سيواجه المدير الفني لنادي تشيلسي الإنجليزي أنطونيو كونتي أزمة كبيرة حين يتولي تدريب الفريق اللندني مطلع الموسم القادم. فسيكون على المدير الفني الإيطالي المخضرم الصعود بالفريق الأزرق من الصفر، حيث فقد الفريق أهم ميزاته ألا وهي "الهوية". فبالعودة لتاريخ تشيلسي الحديث سنجد أن أسود لندن أصبحوا ضمن كبار إنجلترا مع شراء الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش للنادي في مايو 2003. إذ عمل إبراموفيتش على إنشاء مشروع يجعل تشيلسي من كبار أوروبا وليس انجلترا فقط، وكان له ما أراد حينما تحلى بالجرئه لتعيين مدرب بورتو المغمور أن ذاك جوزيه مورينهو في مايو 2014، لأنه لم يريد مدير فني مخضرم بل راهن على المدير الفني الحالم في ذلك الوقت. ومع قدوم جوزيه مورينهو ل"ستامفورد بريدج" عمل على خلق هوية جديدة للفريق، فالقي نظرة عن كثب على العوامل المحيطة به بداية من إستاد صغير وطبيعة لعب تعتمد على اللياقة البدنية في المقام الأول والقوة الجسمانية في دوري يحظي كل فريق فيه ب"حصن" وليس بملعب أمام أنصاره. فعمل مورينهو على أن يصنع هوية جديدة يستفيد فيها من عامل الملعب حيث أصبح يعتمد سياسة ضغط خطوط الفريق داخل الملعب مع الاعتماد على أصحاب اللياقة فى الجيل الذهبي أمثال "جون تيري و فرانك لا مبارد و ديديه دروجبا" وهو ما أطلقت عليه الصحافة فيما بعد "Park The Bus"أو غلق محيط المرمي باللاعبين، وأصبح هذا النظام يشكل عقدة ليس للفرق الإنجليزية فحسب بل لفرق أوروبا عمومًا. وهذا هو المعني الفعلي لكلمة "الهوية"، فكان من السهل على أي مواطن فى الشارع الكروي الإجابة علي سؤال كيف يلعب تشيلسي؟!. بالنظر إلى شكل "البلوز" هذا الموسم مع فقدان مورينهو السيطرة على غرفة خلع الملابس و إقالته و تعين جوس هيدينك مدير فني مؤقت، سنجد أن ليس هناك شكل أو "هوية" يلعب بها الفريق فأصبح يشبه في الملعب عساكر الشطرنج يسعي كل لاعب صنع الفارق بشكل فردي أو من خلال زميل قد يرتبط معه فكريًا في جملة تكتيكية من الممكن أن تشكل خطورة على المرمي دون وجود شكل عام للفريق يخدمه كل لاعب في مركزه. فإذا نظرنا بشكل أوسع في انجلترا مثلاً سنجد أن مانشستر سيتي ورغم ما انفق عليه من أموال في السنوات الأخيرة هالا أنه ليس له هوية قوية يخشها فرق دوري الأبطال وهو السر وراء ظهور "سيتيزنس" بهذا الشكل أوروبيا فكل موسم يأتي بلاعبين جدد و مدير فني جديد كل منهم يبحث عن هوية يصنعها أو يكون له دور فيها و فور انتهاء الموسم تغير الإدارة المدير الفني للفريق أو اللاعب الذى جاء يبحث عن دوره في الفريق، كذلك الحال مع ليفربول، ليس له هوية محدده فمنذ نهاية القرن الماضي وهو يبحث عن واحدة. ولنا فى برشلونة الإسباني أكبر مثال عن كلمة "هوية" ، فمع قدوم بيب جوارديولا للفريق أعتمد أسلوب الهجوم الضاغط مع الاستحواذ العالى على الكرة عن طريق تمريرات كثيرة أرضية، وأصبحت هذه هي الهوية الرسمية للفريق إلى يومنا هذا حتي مع تغير بعض عناصر الفريق والمدير الفني نفسه إلا أن المدير الفني الجديد و اللاعبين الجدد يعرفون دورهم في خدمة وتطوير الهوية نفسها. حال كونتي في تشيلسي لن يختلف عن حال مورينهو فى مانشستر يونايتد (فى حال قبوله تدريب الفريق) فكلاهما سيعمل على إيجاد هوية جديدة للفريق، وهذا يدفعني لتذكر تصريح بول سكولز أسطورة مانشستر يونايتد المعتزل حينما قال " فان جال- المدير الفني الحالي لمانشستر يونايتد- دمر مشروع للفريق كان عمره 27 سنة" هنا لم يقصد سكولز اللاعبين بل يقصد هوية الشياطين. نجح كونتي من قبل في صناعة أصعب هوية لفريق في السنوات العشرة الأخيرة في أوروبا حينما صنع هوية يوفنتوس الإيطالي، فبعد أن كان نادي هزيل يبحث عن أمجاده الضائعة وجد كونتي هوية من عدم لل"بيانكونيري" و الأهم أنه وجد من يخدم هذه الهوية من أسماء لم تكن صاحبت الصيت والتى أصبحت اليوم نجوم فوق العادة يتهافت عليهم كبار القارة العجوز. كونتي خيار أكثر من ممتاز لإدارة تشيلسي لكن يجب على جمهور البلوز أن يعطي لل"سينيور" الإيطالي الوقت الكافى لاكتشاف دوري فريد من نوعه لا يعلم خباياه سوي من لعب فيه، وسيكون فيما بعد فريقًا يهبب أوروبا كلها بتمويل لا محدود من الدب الروسي.