يومان قضيتهما في اسوان اتابع عن كثب وضع اللمسات الاخيرة لافتتاح منشأة رياضية كبرى هي ستاد اسوان بعد أن امتدت يد التطوير والتجميل الى المنشأة القديمة وعلى مدى اربع سنوات لم يتوقف العمل فها رغم الصعاب نتيجة الظروف التي مرت بها البلد ، حتى دخل هذا الاستاد خدمة الامن القومي من بوابة الرياضة التي هي قاطرة التنمية والسبيل الامثل لتعزيز الانتماء الى الوطن ، وبذلك استحقت الرياضة أن تكون في طليعة الامن القومي كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي ، هناك في أقصى جنوب الوادي ، تعرفت عن قرب بحكم تواجدي مع وفد وزارة الشباب والرياضة الذي ضم الدكتور اشرف صبحي مساعد الوزير والدكتور عماد البناني المدير التنفيذي للرياضة ومحمود الجراحي ومصطفى عزام وابراهيم خليل وكلاء الوزارة ، على الجهد المبذول من قبل جهات عدة اولها وزارة الشباب والرياضة التي قدمت نموذجا عمليا رائعا تمثل في انجاز عمل اشرف عليه اربع وزراء متعاقبين اكمل كل منهم مابدأه سلفه ، في تجسيد حقيقي لمعني العمل الجماعي والتعاون وانكار الذات ، وهو ما ترجمه المهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة في كلمته الافتتاحية عندما وجه الشكر لكل من سبقوه في المقعد الوزاري المهندس حسن صقر والدكتور عماد البناني رئيسا المجلس القومي للرياضة والسيد العامري فاروق والكابتن طاهر ابوزيد وزيرا الرياضة السابقين ، مقدما المثل للروح التي يجب أن تسود اجواء العمل العام ، وينبغي ان تستمر وتنتقل الى كل المواقع وكل الهيئات والوزارات ، فالوطن لن ينهض ويزدهر الا بتضافر الجهود بعيدا عن الانانية والعمل الفردي وفي بوابة الجنوب كانت السعادة بادية على الوجوه في كل الاماكن التي تجولنا فيها ، بهجة نثرتها الرياضة على كل شيئ ، البشر والحجر والنيل ، الكل كان سعيدا بالحدث الكبير ، ففي الصباح كانت عربات الحنطور تجوب شوارع المدينة تزف البشرى بعودة رسم الابتسامة الصافية على الوجوه السمراء الجميلة ، وفي النيل كانت البهجة حاضرة من خلال الاطفال الذين تسابقوا في مراكب الجريد الصغيرة ، فيما تسابق الكبار في المراكب والمعديات وشعار الجميع مستوحى من اغنية الفنان ابن اسوان محمد منير (بينا يامصر نحيي الماضي بروح العصر ) الذي تردد صداه من كل اتجاه ، وكان مسك الختام مباراة كروية لمنتخب مصر مع نظيره الكيني تدشينا للملعب المجدد ، وقبل انطلاقها كان الاسوانيون على موعد جديد مع التعبير عن الانتماء للوطن والسعادة بالضيوف والحدث ، اذ تجمع الالاف منهم امام بوابات الاستاد ، واصطفوا على جانبي الطريق حاملين علم الوطن في مظهر حضاري انتظارا لوصول بعثة المنتخب المصري وضيوف الافتتاح الذين دخلوا في صحبة محافظ اسوان اللواء مصطفى يسري ، وسط حفاوة كريمة من الجماهير التي قدمت نموذجا في الالتزام ينبغي أن يدرس لجماهير العاصمة والاندية الكبيرة، فرغم ان معظم الواقفين كانوا لايحملون دعوات ويعرفون انهم لن يدخلوا الملعب ، الاانهم كانوا سعداء ، ولم يصدر منهم اي تصرف غير رياضي ، وفي الملعب كانت عبارة ( تحيا مصر ) هي العنوان الابرز في كل الجنبات وتفاعل معها الجمهور وهتف طوال عديد المرات( تحيا مصر )، اما المدرجات فجمعت أبناء اسوان جميهم جنبا الى جنب من كل القبائل والعلائلات ، الكل كان يحمل علم الوطن ، ويرددون معا الاغاني الفلكلورية والاهازيج الاسوانية ، مكملين صورة المشهد الرائع الذي قدموه في حفل الافتتاح من رقصات واغنيات عكست التنوع الثقافي والفني الذي تتميز به اسوان نتيجة امتزاج ثقافات النوبين والقبائل العربية والمقيمين الوافدين من محافظات اخرى ، والمتابع للحفل لم يعرف او يفرق بين احد منهم فكلهم ابناء اسوان وكلهم ابناء مصر ، والملعب الذي قدموا عليه عروضهم ملك لهم جميعا ينتظر المواهب من ابناءهم ليقدمها نجوما تحمل العلم المصري في المحافل العربية والقارية والدولية أن ماقدمته الرياضة من دروس ومثل في اسوان ينبغي أن تكون اساسا يبنى عليه في كل المجالات ، وأن يتكرر في كل المحافظات ، فما أحوج الوطن هذه الايام الى كل ما يعزز الانتماء اليه ،ويجمع بين افراد شعبه . منذ زمن بعيد ونحن نطالب علماء الاجتماع بمنح بعض وقتهم لدراسة الفوارق الاجتماعية بين ابناء الوطن الواحد والتوقف امام خصائص كل مجتمع وثقافته الغالبة ، لكن البعض اختصر الصعيد في قضايا بعينها قتلوها بحثا دون التوصل الى حل جذري لها الا وهي الثار كل الدراما التلفزيونية تدور حول الثأر او تهميش المرأة او الفقر او تعدد الزوجات او الجهل والامية وغيرها من القضايا السلبية التي تسئ الى المجتمع الصعيدي والغريب انها لاتقدم علاجا او حلول للازمات التي عرضتها وناقشتها لم يتوقفوا بما يكفي للتعرف على المعدن الحقيقي للصعيدي الطيبة المدفونة بداخله ، الرحمة الساكنة في قلبه ، الحياء الذي يسكن عينيه فلا ينظر لما ليس له فيه حق ، العطاء والسخاء ، النبل والفروسية ، كلها صفات تجتمع في شخص الصعيدي الحقيقي ، وان كنت اعترف ان النسبة لم تعد عامة ولا غالبة لكنها موجود بالقدر الذي يسمح بالبناء عليه واستعادة ماضاع