المالية: توفير 20 مليون جنيه "فكة" بمناسبة العيد    جولد بيليون: الذهب عيار 21 يستقر عند 3140 جنيهًا للشراء    تداول 28 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بميناء دمياط    تحذير عاجل من البيئة بشأن مخلفات الأضاحي    "فحص طبي لثنائي وراحة يوم".. مصراوي يكشف برنامج الأهلي لمواجهة الاتحاد    محمد شريف: "وقعت للزمالك قبل الأهلي.. وفشل الانتقال بسبب هذا اللاعب"    في عيد ميلاده.. رحلة محمد صلاح من نجريج إلى قمة الكرة العالمية    مواعيد القطارات خلال إجازة عيد الأضحى 2024    إيرادات الجمعة.. "ولاد رزق 3" يحافظ على الصدارة و"أهل الكهف" الرابع    11 معلومة عن خطيب عرفات ماهر المعيقلي.. من أروع الأصوات وعمره 55 عاما    خطيب عرفة: الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة    ضمن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحي.. إطلاق 33 قافلة طبية مجانية بمختلف محافظات الجمهورية خلال 4 أيام    بحجة ارتفاع أمواج البحر.. تفاصيل نقل الرصيف العائم من شاطئ غزة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    رئيس «النيابة الإدارية» يهنئ السيسي وشعب مصر بعيد الأضحى    إعلام لبنانى: مقتل شخص وإصابة آخر جراء استهداف مسيرة إسرائيلية لدراجة نارية    مقتل شخص وإصابة 2 آخرين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس بعيد الأضحى المبارك    البلتاجي: ركلة جزاء الأهلي صحيحة.. ومدافع الزمالك يستحق البطاقة الحمراء    بعد بوتين.. الرئيس الصيني يُهنئ رامافوزا بإعادة انتخابه رئيسًا لجنوب إفريقيا    كفرالشيخ: تحرير 7 محاضر لمخالفات خلال حملات تموينية على المخابز بقلين    هتصلي فين؟.. ساحات عيد الأضحى المبارك بالإسماعيلية    الاحتلال الإسرائيلي يعلن قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوبي لبنان    إيطاليا تستهدف معادلة 6 منتخبات أبطال فى يورو 2024    الشيخ ماهر المعيقلي يلقي خطبة عرفة (بث مباشر)    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    عمرو دياب يكشف عن أحدث أغانيه "تتحبي" بعد يومين من طرحه "الطعامة"    وفد من الكنيسة يهنئ محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    وزيرتا التعاون والبيئة تبحثان مع الجانب الإيطالي تعزيز فرص التعاون في إدارة المخلفات الصلبة    مع ارتفاع درجات الحرارة.. 5 نصائح مهمة لتجنب الإصابة بضربات الشمس في عيد الأضحى    التضامن: تنظم سلسلة من الدورات التدريبية للاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين حول الإسعاف النفسي الأولي    هيئة« الدواء» تعلن رقمنة 5 خدمات للتواصل والاستفسار عن توافر الأدوية والإبلاغ عن الآثار الجانبية    الرعاية الصحية: انعقاد غرفة الطوارئ ضمن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى 2024    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    أسعار الفاكهة اليوم السبت 15-6-2024 في قنا    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    يوم عرفة 2024 .. فضل صيامه والأعمال المستحبة به (فيديو)    حملات لرفع عدادات المياه المخالفة وتحصيل المديونيات بعدة مدن جديدة    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    زراعة 327 ألف شجرة بكفر الشيخ.. والمحافظ: «زودوا المساحات الخضراء»    "كان بيقطع اللحمة".. لا شبهة جنائية في وفاة جزار بسكين في الجيزة    سمر علام بطلة العرض المسرحي "عامل قلق" أمام سامح حسين فى العيد    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    هل رمي الجمرات في الحج رجم للشيطان؟.. «الأزهر» يوضح    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    الجالية المصرية في السعودية: تفويج جميع الحجاج المصريين إلى جبل عرفات    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    إبادة «فراشات غزة» بنيران الاحتلال| إسرائيل على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    لاعب سلة الأهلى يكشف تفاصيل عدم السلام على رئيس الاتحاد السكندري    ألمانيا تسحق إسكتلندا بخماسية في افتتاح يورو 2024    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
جريمة حرق العلم!!
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 12 - 2013

لعلنا مازلنا نشعر بنشوة النصر لحظة عبورنا للقناة، وإسقاط علم العدو، ورفع علم مصر مكانه في إعلان واضح للعالم بأننا غسلنا عار الهزيمة
كثيرة هي الأحداث والوقائع الغريبة والمستهجنة التي تحدث الآن، وما كنا نتوقع حدوثها أو وقوعها في يوم من الأيام، وماكنا لنصدق امكانية تحققها لولا اننا اصبحنا شهوداً عليها، ولولا انها حدثت امام أعيننا ووقعت في حضورنا.
