ابتداء أنا لا أنتمي لأي فصيل سياسي بمصر، أتشرف فقط بأن أنتسب للبحث العلمي الذي أقوم به، وبداية حديثي مع الموجة الثورية التي حدثت في مصر في الثلاثين من يونيو وما آلت إليه الأوضاع، وما أتناوله بمقالي هذا ليس إلا سيناريو تخيلي من خطوتين كبيرتين هذا السيناريوأتخيل فيه أنني أحد قادة الإخوان الفاعلين أو مرشدهم، وهو سيناريو إلي من يهمه الأمر. أما الخطوة الأولي في السيناريو الحالي فتتركز علي تقييم الوضع الراهن، ففي الماضي كان وعدُنا للناس بالإسلام كحل وكخلاص وجنة علي الأرض، وكان التعاطف مزدوجاً حيث تعاطف الناس معنا لكوننا ننادي بالإسلام منهجا وخلاصاً وللتعذيب والاعتقالات التي جرّت مشاعر التعاطف معنا، الآن صار التعاطف معنا في أدني مستوياته، لقد بدلنا غَايتنا وقدوتنا وأمانينا ودستورنا الذي تمثل في "الإسلام هو الحل" أو "الإسلام أمل الأمة"إلي أيقونة "رابعة"، وهي تمثل محاكاة لإظهار الاضطهاد والتعرض للمحرقة " علي غرار الهولوكوست"، لقد ظننا الأيقونة التي ندعو إليها الناس ستدر التعاطف والحشد الشعبي وستبني عقدة الذنب لدي من يرانا ويتابعنا. لقد نسينا ونسي من خطط لنا تلك الأيقونة "رابعة " أنها لا تستدعي التعاطف والدعم فقط، وإنما تستدعي"الطوطمية"أيضا، فالقبائل البدائية تظل تعبد إلها ولكنها تذبحه وتضحي به علي مذبح رغبتها في الحماية والأمان الشخصي، ويبدو أن شركات الدعاية والعلاقات العامة التي خططت لنا لم تنبهنا لهذا الأثر الجانبي للأيقونة، أو ربما تلك الشركات تفكر بذهنية غربية ونسيت أن من يعانون مرارة الإفقار والعوز في بلادنا يحتاجون من يشفق عليهم لا من يشفقون هم عليه. وأيا كان الوضع الراهن فهو أسوأ بكثير مما تمنينا قبل الدخول لقصر الحكم ، وعليه يجب أن ننتقل إلي الخطوة الثانية في السيناريو الحالي، حيث التساؤل: كيف ننتقل من وضع الآن "المُنبوذ" إلي وضع المستقبل "المرغوب" حيث القبول والاندماج والتأثير؟، ويبدو أنه لا حل سوي تجرع الدواء السقراطي من أجل الحقيقة، حيث يجب: أولاً: فيما لا جرم فيه اعتراف بالتقصير وعدم المراهنة علي التاريخ وما يكتبه، فالأفضل أن يكتبني التاريخ "مُقصر يحتاج إلي التدريب لإدارة شئون البلاد والعباد" أفضل من أن يكتبني موصوماً "بالتطرف والإرهاب". ثانيا:ً الناس تنتخب وترغب من يُحسن شروط الدنيا، وعليه فالتفكير الصائب أن الناس تنتخب من لديه وعد بحياة أفضل وليس إنهاء الحياةتحت أي مسمي"انتحار.. جهاد.. استشهاد"، أومشاريع غير واضحة للدنيا، فكثير من أهل مصر الفقراء هم أحياءٌ بطعم الموت وأمواتٌ بطعم الحياة. ثالثاً: يحتشد الناس خلفنا بثقافة إنجاز وملموس نتائج وليس النصوص واستظهارها والخطابة وهالتها.... والآن بعد مقالتي تلك هل يمكن أن تصل الرسالة لمن يهمه الأمر؟