يبدو أن الإدارة الأمريكية بدأت تعيد حساباتها بالنسبة للموقف تجاه مصر بعد سقوط حكم الإخوان وبعد ثورة الشعب المصري بصورة غير مسبوقة ضد محاولات »أخونة الدولة« وتفكك مفاصلها لحساب الجماعة لكي يقوم علي أنقاضها نظام دكتاتوري قمعي باسم الدين وبلا وجود لمصر. ويبدو أن الرئيس أوباما اكتشف واستوعب الخطأ الجسيم الذي وقع فيه بتأييد حكم الإخوان ومساندته بالمساعدات لتنفيذ المخطط الأمريكي لتقسيم مصر ودول المنطقة العربية وبالذات دول الخليج للهيمنة علي مصادر البترول في هذه المنطقة الحيوية والغنية بالنفط والغاز.. وقد لعبت أن باترسون السفيرة السابقة- والمعزولة من منصبها في القاهرة- دورا في ذلك وكانت تقوم بتنفيذ مخططها الذي جاءت من باكستان -في أعقاب ثورة يناير.. وإعتمدت علي جماعة الإخوان بعد وصولها إلي الحكم بدعوي الإسلام السياسي خلال فترة الرئيس السابق المعزول محمد مرسي.. وكانت علي إتصال دائم بخيرت الشاطر نائب المرشد العام وتقوم معه بالتنسق لإحكام قبضة الإخوان علي الحكم لأطول حقبة ممكنة. وقد بدأ هذا التغيير في الموقف الأمريكي من النظام الجديد -بعد يونيو- في إطار مساعي أمريكا لحماية مصالحها في الشرق الاوسط وبعدما أفشل الفريق عبدالفتاح السيسي المخطط الأمريكي، وكشفت صحيفة الواشنطن بوست عن أن إدارة الرئيس أوباما طالبت الكونجرس بإيجاد مخرج تشريعي يسمح بإستمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر وعلي الرغم من أن واشنطن تجنبت -حتي الان- وصف عزل مرسي بالانقلاب وتفهمت تدخل الجيش المصري إلي جانب الشعب في ثورة يونيو والتي وضعت نهاية الإخوان بعد عام في الحكم وبدأت الادارة الأمريكية بالفعل مباحثات مع اعضاء الكونجرس حول المساعدات لمصر وذلك في ضوء القانون الأمريكي الذي يحظر علي أمريكا تقديم أي مساعدات أو تمويل للحكومات التي صعدت إلي السلطة بالقوة. والواضح إذن أن إدارة أوباما تعيد تقييم موقفها وقد لقيت مساعي الإدارة ترحيبا ملحوظا من اعضاء لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي حيث عارض بعضهم قرار إدارة أوباما تجميد المساعدات لمصر في حين أكد آخرون ضرورة استمرارها في مواجهة الجيش المصري للإرهاب.. وحذر ايليوت انجيل وهو أرفع عضو ديمقراطي في اللجنة من أن تعلق المساعدات يمكن أن يعرض للخطر عقودا من التعاون الوثيق مع الجيش المصري، وذلك جعل تأثيرنا عليهم أمرا أصعب وليس أسهل لأنني أري إذا كنت تساعد سيكون لك بعض النفوذ وإذا كنت تبتعد فسيكون موقفهم حينئذ هو: حسنا لماذا يتعين علينا أن ننصت لكم! وعلي حد قول دريك كولت مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشئون الأمنية والدولية: أن وزارة الدفاع »البنتاجون« لم ترصد أي تغيير في علاقتها مع الجيش المصري وأن عمليات لم تتأثر.. وأتوقف بالملاحظة أن الحكومة الأمريكية كانت قد قررت قبل أسابيع إعادة تقييم مساعداتها لمصر وتبلغ مليارا ونصف مليار سنويا منها 3.1 مليار دولار من المساعدات العسكرية كما علقت تسليم الجيش المصري معدات ثقيلة منها طائرات أباتشي ومقاتلات إف 61 وقطع غيار للدبابات إبرامز وصواريخ هاربدن.. وعبر بعض النواب في لجنة الشئون الخارجية عن قلقهم إزاء تعليق المساعدات العسكرية لمصر وتساءلوا عما إذا كان البيت الأبيض قد تشاور مع إسرائيل التي تربطها اتفاقية سلام مع مصر قبل إتخاذ ذلك القرار.. لأن خفض المساعدات قديؤثر علي العلاقات الوثيقة مع أكبر دولة عربية وهي دولة مهمة من الناحية الإستراتيجية خاصة وأنها تسيطر علي قناة السويس! وكانت قد حدثت جلسة إستماع عاصفة في الكونجرس وأكدت إليزابيث جونز مساعدة وزير الخارجية ضرورة إستمرار تقديم المساعدات لمصر في الوقت الحالي لتحقيق أهداف الثورة وترحيب واشنطن بخطوات الحكومة الحالية وإلتزامها بخارطة الطريق التي توافق الشعب عليها وأن واشنطن حريصة علي تحقيق الإستقرار في مصر وتلبية مطالب المصريين.. وأكد عضو آخر بالكونجرس أن قطع المعونات عن مصريعتبر بمثابة اضعاف للجيش المصري في حربه ضد الإرهاب. وتجيء زيارة جون كيري للقاهرة في توقيت هام للعلاقات المصرية الأمريكية -وفي إطار جولة بدول المنطقة وتعبتر أول زيارة منذ ثورة 03يونيو.. وكما قيل في الكونجرس: إن الإطاحة بالرئيس مرسي أنهت الإسلام الراديكالي.. بعد سقوط حكم الإخوان..