أخيراً أعلن الرئيس عدلي منصور موعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة ليكون يوم 19 فبراير الحالي ، وصرح بأن باب الترشح سوف يستمر مفتوحاً لمدة شهر كامل ليقفل في 18 مارس 2014. وتحدد يوم الأحد 18 مايو موعدا مبدئيا لانتخاب رئيس الجمهورية وقد يضاف يوم الاثنين 19 مايو إذا تطلبت الضرورة ذلك علي أن يتم إعلان النتيجة قبل يوم 23 مايو وفي حالة إجراء انتخابات إعادة فستكون يوم 31 مايو. المصريون في حالة ترقب لأسماء المرشحين للمنصب الرفيع، والكثير منهم ينتظرون إعلان المشير السيسي لخبر ترشحه والكل يتابع الأسماء الأخري التي ستدخل السباق. المهم في رأيي أن يجري الماراثون الرئاسي هذه المرة بنضج أكثر وفهم أعمق وأن نكون جميعاً قد استفدنا من التجربة السابقة التي حفلت بالعديد من الأخطاء. أخطاء وقع فيها المرشحون كما وقع فيها الناخبون. وجاءت الفرصة التاريخية لكي يصحح الجميع أخطاءه، ويدخل التجربة الفريدة في تاريخ الوطن بحرص وإصرار علي اختيار الأفضل للوطن. والأهم أن يقدم كل مرشح مهما بلغت شعبيته برنامجاً واضحاً، محدد المعالم، يعتمد علي قراءة واقعية لحال البلاد الآن، ويري بوضوح كيفية الوصول للهدف، ويطرح الطرق التي ينبغي أن تكون غير تقليدية، علمية، مدروسة لتحقيق ذلك. العاطفة وحدها لا تكفي، فنحن الآن في أمس الحاجة إلي التفكير العلمي والإبتكار، وتحفيز كل العقول المبدعة لتخرج ما لديها، لتشارك بفاعلية وانتماء حقيقي في بناء مصر التي نحلم جميعاً بها. نحتاج لوضع أولويات لإقتحام مشاكلنا الصعبة، العديدة، المتشابكة، وأن يملك الرئيس القادم الشجاعة الكافية لإعلان تلك الأولويات، وإقناع الشعب باختياره لتلك الأولويات، ولماذا سوف يركز علي قضية بعينها أولاً، ثم ينتقل إلي القضية التالية. يمكن أن يحصل علي قبول شعبي علي أن نتحمل قليلاً حتي نستطيع أن نعبر مرحلة، مرحلة، طبقاً لبرنامج زمني واقعي، لكنه يطالب الجميع بالعمل بجدية وحماس وصبر. نحتاج إلي برنامج يستفز قدراتنا، ويشحن طاقاتنا الإيجابية، ويصهر الجميع في بوتقة الوطن، نحتاج إلي يقظة كاملة، لا نصف يقظة. وإرادة حديدية يشعلها الأمل. لسنا أقل من دول أخري عبرت حاجز اليأس، وقفزت بنجاح إلي دائرة الوجود، وطريق التقدم. إننا في تلك اللحظة الفارقة في تاريخ مصر نحتاج أكثر ما نحتاج إلي رؤية واضحة للمستقبل، رؤية تؤمن بالتخطيط، لا التي تعتمد علي التلقائية أو الحماس الوقتي الذي سرعان ما ينطفئ، ويدخل في سياق الاعتياد والرتابة ليبتعد تدريجياً عن الهدف. الشعب أيضاً مطالب بالتفكير العميق ، والقراءة المتأنية لبرامج المرشحين للرئاسة. والبحث المخلص عن نفسه ومتطلباته الحقيقية بين سطور برامج المرشحين. مطالب بأن يركز في خطبهم ومناظراتهم في أثناء حملاتهم الإنتخابية عن البرنامج الذي يمكنه من استعادة هويته واسترداد عظمة تاريخه. يجب ألا نختار من نراه الأفضل فحسب ، بل أن نختار بعقولنا وقلوبنا معاً. وان نوقظ كل حواسنا ونحن نمارس أهم حق من حقوقنا وهو الحق في اختيار القائد لمعركة البناء والتنمية والتقدم. إنها مسئولية كل مواطن، وواجب كل مصري ينتمي لتراب هذا الوطن الغالي، وعلينا أن نستعد جميعاً للقيام به علي أكمل وجه فنحن شعب عظيم ينتمي إلي حضارة عريقة. نحن شعب يستحق حياة أفضل كثيراً مما عشناها، وعانينا طويلاً من تبعاتها. وعلينا أن نتذكر أنه "إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر".