د. أحمد نوار عندما تأتي ذكري فنان ولد في الثالث من أكتوبر عام 0591 ورحل في الخامس من شهر مايو عام 5002، نستدعي مباشرة حياة فنان كاملة حلوها ومرها، خمسة عقود ونصف من الزمان مشحونة بالطاقة والكفاح والشجاعة.. وجسارة إبداع فني أصبح واقعا حيا يحمل روح الفنان محمود عبدالعاطي من خلال فكره وفنه وقدرته الفائقة علي تحقيق أفكاره بجسارة المبدع، الفنان الراحل من مواليد الدقهلية، تمر علي رحيله ثماني سنوات.. وحياته وفنه مدموغة في عمق الذاكرة الفنية التشكيلية المصرية والعربية، حصل علي بكالوريوس الفنون والتربية من المعهد العالي للتربية الفنية عام3791، كما حصل علي درجة الماجستير في التربية الفنية تخصص رسم وتذوق فني جامعة حلوان عام 1891، وأتم دراسته العليا بحصوله علي درجة دكتوراه الفلسفة في التربية الفنية تخصص تصوير من كلية التربية الفنية جامعة حلوان عام 7891، وكان الفنان محمود عبد العاطي عضوا في إحدي عشر جمعية فنية وثقافية نذكر بعضها »عضو مؤسس بنقابة الفنانين التشكيليين، عضو بنقابة المعلمين بمصر، عضو الإنسيا الدولية، عضو بجمعية محبي الفنون الجميلة بالقاهرة، وتدرج السلم الوظيفي حتي درجة أستاذ بنفس الكلية، وكان له أنشطة في العمل العام بجانب دوره الأكاديمي المتميز في بعض المؤسسات الرسمية منها »المشرف العام علي بنك المعلومات الفنية بالمركز القومي للفنون التشكيلية خلال الفترة من 9891 إلي 1991 المشرف الفني لمجلة »نزوي« مسقط بسلطنة عمان 5991:7991، رئيس الجمعية الأهلية للفنون الجميلة بالقاهرة 7991:1002، مدير عام الفنون التشكيلية بالهيئة العامة لقصور الثقافة 8991: 0002، مستشار رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لشئون التصميم والطباعة لإصدارات الهيئة خلال الفترة من 8991:0002، وهذه المشاركة من الفنان في العمل العام تؤكد علي انتمائه الشديد والعميق لوطنه أثناء حياته.. وتميزت مشاركته بالدقة وسرعة الحركة في الإنجاز وهذه سمة في شخصيته الديناميكية والدؤوبة، وكان يرسم ويلون ويفكر ويبدع كما يتحدث ويتحرك.. حالة فريدة في شخصية مبدع رحل وترك لنا تراثا فنيا ثريا، وتميزت حياته الفنية بأنشطة فنية متميزة نذكر بعضها فعلي مستوي المعارض الخاصة أقام خمسة عشر معرضا منذ عام 2791 وحتي 4002، بالقاهرةوالإسكندرية وأسيوط والمنصورة وبورسعيد والكويت، أما المعارض الجماعية، اشترك في خمسة وعشرين معرضا منها المعرض العام، معرض الطلائع، صالون الربيع، صالون القاهرة، صالون الأعمال الفنية الصغيرة، أما المعارض الدولية فكانت له مشاركات في السودان، دول الخليج العربي، المانيا، اليابان، المكسيك، بينالي الإسكندرية لدول البحر المتوسط، بينالي هافانا الدولي، هولندا، بينالي مدريد للشباب تحت 04 عاما، معرض الفن المصري الحديث بمسقط، مهرجان كان سرمير فرنسا، مهرجان جرش بالأردن، معرض 52 فبراير »عيد التحرير« 1002 الكويت، وكان من نصيب الفنان حصوله علي عشر جوائز علي المستويين المحلي والدولي، كما نالت أعماله الفنية إعجاب الكثيرين في مصر وفرنسا وانجلترا وألمانيا والكويت واليونان والأردن، منها المتحف المصري للفن الحديث بالقاهرة، المتحف الوطني بالأردن، متحف كلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، ومجموعة دار الأوبرا المصرية، ومقتنيات عديدة في مؤسسات رسمية بمصر كثيرة، عندما أستدعي من الذاكرة أعمال الفنان الراحل محمود عبدالعاطي بصفتي متابعا للحركة الفنية وبصفة الصداقة والزمالة أجد نفسي أمام مرحلتين هامتين الأولي هي التي عرضها في آتيليه القاهرة عام 1891 هذه المرحلة كانت سباقة في رؤيته المحددة نحو إبداع أعمال فنية »تفاعلية« أي أعمال فنية يشارك الجمهور في تحربكها وتغيير اتجاهات بعض العناصر المتحركة.. استطاع الفنان أن يحقق من خلال نظام هندسي يعتمد حركة المراكز التي تحمل أشكالا ذات الأبعاد الثلاثة.. فكل حركة تساوي علاقة بنائية لونية جديدة، أما المرحلة الثانية المثيرة للاهتمام والتأمل لدقتها وعمق فكرتها وهي التي عرضها الفنان بمعرضه بقاعة إخناتون رقم »1« بمجمع الفنون بالزمالك 9991 والتي اعتمدت انعكاسات اللون الغير مباشر علي الأسطح البيضاء الشاسعة ومن خلال مصفوفة من العناصر المتكررة والمتنوعة في نسيج يغطي الفضاء العام للوحة ذات البعدين.. ولكن هذه المصفوفة بارزة علي السطح الأبيض.. أما اللون علي السطح العكسي الغير مرئي.. والذي يعكس الموجات اللونية نتيجة الضوء الساقط علي الفراغ الأبيض.. لينتج لنا ألوانا مشعة نابعة ومنبثقة من أسفل هذه العناصر.. وتتنوع وتتلون هذه الموجات رفق طبيعة كل لون، قدم »نهر الفن« أعمال الفنان عام 5002 للقارئ العزيز، واليوم نهر الفن يدق جرس الإنذار للمؤسسات الفنية الأهلية والرسمية بضرورة التوثيق الدقيق لتاريخ الحركة الفنية، وحتمية تقديم هذا التراث الفني في ذكري ميلاد أو ذكري وفاة الفنانين.. حتي تكون مرجعية حية لذاكرة الأمة في مجال الفن التشكيلي أمام الشباب، كما نستدعي نموذجا خلاقا فنانا مبدعا وانسانا عظيم الخلق.. وقديرا بأستاذيته.