها أرقي الشعوب وأغني الشعوب.. لقد أبهرنا الإنسانية علي مدار التاريخ بل اجهدنا التاريخ وهو يلاحقنا ويسجل ما يجري في بر مصر.. مصر التي تستلهم البطولة من أبطالها الذين شغلوا الدنيا ولا نستورد نماذج من خارج حدودها.