قررت القيام باجازة قصيرة مع زوجي وابنائي وحفيداتي للاستجمام بصحبتهم بعد قضاء صيف ساخن جدا مليء بالاحداث السياسية والشخصية الصادمة، اعتقدت ان وجودي في الساحل الشمالي هربا من زحام القاهرة وتجنبا لساعات حظر. التجوال هذا الي جانب تواجدي تحت سقف واحد مع شباب واطفال سوف يخفض من وطأة ضغوط الحياة وان حفيداتي الثلاث »عصافير الجنة« سوف يدخلن السعادة الي قلبي ولكن؟ وجدت ان الفتيات الثلاث مشغولات دائما، هن في حالة استغراق تام مع العاب الفيديو المختلفة او مشاهدة التليفزيون، لا حوار ولا هزار، الانهماك بصفة مستمرة في النظر الي شاشات اللاب توب او الايباد او ممارسة الالعاب الالكترونية علي شاشة التليفزيون ثم يستمعن الي اغاني اجنبية علي الايبود ويشاهدن قناة افلام ديزني، كل هذا سرق منهن الرغبة في مشاركة من حولهن في اي حوار او نشاط.. غابت عنهن الابتسامة والعيون تحلق في الشاشات المختلفة الاحجام طبقا لنوع اللعبة التي يمارسنها. ادركت ان اطفال وشباب اليوم هم جيل الانترنت، هم لا يبتمسون ولا يتحاورون ولا يقرأون الكتب ولا يمارسون هوايات مثل الرسم او الموسيقي او التطريز، فقد اصبحت الالكترونيات هي وسيلة التسلية والتعليم ايضا.. فهم يحصلون علي المعلومة من خلال شبكة الانترنت ويعقدون صداقات من خلالها ايضا.. ومن خلال هذه الشبكة يتابعون الافلام والتويتات والفيس بوك علي الكمبيوتر او اللاب توب.. حتي الاغنيات المفضلة تكون من خلال هذه الوسائل الالكترونية. لاحظت ان كل فتاة تحمل موبايل او جهاز محمول من احدث طراز ولكني لم اسمع احداهن تثرثر في الموبايل او التليفون، كما كنا نفعل ونحن فتيات صغيرات حتي تنهرنا امهاتنا، فهؤلاء الفتيات يتواصلن من خلال برامج الشات وواتساب بدون كلام مسموع ولكن بالضغط علي مجموعة من الازرار، كما لاحظت ان حفيداتي يشاهدون التليفزيون والفضائيات بمعدل اربع ساعات يوميا، وهذا وقت كاف ليؤثر علي سلوكياتهن وتوجهاتهن، حيث تعرض هذه القنوات افلاما بها مشاهد عنف واخري عاطفية وبها مشاهد مبتذلة لا تتناسب مع اعمارهن وتعمدت ان اجلس الي جوار الحفيدات حتي اتولي التعليق »هذا يجوز« و»ذلك لا يليق بنا كمجتمع شرقي«، »انها لغة هابطة« و.. و.. واهمس في اذن اولياء الامور ان ابناء هذا الجيل اصبحوا يتحدثون قليلا مع المحيطين ولا يتفاعلون مع الواقع، فلم اعد اسمع اصوات حفيداتي بقدر ما اسمع اصوات الضغط علي ازرار المحمول او الكمبيوتر او ما يوازيه من الكترونيات.. واقول للاباء والامهات ان هذه الالعاب الالكترونية التي ينفقون عليها اموالا كثيرة لها فوائد واضرار، علينا ان نحميهم من الاضرار التي تجعل الطفل ينعزل ويفقد القدرة علي التواصل مع الاخرين ويبتعد عن اسرته وتجعله لا يمارس النشاط البدني او الرياضة، واتمني ان يراقب الاهل ما يشاهده الابناء ويشاركونهم في بعض هذه الالعاب لمعرفة ما اذا كانت مناسبة وفي حالة ظهور اعراض الانطواء او العنف او العصبية علي الطفل يجب التدخل واستشاره طبيب.