ورغم تعدد وقوع وتكرار حدوث هذه الغرائب وتلك المستهجنات، إلا أن بعضها يظل مستعصيا علي الاستساغة أو الهضم، أوحتي مجرد القبول به،..، وهل كان فينا من يتصور في يوم من الايام أنه سيأتي علينا زمان نري فيه مواطنا مصريا، من ابناء هذا الوطن، يقوم بحرق علم مصر، بكل ما يعنيه ذلك من خسة ونذالة وتدن؟!
بالقطع لم يكن فينا من يتصور أن يرتكب مصري هذا الجرم البشع، في الوقت الذي ننظر فيه جميعاً للعلم علي أنه رمز لكل القيم الوطنية العالية، تتجسد فيه قيم الانتماء والولاء والتقديس للوطن والأرض والأهل والأقارب والاصدقاء، وتدور حوله كل الاحاسيس والانفعالات والذكريات المفعمة بالعزة والكرامة.
ولا مبالغة في القول بأن حالة من الانكار وعدم التصديق، الممتزجة بالرفض والاستهجان قد انتابتني وكثيرين غيري، عندما فوجئنا بذلك المشهد غير المتصور، وغيرالمتوقع، وغير المقبول، يقتحم علينا بيوتنا ويفرض نفسه علينا عبر القنوات الإخبارية، خلال متابعتنا لوقائع وأحداث ذلك اليوم في تلك اللحظة التي احتوت علي هذا المشهد البائس، الذي كنت أتمني الا أراه علي الاطلاق، حتي استطيع علي الاقل التمسك بإنكار وقوعه أو حدوثه.
نعم كنت اتمني ولازلت ألا أري في يوم من الأيام ذلك المشهد الذي كان له عندي وقع الجريمة الخسيسة والبشعة،...، ولا اعتقد أن هناك خسة وبشاعة اكبر من تنصل شاب أو صبي في مقتبل العمر، من كل القيم الوطنية التي تربطه بوطنه وإقدامه علي حرق علم بلاده، بكل ما يعنيه ذلك من تدن في النفس والسلوك، وغيبة، بل موات، في النخوة والرجولة التي يجب ان تجتاحه وتثور بداخله إذا ما رأي أحدا من الاعداء يقدم علي هذه الفعلة النكراء.
كان هذا هو احساسي التلقائي لحظة الاطلالة السيئة بل البشعة لذلك المشهد الاجرامي، بكل ما حمله معه من خسة ونذالة، وبكل ما تركه في نفسي من ألم دام وجرح عميق،...، وفي هذه اللحظة ورغم الالم والجروح قفزت إلي ذهني عبر تلافيف العقل، وخزائن الذاكرة كمية هائلة من المعلومات والمشاهد والأخبار والوقائع، تتدافع في تسارعها للطفو علي السطح لاثبات الوجود المعلن عن ذاتها،...، بعضها تعلمناه وعرفناه منقولا الينا في سير السابقين من السلف الصالح واللاحقين بهم، وبعضها تابعنا احداثه وعاصرنا وقائعه عبر الصحافة وأجهزة الإعلام المسموعة والمرئية، في زماننا هذا، وبعضها الآخر كنا نحن شهوداً عليه لحظة حدوثة، وكنا ممن ساهموا في نقله للعالم عبر وسائل الإعلام، والصحافة،...، وكلها تتمحور حول العلم ودلالته ورمزيته وما له من قيمة كبيره ومعني عظيم في نفوس أصحابه والمنتمين اليه.
وفي هذا الاطار، أعتقد اننا ندرك جميعاً ما كان من تنافس بين المسلمين الأوائل علي نيل شرف حمل العلم أو الراية الدالة علي جيوش المسلمين خلال المعارك العسكرية التي يجبر المسلمين علي خوضها أو يضطرون اليها، وكان ذلك مطمعا لكل الرجال المشاركين في الحرب وشرفا ما بعده شرف.
وكلنا نعلم من خلال ما كتب عن الغزوات والمعارك التي خاضها الرسول الكريم سيدنا محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه، وما نقل الينا عن الحروب والمعارك التي خاضتها جيوش المسلمين من بعده في عهود الخلفاء الراشدين، ابو بكر وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم ان لحامل الراية وكان يسمي حامل اللواء، مكانة كبيرة وقدراً عظيماً، نظراً للمسئولية الملقاة علي عاتقة في الحفاظ علي الراية، أو العلم، او اللواء مرفوعاً في ساحة الوغي وعالياً في مواقع المعارك،...، وأحسب كذلك اننا جميعاً كنا ولا زلنا تقشعر ابداننا فخراً وإعجاباً كلما سمعنا عن قصة الصحابي الجليل جعفر بن ابي طالب الذي ظل قابضا علي اللواء - الراية - في إحدي المعارك رافعاً لها محافظاً عليها حتي قطعت ذراعه اليمني بضربة سيف، فقبض عليها باليسري، حتي قطعت ايضاً، فقبض عليها بين كوعيه حتي استشهد.
