بعد يومين فقط من إعلان عودته إلى دفة المنتخب البرازيلي – أي بعد مرور أكثر من عشر سنوات على قيادة السيلسياو إلى التتويج بلقب كأس العالم .. أجرى لويز فيليبي سكولاري حوارًا مع الموقع الرسمى للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" تطرق فيه لكل ما يشغل تفكيره في الوقت الحالي والمرحلة الأولى من مهمته هذه التي تبدأ في شهر يونيو بخوض بطولة كأس القارات البرازيل 2013. وفيما يلي نص الحوار كما ورد ب"فيفا": "فيفا": حتى بالنسبة لشخص مثلك سبق له أن عاش لحظات مجد كثيرة في مسيرته التدريبية، لا شك أن بطولتك الرسمية الأولى على رأس السيليساو - البرازيل 2013 – ستكون ذات طعم خاص بالنسبة لك نظراً لأنها تقام على أرضكم. ماذا يعني لك كل ذلك؟ سكولاري: الفرق هو أن البلد المضيف يجد نفسه دائماً أمام وضع صعب نوعاً ما، إذ غالباً ما يكون مطالباً بأن يكون له أفضل فريق وأفضل اللاعبين - مهما كان موقعه في الترتيب وبغض النظر عن المجموعة التي بحوزته. لذلك، فإنه يكون مطالباً أكثر من غيره بالفوز باللقب، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بنهائيات كأس العالم. أعتقد أنه ينظر دائماً للفرق الرائدة في العالم، بما في ذلك البرازيل، على أنها الفرق التي يجب هزمها، بغض النظر عن المكان الذي تلعب فيه. إنه واجب، نعم، واجب، ولكن ذلك في رأيي يُعتبر أمراً طبيعياً للغاية. "فيفا": هل يمكن القول إن كأس القارات هذه تُعتبر أكثر أهمية بالنسبة للبرازيل نظراً لعدم مشاركتها في مباريات رسمية منتظمة بسبب تأهلها لنهائيات كأس العالم المقبلة بصفتها الدولة المضيفة؟ سكولاري: إنها بطولة مهمة جداً لأنها ستشكل الإطار الوحيد الذي سنخوض فيه مباريات رسمية، إذ حينها سنتمكن من اتخاذ قرار بشأن لاعب أو ثلاثة من اللاعبين الذين سوف نصطحبهم في وقت لاحق للمشاركة في كأس العالم. أتذكر أنه قبل [كأس العالم] 2002، كانت مسابقتنا الرسمية هي كوباأمريكا [2001]. وقد استخدمتها لمعاينة لاعبي فريقي في سلسلة من المباريات واتخاذ قرار بشأن من الذي أبلى البلاء الحسن ومن لم يفعل، وكيف يمكننا تغيير نظامنا في اللعب ولماذا. كأس القارات أمر مهم للغاية بالنسبة لنا، لأنه في ذلك الحين سوف تكون قد مرت سنتان ونصف أو ثلاث سنوات على آخر مشاركة لنا في بطولة قوية يمكن اعتمادها كمعيار حقيقي. "فيفا": عندما تقول "اتخاذ قرار بشأن من الذي أبلى البلاء الحسن ومن لم يفعل،" هل تتحدث أيضاً عما يحصل خارج الميدان؟ سكولاري: بطبيعة الحال، لأن مدربي الأندية تكون لديهم أحياناً فكرة واضحة [حول شخصية لاعبيهم]، ولكنهم لا يعرفون شيئاً عن لاعبي الأندية الأخرى وما يفعلونه على أساس يومي. على مستوى المنتخب البرازيلي فإنك تقوم - في كثير من الأحيان - باستدعاء لاعب ما وبعد ذلك، بعد التعايش معه والعمل معه يوماً بعد يوم، يتولد لديك انطباع مختلف في نهاية المطاف. أو قد نرى أن لاعباً من اللاعبين لا يستوفي المعايير الضرورية، خلافاً لما كنا نعتقد. إنك تقيم هذه الأشياء مع مرور الوقت ومع توالي المعسكرات والمباريات مع لاعبي الفريق. في بعض الأحيان، أو ربما في معظم الحالات، تكون هناك مفاجأة سارة، ولكن في حالات أخرى هناك رد فعل أو سلوك يجعلنا نتساءل إذا كان الأمر يستحق فعلاً المجازفة. "فيفا": هل هذا سيجعل من معسكراتك الأولى مع المنتخب البرازيلي بالغة الأهمية، مما سيمنحك قاعدة لتحليل الوضع العام؟ سكولاري: بعد كل ما حصل في الآونة الأخيرة، سيشارك المنتخب في المرحلة القادمة - بما في ذلك المباريات الودية وبطولة كأس القارات – بلاعبين سيشكلون على الأرجح وبنسبة كبيرة المجموعة التي سوف تكون في كأس العالم. "فيفا": عندما تبدأ وظيفة حيث يكون لديك العديد من اللاعبين للإختيار من بينهم، هل يمكنك أن تصور لنا الشكل الذي تريد أن يلعب به فريقك؟ أم أنك ستقوم أولاً باختيار أفضل اللاعبين ثم بعدها ستعمل على إيجاد نمط اللعب الذي يناسبهم؟ سكولاري: لا أستطيع تصور ذلك. لقد تابعت اللاعبين الذين من الممكن اختيارهم لمباراتنا الودية الأولى، ولدي فكرة عن الكيفية التي سوف يتموقعون بها على أرض الملعب. هذا لأننا سوف نملك يومين فقط للعمل معهم. الأفكار التي لدي الآن نابعة من ما رأيته في المباريات، ولكن ما يجب فعله الآن هو وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ خلال يومي التدريب، وبعد ذلك في المباراة نفسها، لمعرفة ما إذا كانت تناسب ما في ذهني أو إذا كنا سنحتاج لإجراء تغييرات على مدى المباريات الودية وبطولة كأس القارات. أذكر أنه قبل كأس العالم 2002 ما كنت لألعب بدفاع من ثلاثة لاعبين، ولكن، وبعد قضاء بعض الوقت في التدريب والتعرف على اللاعبين، شعرت أن وضع الفريق يتيح اعتماد أمر من هذا القبيل. لذلك، يمكن القول إن لدي بالفعل فكرة واضحة عن [منتخب البرازيل]. ولكن، بمجرد أن أجتمع مع جميع اللاعبين وأضع أفكاري على أرض الواقع، قد أغير بعض الأشياء على الجانب التكتيكي أيضاً. "فيفا": في الأشهر الأخيرة دار هناك الكثير من الحديث حول ما إذا كان من الضروري المزج بعض المخضرمين أصحاب خبرة واللاعبين الشباب في منتخب البرازيل. هل لديك أية أفكار واضحة في هذا الصدد؟ سكولاري: نعم، أعتقد أن هناك لاعبين جيدين آخرين يمكن إشراكهم، شريطة أن يظهروا أنهم قادرون على تلبية النداء. أقصد هنا أولئك اللاعبين المتمرسين الذين لديهم مستوى خبرة أعلى قليلاً من اللاعبين الذين لدينا حاليا في السيليساو. ليس هناك عدد مثالي من [اللاعبين ذوي الخبرة] للحصول على المزيج الصحيح - يمكن أن يكون واحداً أو اثنين أو خمسة أو عشرة. لذلك، إذا كان هناك لاعب أعتقد أنه يمكن استخدام بعض من خبرته لمساعدة المنتخب البرازيلي فإنني ربما لن أتردد في استدعائه. بهذه الطريقة سوف يكون لدينا خليط أكثر قليلاً في المنتخب الوطني، بدلاً من الإعتماد على الشباب فقط. "فيفا": هل لنجاحك الماضي وحقيقة أنك فائز بكأس العالم أن يُحدث فرقاً عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع اللاعبين؟ هل يساعدك ذلك على إيصال أفكارك؟ سكولاري: لا أعرف ما إذا كان يحدث فرقاً، هل ذلك يجعل اللاعبين أكثر استعداداً للإستماع وفهم الأفكار. لا أعرف ما إذا كان يمكن لذلك أن يُحدث فرقاً ولكن، بطبيعة الحال، كل واحد منا يحاول أن يساهم بقدر من التجارب التي مررنا بها في حياتنا. لذلك، فمن الواضح أنه بالنظر لكل ما عشته من تجارب - و[كارلوس ألبرتو] باريرا أيضاً، بعد المشاركة في كأس العالم أكثر من مرة – فإن اللاعبين سوف يستمعون لنا وسوف يفكرون ملياً في ما نطرح عليهم من أفكار. وهنا تظهر أهمية شخصية المرء. "فيفا": هل هناك من لاعب خلق لك بعض المتاعب عند مواجهة النوادي التي دربتها في السنوات الأخيرة، وبالتالي فإنك الآن سعيد باستدعائه للمنتخب؟ سكولاري: حسنا، إذا كان لا بد لي من إعطائك اسم، فسأقول: نيمار. انتهى الأمر! (يضحك) بطبيعة الحال، كم كان سيسرني أن أدربه في بالميراس عندما كنت هناك! إنه لشيء رائع أن يكون معنا الآن، وليس في صفوف فريق ينافسنا. لكنه مجرد واحد من اللاعبين الذين يمكن أن أسميهم. "فيفا": يبلغ عمر نجم نجوم المنتخب البرازيلي الحالي 20 سنة فقط. هل أنت قلق حيال ذلك؟ سكولاري: لا، لأن رونالدو كان من الوجوه الرائدة في السيليساو، حيث تألق في صفوف منتخب البرازيل عندما كان لا يتجاوز 19 أو 20 سنة. بيليه كان أيضا لا يتجاوز 17 عاماً، على الرغم من أنه لم يكن إسماً كبيراً خلال نهائيات كأس العالم [في عام 1958]. في نهاية المطاف، لا مشكلة لدي على الإطلاق. بالطبع يحتاج اللاعب إلى التحلي بشخصية قوية وأن يكون في مستوى التطلعات. ومهما يكن، فإن النجم الشاب قد يكون ممتازاً من الناحية التقنية، ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن يكون قائداً داخل الفريق أيضاً. حيث أن من المهم أن يكون هناك مستوى جيداً من التفاهم بين الجهاز الفني واللاعبين حتى يعلم كل واحد ما له وما عليه. لكنني لا أرى أي شيء خاطئ في كون نجمنا الأكبر لا يتجاوز من العمر 20 عاماً. "فيفا": دعنا نتحدث الآن عن الجوائز الفردية في حفل الكرة الذهبية لفيفا لعام 2012. من بين زملائك المدربين، فيسينتي دل بوسكي وجوزيه جوارديولا وجوزيه مورينيو، من في نظرك الأحق باختياره مدرب السنة؟ سكولاري: جوزيه مورينيو. لأنني أعتقد أنه واحد من عظماء المدربين في العالم. أعتقد أنه يقوم بعمل ممتاز منذ أن بدأ في بورتو، ثم في تشيلسي وإنتر ميلان وريال مدريد الآن. بالنظر إلى الكيفية التي أنجز من خلالها كل عمله هذا، فإن اختياري يذهب لمورينيو. "فيفا": في فريق بأسماء لامعة كثيرة، مثل ريال مدريد أو منتخب البرازيل، هل يكون دور المدرب مؤثراً بشكل كبير إلى درجة من شأنها أن تجعل النجوم يشعرون بالسعادة؟ سكولاري: نعم. إنها واحدة من أكبر المهارات: أن تجمع بين عدد كبير من اللاعبين والنجوم وأن تجعلهم يفكرون جميعاً في العمل من أجل هدف مشترك. كما عليك أن تجعلهم يقبلون ببعض الحالات التي غالباً ما تكون غير مناسبة لهم كأفراد. هذا مؤشر على المدرب الكبير، ومورينيو لديه هذه القدرة. أرى ذلك في الفرق التي يدربها كما أرى ذلك في مدى التزام اللاعبين وتلاحمهم مع مدربهم. ومع ذلك، من الطبيعي أن تكون هناك بعض حالات التشنج والتوتر. "فيفا": هل يمكن أن تؤدي تلك الحالات أحياناً إلى كسب احترام الفريق؟ سكولاري: بطبيعة الحال، إنها جزء من هذه العملية. وإلى جانب ذلك، تأتي مهارة المدرب وقدرته الإدارية. فالشخص الذي تقول له"لا" بشكل علني، يجب أن يفهم لماذا قلت له "لا"، وأن هذا النفي ليس دائماً، وإنما ينطبق على حالة معينة. "فيفا": وماذا عن الكرة الذهبية، من تختار من بين أندريس إنييستا وليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو؟ سكولاري: رأيتهم جميعاً يلعبون، بالطبع، ولكني عملت مع كريستيانو فقط. أعتقد أنه يستحق الإعتراف، بسبب ما حققه مع مانشستر يونايتد والبرتغال وريال مدريد. اختياري يذهب له. لقد كان مذهلاً على مدى أربع أو خمس سنوات على التوالي ولكنه فاز مرة واحدة فقط، لذلك أختاره. اختياري هذا نابع أيضاً من كوني عملت معه في السابق، وأنا أعرف كم هو عازم وطموح. وأنا أعلم مدى الجدية التي يعمل بها للحفاظ على لياقته البدنية وتطوير مهارته الفنية من أجل مواصلة التحسن والوصول إلى هدفه، ألا وهو أن يكون الأفضل في العالم. "فيفا": في هذه اللحظة، هل ترى أن نيمار وصل إلى مستويات مماثلة لهؤلاء اللاعبين؟ سكولاري: أعتقد أنه ابتداءاً من العام المقبل، نيمار لن يكون ضمن العشرة الأوائل، بل سوف يكون ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل. نيمار لا يحتاج للذهاب إلى أوروبا ليتم اختياره أفضل لاعب في العالم، لأن مدربه الآن في سانتوس يعمل معه منذ أكثر من عام. وخلال تلك الفترة، رأينا كيف تغير نيمار من حيث سلوكه ومن حيث مركزه في الملعب. موريسي [راماليو] ساعد وما زال يساعد نيمار في النمو على المستوى التكتيكي. لا أعتقد أنه في حاجة للذهاب إلى أوروبا لكي يتطور كلاعب. كل من يعرف نيمار يدرك أنه حقق تطوراً كبيراً في السنتين أو الثلاث سنوات الماضية، بل ومن المحتمل أن يواصل خطه التصاعدي هذا في القادم من السنوات.