البعض منا عندما يتقدم به العمر يشعر بداخله انه مازال شابا في العشرين، وقد تشعر بعض النساء انهن مازلن في مقتبل العمر، ليس في ملامح الوجه وانما في ملامح الروح التي تسكن في داخل اعماقنا، ولا تعترف بمرور الزمن! لكن في الواقع العمر يجري في سباق الزمن في غفلة من الجميع، ولم يعطنا هدأة الكري كما يقول شاعرنا الكبير كامل الشناوي في قصيدته الرائعة حبيبها، ولا ندرك بالفعل ان كنا قد قطعنا هذه السنوات من عمرنا ونحن موافقون علي كل ما حدث فيها، ام عشنا مستسلمين لاقدارنا وظروفنا!! ام انه الزمن الذي نتهمه دائما بسرقة الاعمار، ووضعنا عند هذا المنعطف الصعب لنسأل: مالذي يحدث بداخلنا هل مازلنا شبابا قادرين علي الحب والعطاء اما ان عجلات الزمن تعطلت بنا؟! اثارت صديقة عمري هذه التساؤلات عندما بادرتني دون سابق حوار قائلة لي: هل لو عاد بك الزمن ستقدمين علي نفس القرارات الحياتية التي اتخذتها في بداية حياتك؟ قلت بلا تردد، وبدون ادني اعتراض علي سؤالها المباغت: كل قراراتي المتعلقة بالعاطفة ربما اتخذتها بنفس القدر من الاخطاء، ولكن القرارات المصيرية ربما تأنيت فيها قليلا، او ربما كررت بعض الاخطاء التي اتصورها الان كذلك!! فاذا كان للتجربة مذاق مر فأنها بالتأكيد تحمل عبر سنوات عمرنا ذلك الذي نسميه »النضج« وهو الاحساس الذي يعيننا في الكبر علي تخطي الصعاب التي تواجههنا ولم يكن لدينا حل لها ونحن صغار، وقاطعتني صديقتي بحزم: انا غيرك لو عاد بي الزمن لن ارتكب اي من اخطائي وسوف اصحح كل ما وقعت فيه من اخطاء! وتعجبت من امر صديقة عمري التي حلمت بأن تكون ملاكا بلا ذنوب او اخطاء وليس بشرا مثلنا يخطيء ويتألم ويتعذب ويتعلم، ونسيت صديقتي ان تجارب الحياة ثمنها باهظ ندفع تكاليفه من عمرنا واحلامنا وسعادتنا اذا لزم الامر. وساد بنا الصمت لتقول لي بحزن: ليتني كما يقول جبران خليل جبران »طفلة لا تكبر ابدا حتي لا اكذب ولا انافق، واسمي الاشياء باسمائها« قلت لها بتعجب اشد: وما الذي يمنعك من أن تكوني هذه الطفلة، ولم تجب صديقة العمر التي لم تكذب عليّ يوما!.