كان اللقاء وديا مع كل من »فاروق لو أوغلو«، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعم المعارضة في تركيا، و»عثمان كورتورك«، مسئول العلاقات الخارجية في الحزب والنائب البرلماني عن مدينة اسطنبول. أعد هذا اللقاء السفير عبدالرءوف الريدي والسفير محمد شاكر والسفير أمين شلبي.. أقطاب المجلس المصري للشئون الخارجية. وحزب الشعب الجمهوري هو أقدم الأحزاب السياسية في تركيا والمؤسس لتركيا الحديثة وعضو في الاشتراكية الدولية. وكان ما يشغلني أثناء اللقاء هو مستقبل هذا الحزب، الذي سبق ان أصيب بنكسات انتخابية.. قبل أن يستأنف الصعود في عام 1002 ويحصل علي حوالي 62 في المائة من أصوات الناخبين. وعندما سألت »فاروق لو أوغلو« عما إذا كان هذا الصعود يرجع إلي تغيير قيادة الحزب مع تولي »كمال أوغلو« رئاسته أم يرجع إلي اهتمام الحزب بالقضايا الاجتماعية أجاب عن الشطر الأخير من السؤال بالإيجاب. وكنت قد علمت ان الحزب أصبح أكثر نشاطا في الأجزاء الشرقية من تركيا لأول مرة خلال 02 سنة. »احسان داغي« الأستاذ التركي في العلاقات الدولية يري ان سياسة تركيا الخارجية تختلف عن أية دولة أخري في المنطقة، فهي تفسد علاقات تركيا مع الدول الأخري.. وانه لا توجد دولة أخري اتخذت موقفا مماثلا للموقف التركي تجاه مصر. ولكن.. هذا هو أردوغان! أو كما قال رئيس حزب الشعب الجمهوري لأعضاء الهيئة البرلمانية لحزبه: »هناك سبعة مليارات إنسان علي هذا الكوكب، وارتكاب أخطاء.. أمر طبيعي بالنسبة للناس. وهم يصححون أخطاءهم، بل يعتذرون عند الضرورة.. فهذه فضيلة بشرية. عندما نخطئ.. نعرف كيف نعتذر، ولكن رئيس الوزراء التركي أردوغان يقول: »انني لا أقع في أخطاء«! ويقول أيضا: »اذا لم تنفذوا ما أقوله، فإنكم لا يمكن أن تكونوا علي صواب«!! انه ديكتاتور تركيا الجديد، الذي يعقد اجتماعات في كل أنحاء البلاد، ولكن.. لا أحد يستمع إلي ما يقول. وعندما انفجرت أكبر مظاهرات في ميدان تقسيم احتجاجا علي تغيير معالم حديقة جيزي.. قبل أن تمتد إلي كل أركان تركيا.. كان أردوغان يوشك علي الزعم بأن المتظاهرين كفرة وملاحدة، ولكنه لسوء حظه شاهد بعضهم يؤدون فريضة الصلاة في الميدان. وكان يوشك علي الزعم بأن فتيات تركيات كن هدفا للاعتداء، لأنهن يضعن الحجاب، ولكنه لسوء حظه شاهد عددا من المتظاهرات المحجبات. ولم تهتز شعرة من رأس أردوغان عندما فقد 25 مواطنا تركيا أرواحهم بسبب عمليات القصف التي قامت بها قواته علي بلدة ريحانلي التركية الحدودية، ولا عندما سقط أربعة قتلي وخمسة آلاف جريح في مظاهرات ميدان تقسيم. ويستخدم أردوغان، في لغة التخاطب مع المعارضة نفس أساليب الطغاة، فهو يتهم حزب الشعب الجمهوري بإثارة القلاقل، وبأن الحزب يريد انقلابا ضد حكومته ويبدو انه يعتبر كل ثورة.. انقلابا(!) ويقول ان نواب هذا الحزب المعارض يقفون وراء الشباب الذين يتجولون وهم يحملون قنابل المولوتوف في أيديهم (ويبدو ان الأمر اختلط عليه حيث ان حلفاءه من جماعة الإخوان في مصر هم الذين يفعلون ذلك!). وها هو المعلق التركي »يافوز بيدار« يقارن بين تركيا في ظل أردوغان.. والولايات المتحدةالأمريكية في حقبة المكارثية (التي شهدت ملاحقة هستيرية لجميع أصحاب الرأي الحر والفكر المستقل من المثقفين والكتاب والأدباء الأمريكيين للتفتيش في ضمائرهم). بل ان مؤسسة الصحفيين والكتاب التركية تحذر من ان الأوضاع الحالية في تركيا تعوق أي محاولة للمضي في طريق الديمقراطية. ويؤكد الاتحاد الأوروبي للصحفيين انه يوجد 36 صحفيا تركيا في السجون الآن. الواضح ان كبار رجال أعمال ومقاولين يريدون إلي جانب الحكومة الهيمنة علي الصحافة ووسائل الاعلام. ولذلك فقد العديد من المعلقين في الصحف التركية الكبري وظائفهم في الأسابيع الأخيرة. كان حلم أردوغان أن يصبح »المرشد السياسي« للإخوان في المنطقة، وكان يدرك ان نظام الاخوان يمنحه نفوذا كبيرا في المنطقة وفي أمريكا، ولذلك تولي تسويق الإخوان في دوائر واشنطن. وثمة سؤال يتردد في تركيا، الآن بعد سقوط الاخوان: متي يسقط أردوغان؟ كلمة السر: سقوط وهم الخلافة