وهناك امثلة كثيرة، وروايات عديدة، كلها توضح الأهمية البالغة للراية أو العلم أو اللواء وما له من رمزية ودلالة ومعني سواء كان ذلك في الحرب أو السلم، عند المسلمين الأوائل، وعند من سبقهم، ومن لحقهم ايضاً وإذا كان ذلك هو ما تعلمناه وعرفناه من سيرة السلف الصالح والتابعين، فإننا نضيف اليه ماهو معلوم لنا جميعاً بالضرورة. من ان ذلك لم يكن حال المسلمين فقط في ذلك الزمان، بل كان حال الدنيا كلها في كل مكان من الارض المعمورة بالبشر، سواء كان هذا العمران علي هيئة دول بالمعني المفهوم من شعب وارض وسلطة تقود او تحكم، أو علي هيئة مجموعات بشرية مجتمعة ومتعايشة في مكان معين ومحدد ومعلوم ومعترف به من غيرهم من المجموعات،...، حيث كان لكل مجموعة ولكل دولة علم او راية يدل عليها ويشير الي وجودها، وتطالب الآخرين باحترام هذا الوجود،...، وفي كل الأحوال تحرص كل جماعة أو دولة علي احترام علمها ورايتها ويطالبون الآخرين باحترامه، واعتبار أي مساس به من الآخرين مساس بكرامة الجماعة والدولة بكل افرادها، وفي هذه الحالة يقومون بالدفاع عن كرامتهم المهددة، بكل الوسائل الممكنة، ومنها القتال والحرب لإجبار الآخرين علي احترامهم.
وأحسب أنه بات معلوماً لكل انسان علي الارض منذ زمان طويل، يمتد في كثير من الاحيان الي ما قبل نشأة الدول، والمجمعات كثيفة البشر أي المجتمعات الحديثة، أن الانسان قد استخدم العلامات للإعلان عن ملكيته وما في حوزته، وحدود ومساحة هذه الملكية علي الارض، بحيث تكون هذه العلامات اشارة للآخرين وتحذيراً لهم في ذات الوقت، حتي لا يتعدون علي هذه الملكية،...، وهو ما تطور بعد ذلك ليصل الي اختيار علم خاص لكل دولة، يشير إليها ويدل عليها ويؤكد وجوده في مكان ما إلي حيازتها لهذا المكان وسيطرتها عليه.
وفي هذا الإطار اصبح وجود العلم المصري مرفوعاً وعالياً في مكان بعينه يعني ان هذا المكان ملكية مصرية أو جزء من الارض المصرية، ويخضع للدولة المصرية بكل احكامها وقوانينها،..، وكذلك ايضاً إذا كان علم اي دولة اخري مرفوعاً في مكان آخر، فإنه يعني ان هذا المكان مملوكاً لهذه الدولة وجزءا منها، تسري عليه قوانينها وأحكامها،...، ولذلك نري كل سفارات الدول في اي دولة اخري ترفع علم بلادها ودولتها فوق سفاراتها،...، وهو ما يعني ان هذا المبني او المكان تابع لها وجزء منها، رغم انه في دولة أخري.
وفي الحروب تتعاظم قيمة العلم ويكبر معني وجود العلم عالياً خفاقاً في اماكن القتال ومواقع الحرب، فذلك يعني ببساطة ان هذا المكان وتلك المواقع تابعة للدولة صاحبة العلم، وانها خاضعة لسيادتها،..، وغياب العلم ووجود علم آخر لدولة اخري مكانه يعني ان هذا المكان اصبح خاضعاً للدولة صاحبة العلم المرفوع، وهو ما يعني ان الدولة الأخري قد نالتها الهزية في الحرب، أو أنها خسرت هذا الموقع وذلك المكان بصورة مؤقتة او مستديمة.
وفي هذا لعل البعض منا ممن عاصروا حرب 7691، ووقائع النكسة التي اصابتنا فيها، لا يزالوا يذكرون ويشعرون بذلك الألم والحزن العميق الذي اصابنا جميعاً جراء الهزيمة في هذه الحرب، ومازال ينتابهم نفس الإحساس بالغضب الشديد الممزوج بالمهانة وهم يرون علم الاعداء مرفوعاً علي سيناء والضفة الشرقية من القناة في اعقاب الهزيمة ونتيجة لها.
ولعل هؤلاء وأنا واحد منهم لازلنا نذكر، بل نشعر بتلك السعادة الغامرة والنشوة الكاسحة التي اجتاحتنا جميعاً لحظة الانتصار في حرب اكتوبر المجيدة عام 3791، وعبورنا للقناة واسقاطنا للعلم الإسرائيلي، ورفعنا لعلم مصر مكانه، في اشارة واضحة للعالم كله بأن مصر قد غسلت عارها، وأزالت آثار الهزيمة، واستردت كرامتها، ورفعت علمها علي ارضها المحررة، بعد ان طهرت الارض بدماء ابنائها الابطال، الذين ضحوا بأرواحهم الغالية في سبيل النصر واستعادة كل حبة رمل من ارض الوطن،...، وكانوا يتسابقون لإعادة علم مصر الي مكانه فوق أرضها.
ولعلي لا أغالي إذا ما قلت ان حذاء كل واحد منهم، أكثر شرفا وقيمة من هذا الخسيس النكرة، الذي تدني في سلوكه الي هذا الدرك الاسفل، وقام بحرق علم بلاده،....، هو وكل من ساعده علي فعلته الخسيسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.