عدم محاسبة الوزراء اثناء فترة عملهم وتوليهم المناصب يرجع إلي علاقة هؤلاء الوزراء بالسلطة خاصة واننا لم نعتد في مصر علي محاسبة الاشخاص الذين لديهم سلطة او حصانة ويتم ترحيل مشكلاتهم إلي مابعد خروجهم من الوزارة. و المشكلة تكمن في عدم قدرة النظام السياسي والقانون المصري علي محاسبة من هم في السلطات خاصة وان الانتقادات دائما توجة لوزراء سابقين ورؤساء وزراء سابقين ورؤساء جمهورية سابقين ويتم التعامل معهم بشكل مختلف عما كانوا عليه اثناء وجودهم في السلطة. ويرجع السبب في ذلك إلي ضعف سلطة الأجهزة الرقابية وخوفها من سطوة الوزير وسلطتة وحصانته .. هذه بعض المبررات التي ساقها رجال السياسة عن اسباب عدم تفعيل قانون محاكمة الوزراء في العهود التي خلت . فالدستور الجديد تضمن نفس المواد تقريبا بالنسبة لمحاكمة الوزراء و لكن هل يبقي الوضع علي ما هو عليه و تبقي النصوص الدستورية كالحبر علي الورق ام يتم تفعيلها. الحل يبدأ من تقوية المؤسسات الرقابية بحيث يصبح هناك رقابة حقيقية لا تخشي اي مواءمة وهو ما حدث بالفعل في الدستور الجديد وتم تعظيم الدور التشريعي والرقابي للبرلمان مما يجعله سيفا مصلتا علي رقاب الفاسدين . مادة 173 يخضع رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة للقواعد العامة المنظمة لاجرءات التحقيق والمحاكمة، في حالة ارتكابهم لجرائم أثناء ممارسة مهام وظائفهم أو بسببها، ولا يحول تركهم لمناصبهم دون اقامة الدعوي عليهم أو الاستمرار فيها. وتطبق في شأن اتهامهم بجريمة الخيانة العظمي، الاحكام الواردة في المادة 159 من الدستور. مادة (159) يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك احكام الدستور، أو بالخيانة العظمي، أو أية جناية أخري، بناء علي طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب علي الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام. واذا كان به مانع يحل محله احد مساعديه. وبمجرد صدورهذا القرار، يوقف رئيس الجمهورية عن عمله، ويعتبر ذلك مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرته لاختصاصاته حتي صدور حكم في الدعوي. ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلي، وعضوية أقدم نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولي الادعاء أمامها النائب العام، وإذا قام بأحدهم مانع، حل محله من يليه في الأقدمية، وأحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن. وينظم القانون إجراءات التحقيق، والمحاكمة، وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخري. في ظل فرحة انتصار ثورة الشباب ودخول مصر عصر جديد من الحرية والديمقراطية تعالت الأصوات المطالبة بإعداد مسودة قانون لمحاسبة الوزراء بعد ثبوت ارتكاب عدد من الوزراء السابقين الكثير من جرائم الفساد . صحيح أن هناك قانونا صدر لمحاكمة الوزراء عام 1958 أثناء الوحدة الوطنية بين مصر وسوريا لكنه لم يبعث للحياة ولم يحاكم وزير واحد به و رغم تقدم بعض النواب بمشروع قانون لمحاكمة الوزراء لكنه لم يفعل ولم ير النور . و لكن لجنة الخمسين اسست له في الدستور الجديد و اصبحت المسألة بلا خيار او فاقوس فرئيس الحكومة او وزراؤه يحاكمون مثل اي مواطن امام القضاء العادي و امام محاكم خاصة شأنهم شأن الاتهامات الموجهة لرئيس الجمهورية وفقا للمادة 159 .. من المؤسف انه عندما تتجه ارادة السلطة الحاكمة في اجهاض اي قانون بترزيتها واسطواتها في القانون تستطيع فالتشريع قائم حتي الان منذ الوحدة مع سوريا ولكنه معطل بسبب أن المحكمة التي تتولي المحاكمة كانت مكونة من 6 أعضاء من الإقليم الجنوبي و6 من الشمالي وبالتالي أصبح القانون معطلا و رغم ان النواب تقدموا اكثر من مرة بمشروع قانون و هو عبارة عن اجراءات وليس عقوبات وهو ينظم كيفية المحاكمة .و لكن بعد تقوية المؤسسات التشريعية و الرقابية فلن يكون هناك مانع يحول عن تنفيذ هذه النصوص الدستورية .