يعد خافيير زانيتي أحد أفضل اللاعبين في تاريخ إنتر ميلان. وقد حقق "الكابيتانو" الذي سيبلغ 41 من عمره في أغسطس المقبل نجاحاً كبيراً في موسم 2010 مع النيرازوري، بعدما تُوج معه بلقب الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا ودوري أبطال أوروبا بالإضافة إلى كأس العالم للأندية. وقد تحوّل زانيتي الذي لعب 145 مباراة دولية بألوان المنتخب الأرجنتيني إلى أسطورة في إيطاليا. وكما أكد في حوار مع موقع فيفا الرسمي فإن زانيتي لا يفكر في اعتزال كرة القدم رغم بلوغه العقد الرابع من العمر.. وفيما يلي نص الحوار كما ورد على فيفا: فيفا: تلعب مع إنتر ميلان منذ 19 عاماً. هل تشعر بعد هذه المدة الطويلة بأنك أصبحت إيطالياً بعض الشيء؟ زانيتي: نعم بكل تأكيد. فكل شخص يعيش طيلة هذه الأعوام في نفس المدينة ويلعب مع نفس النادي من الطبيعي أن يصبح جزءاَ من المحيط الذي يتواجد فيه. فريق إنتر ميلان هيأ لي منذ البداية كل الظروف الملائمة، وهو ما جعلني أشعر من الوهلة الأولى كأنني في بيتي. لم أنسَ جذوري لكن بعد قضاء هذه السنوات الطويلة يمكن القول بأنني أصبحت إيطالياً بعض الشيء. هل تسافر رغم ذلك باستمرار إلى بوينوس آيريس؟ بالتأكيد أقضي بعض الأعياد وجزءاً من عطلتي هناك، وأقوم بزيارة الأقارب والأصدقاء. كما أرعى أيضاً مؤسستي الخيرية التي تحمل اسم "بوبي" والتي تساعد الأطفال في أحياء بوينوس آيريس الفقيرة. أسعد دائماً بزيارة بلدي الأصلي. ألا يتمنى أقاربك وأصدقائك أن تعود للعيش في بوينوس آيريس؟ كلا. فهم يعلمون بأنني مرتاح جداً مع عائلتي في ميلانو، كما يعلمون أيضاً مدى قيمة هذه المدينة والنادي في قلبي. وهم سعداء جداً من أجلي. كوّنت صداقات كثيرة خلال مدة 19 عاماً التي قضيتها في ميلانو، كما تعرفت على لاعبين من جميع أنحاء العالم. والتواجد الأرجنتني في إنتر ميلان كان دائماً كبيراً. هل يمكن القول بأن أبناء بلدك كانوا دائما هم أصدقائك المقربون؟ أصدقائي ليسوا كلهم من الأرجنتين، فعلى سبيل المثال إيفان زامورانو هو من تشيلي وهو عرّاب ابنتي في المعمودية، وإيفان كوردوبا كولومبي وعرّاب ابني في المعمودية. كما أنه لدي صديق إيطالي عزيز جداً على قلبي. فأنا لا أضع حدوداً في هذا الأمر. ما هو القاسم المشترك بين الإيطاليين والأرجنتينيين؟ نتشابه كثيراً ولا أحد يستطيع إنكار ذلك. الكثير من الإيطاليين هاجروا في الماضي إلى الأرجنتين. والآن أصبحنا نحن الأرجنتينيون ولاعبو كرة القدم مثلي يهاجرون إلى إيطاليا. لكننا نحاول دائماً الحفاظ على هويتنا. دعنا نعود بذهنك للوراء. ما الذي تتذكره عندما انتقلت عام 1995 من بانسفيلد إلى إنتر ميلان؟ كان ذلك تحدياً كبيراً بالنسبة لي. كنت أبلغ من العمر آنذاك 21 عاماً. وكان علي تعلم واكتشاف الكثير من الأشياء. فالقدوم إلى مدينة كميلانو في مقتبل العمر كان فعلًا تحدياً. وقد ساهمت الكثير من الأشياء بالإضافة إلى التجربة التي جمعتها في نضجي. لا يقتصر ذلك على مسيرتي الكروية بل يشمل أيضاً كافة مناحي حياتي. النادي دعمني بشكل كبير وهو ما ساعدني كثيراً. بالنسبة لي كان مجيئي لميلانو ذلك الوقت قراراً مهماً في حياتي. واليوم يمكن أن أقول بأنه كان قراراً صائباً جداً. كانت 20 سنة حافلة . ولا زلت مثل السابق أشعر بالفخر لانضمامي لنادي كبير كهذا. الإنتر قدم لي كل شيء. هل يمكن الحديث عن حب أزلي بين خافيير زانيتي وإنتر ميلان؟ بكل تأكيد. إنها مشاعر صادقة تجاه هذا النادي الكبير واتجاه عائلة موراتي وجميع المشجعين. لقد كان حباً منذ الوهلة الأولى، وأصبح هذا الحب يكبر مع توالي الأيام والأسابيع والشهور والأعوام. كما أن الإحترام الذي أحظى به في النادي يعني الكثير بالنسبة لي. ألا تغار زوجتك بأولاً من هذا الحب الكبير الذي تكنه للإنتر؟ لا بالعكس. فهي بدورها تحولت خلال هذه الأعوام الطويلة إلى مشجعة حقيقية للإنتر. فهي على وعي تام بأن إنتر ميلان كان وسيبقى جزءاً هاماً جداً من حياتنا. رزقت مع زوجتك بثلاثة أطفال. كيف هو حال خافيير زانيتي مع أبنائه. هل هو حازم وفخور ومثالي معهم أيضاً؟ بطبيعة الحال. فأنا أولي قيمة كبيرة لذلك ومستعد للقيام بكل شيء من أجل أولادي الثلاثة. عندما تسمح لي الظروف بالتواجد في المنزل فإنني أقضي الكثير من الوقت معهم. وأنا أحتاج لذلك فهذا الأمر يجعلني أشعر بسعادة أكثر، وأكون بخير عندما أكون مجتمعاً مع أولادي. هل صحيح أن طموحك وسعيك للحفاظ على جاهزيتك ولياقتك البدنية دفعك للعودة لاستئناف التدريب بالرغم من أنه لم تمض سوى ساعات قليلة على حفل زفافك مع باولا؟ هذا صحيح. فقد تزوجنا في 23 ديسمبر عام 1999. ونظراً للبرنامج التدريبي الخاص الذي يوفره لنا النادي في عطلة أعياد الميلاد للحفاظ على لياقتنا البدنية، فقد قررت الإلتحاق بالتدريب مباشرة بعد عقد قراني مع باولا. هل هذا الحماس والإنضباط المثالي هو بالضبط ما جعل منك اليوم أسطورة حية؟ إنه أسلوبي في الحياة وجزء من طريقتي في العمل. فمنذ أن قررت احتراف كرة قدم أصبحت أعمل وأعيش وفق هذه المبادئ. دعنا أيضاً نتحدث ولو بإيجاز عن تاريخ 9 نوفمبر 2013 وعن لحظة دخولك في الدقيقة 88 للمشاركة في المباراة التي جمعتكم بفريق ليفورنو. فقد شهدت تلك اللحظة عودتك مجدداً للملاعب بعد توقف دام لستة أشهر بسبب تمزق في وتر أخيل. لقد كان رائعاً ومؤثراً جداً ما حدث في ذلك الوقت في ملعب سان سيرو، حيث هتفت الجماهير بشدة واحتفلت بعودتك مجدداً للملاعب. كيف كان شعورك في تلك اللحظة؟ كان ذلك أمراً فريداً. وأنا بدوري شعرت بالقشعريرة وخفقان في القلب من الأجواء التي سادت في الملعب آنذاك. قّدمت لي الجماهير هديةً رائعةً لن أنساها أبداً. وعندما كنت مصاباً كانت لدي رغبة واحدة وهي اللعب ولو مباراة واحدة مرة أخرى في هذا الملعب وأمام هذا الجمهور. وبفضل العمل الجاد والدعم الكبير تحققت هذه الرغبة. الجميل أيضاً هو التصفيق الكبير الذي تحظى به في مختلف الملاعب الإيطالية عندما تدخل كبديل أو عندما يتم استبدالك في المباراة. وهذا دليل على التقدير والإحترام الكبيرين اللذين تتمتع بهما. هذا الأمر يجعلني فخوراً جداً. كرة القدم رياضة رائعة، وبالرغم من التنافس الذي تتسم به فإنها قادرة على جمع الناس. كما أن أجمل اعتراف يمكن أن تحصل عليه كلاعب كرة القدم، إلى جانب الألقاب، هو احترام وتصفيق الجماهير التي لا تنتمي للنادي التي تلعب له. إنتر ميلان هو كل شيء بالنسبة لك، وجماهير النادي مدينة لك بكل ما قدمته لهذا الفريق. لكن ماذا عن مستقبل الغرام المتبادل بين خافيير زنيتي وإنتر ميلان؟ أمنيتي هي البقاء دائماً داخل هذه الأسرة الرائعة حتى بعد إنهاء مسيرتي الكروية. اتخذت قراراً بعد مباراة ليفورنو وسأخبر به النادي لاحقاً. والمؤكد هو أنني أريد الإستمرار في خدمة هذا النادي ومساعدته. ننتقل لموضوع مختلف تماماً: تملك مطعمين في ميلانو. كيف يمكننا تصورك في هذا الدور كصاحب مطعم. هل تتواجد بين الفينة والأخرى في المطعم وتشرف على الطبخ بنفسك؟ بالطبع لا! فأنا طباخ سيء. وأنا أترك ذلك لأصحاب الإختصاص. ولا أذهب للمطعم سوى للأكل. وهذا أفضل للجميع. مؤسستك الخيرية "بوبي" تحتل أيضا جزءاً مهماً من حياتك. كيف هي علاقتك بهذه المؤسسة، وهل هي علامة واضحة على أن محترفي كرة القدم لا يفكرون فقط في جمع الأموال؟ لا أستطيع التحدث سوى عن نفسي ويمكنني القول بأن لاعبي كرة القدم المحترفين لا يفكرون فقط في جمع الأموال. فهناك بعض اللاعبين منخرطين أيضاً في مشاريع مماثلة. من المهم التفكير أيضاً في المحرومين. وأنا أعي هذه المسؤولية، لذلك أنشأتُ هذه المؤسسة الخيرية. ونحن نشعر بالسعادة في مساعدتنا للأطفال المحتاجين في أحياء بوينوس آيريس الفقيرة. "بوبي" هو أيضاً مقتبس من اسم الشهرة الخاص بك. فأنت معروف في الأوساط الكروية بلقب "بوبي". ما هو أصل هذه الكلمة؟ حصلت على هذا الإسم من أحد المدربين في الأرجنتين والذي كان قد أشرف على تدريب أخي أيضاً. ومنذ ذلك الوقت وأنا معروف عند أصدقائي وزملائي في الكرة باسم "بوبي". في الختام: ألا تشعر أنك تقدمت في السن بعض الشيء. لكن كل من ينظر لأدائك الذي لا زال يتسم بالقوة والطموح لا يتصور أنك ستحتفل قريباً بعيد ميلادك 41. ما زلت أشعر بداخلي بأنني شاب. صحيح أن الإنسان يتقدم في العمر، لكن المهم هو كيف يتعامل مع ذلك. فإذا كان الإنسان سعيداً مع ذاته فيسهل عليه دائماً تقديم الأفضل.