ما بال كثيرين ممن يتسنمون قمة العمل السياسي يتسمون- للعجب- بالغباء السياسي؟ ان الدرس الاول مما حدث في 03 يونيو الماضي كان يقضي بحتمية البعد عن تصفية الحسابات والغباء السياسي، لكن كثيرين لم يستوعبوا الدرس جيدا. لم ينس أحدهم انه بنفسه كان وراء هدم مجده بكبريائه وتعاليه وارتفاع الأنا لديه الي درجة اللا محدود، وكان بمقدور موهبته ان تخط سطور مجد تضاهي سابقيه وأقرانه ولاحقيه، لكن دارت الكرة برأسه واعطي نفسه ما لم يستطع ان ينتزعه من الناس حتي فقد بريقه مبكراً وعاش بعقدة ان الاخرين هم الذين قتلوه وحرموا عشاق موهبته منه غيرة منه وحقدا عليه حتي اذا تمكن من ادارة المجال الذي كان بارزا فيه امتشق سيف دون كيشوت محاربا طواحين الهواء، وارتدي ثوب ابوزيد الهلالي واستدعي نزق عنترة وهو يحارب جيش النعمان ليحصل علي مهر عبلة المستحيل. وليته اراد الثورة علي الفساد حقا، لكنه تكرار غريب لغباء سياسي اطاح بسابقين هو وهم علي طرفي نقيض ولا يلتقيان معا ولايتفقان الا فيما اودي بهم الي اقتلاع مخالبهم والخصومة مع المجتمع وهو ما سيكون بصدده ايضا اذ يختار وقتا يجافيه الصواب وتنعدم فيه الحكمة لاصدار قرارات يعلم وحده انها فرصته الاخيرة في تخليص ثأره القديم، ولا يدري انه يضع في ذات الوقت مسماره الاخير في استعادة بريقه حين ينصب نفسه قاضيا وجلادا ضد من يحمل خصومتهم في نفسه ولايراعي ظروف البلد العصيبة ودقة ما يمر به من احداث، منحازاً فقط لنفسه ولمن يرون في قراراته شفاء لغليل صدورهم، واكثرهم خصوم مثله وقليلهم يبغي الصالح العام، لكن المؤكد ان قراراته الاخيرة- حتي لو كانت صحيحة تستبق التحقق- تندرج فقط تحت عنوان واحد »الغباء السياسي«.