منذ تأسيسها في عام1928 علي يد حسن البنا, وجماعة الإخوان المسلمين تثير بتاريخها الموغل في الغموض والسرية, الكثير من العواصف في سماء المشهد السياسي المصري والعربي في آن, فالإخوان التي تأسست في باديء الأمر كجماعة دعوية تستهدف العمل بصحيح الإسلام, وإحياء الاجتهاد الديني بالعودة إلي القرآن والسنة, سرعان ما تحولت في غضون سنوات قليلة إلي استخدام الدين في تحقيق مغانم سياسية, لم تمنعها طموحاتها من تحقيقها, والقفز علي السلطة في أكثر من قطر عربي, من مد جسور تعاون وثيق, تكشف عنه العديد من الوثائق والشهادات الحية, للعديد من قادتها المنشقين عنها, والمراقبين الغربيين علي حد سواء مع الغرب المحتل, حتي لو كان الثمن هو الدم الحرام الذي لا يزال يتدفق حتي اليوم في مصر وسوريا وتونس أو الأرض العربية برمتها, علي مدار عقود, عن إجهاض كل حركات المقاومة والاستقلال الوطني, ففتحت منذ بواكير تأسيسها العديد من قنوات الاتصال مع السفارتين البريطانية والأمريكية في مصر, وشكلت العديد من فرق الموت لتنفيذ عشرات من عمليات الاغتيال السياسي, التي استهدفت حركات المقاومة الوطنية بزعم مكافحة الشيوعية تارة, والتمهيد لقيام دولة الخلافة تارة أخري, وهو ما يتجلي في العديد من عمليات الاغتيال السياسي, التي شهدتها مصر مؤخرا وطوال فترتي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي, والتي تم معظمها بمباركة القصر الموالي للاحتلال, ولقواته التي رابطت علي أرض مصر لسنوات طوال, تعاملت مع الجماعة خلالها باعتبارها ظهيرا سياسيا معتبرا. علي مدار عقود من الزمان تسببت أفكار الإخوان في إيجاد ظاهرة العنف الأصولي, والقتل باسم الإسلام, تلك الظاهرة التي عانت العديد من البلدان العربية منها ولا تزال, إذ ظلت تلك الأدبيات التي تجسدت في ما كتبه سيد قطب وغيره من مفكري الجماعة, هي المرجعية الحاكمة للعديد من جماعات العنف التي ظهرت علي سطح المشهد السياسي, خلال العقود الثلاثة الماضية, وفي مقدمتها جماعات ما يسمي بالجهاد الإسلامي والتكفير والهجرة, والسلفية الجهادية بل إن كثيرا من أدبيات تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن في نهاية الثمانينيات, تستقي أفكارها مباشرة مما خطه مفكرو الجماعة في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. بدءا من اغتيال أحمد باشا ماهر في فبراير من العام1945 وليس انتهاء بمحاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومذبحة الحرس الجمهور وما تلاها وونجاحهم من بعده في اغتيال الرئيس السادات, واصل النظام الخاص للجماعة لعبة الدم, من دون وازع من دين أو ضمير, وتحديدا منذ أطلق لمؤسس الأول للجماعة صيحته الشهيرة في مارس من العام1948 مشيرا إلي المستشار أحمد الخازندار, بعد إعلان سقوطه في الانتخابات البرلمانية التي أجريت حينذاك, مخاطبا مريديه وعشيرته في تحريض لا يقبل شك: لوحد يخلصنا منه, وهي الإشارة التي التقطها أحد أفراد التنظيم الخاص, لينفذ جريمة القتل بدم بارد بعدها بأيام, وقد كانت تلك الحادثة التي جرت, هي نقطة البدء لسلسلة من الاغتيالات السياسية, دفع حسن البنا بنفسه ثمنها من دمه, بعد أن فتح بوابات الجحيم بيديه, عندما سدد له أحد ضباط القلم السياسي رصاصة قاتلة, انتقاما لمقتل رئيس الوزراء وزير الداخلية آنذاك محمود فهمي النقراشي. علي مدار عقود من الزمان لعبت جماعة الإخوان من خلف ستار, من أجل تنفيذ مخططها في التمكين, قبل أن تنجح أخيرا في القفز علي انتفاضات الجوع والحرية, التي ضربت العديد من بلدان العالم العربي, وأطاحت بأنظمتها الفاسدة, لتقدم نفسها للراعي الأمريكي باعتبارها التنظيم الأكثر قدرة علي إدارة شئون المنطقة, وتنفيذ الأجندة الغربية التي تستهدف صياغة سايكس بيكو جديدة, تقسم من خلالها المنطقة العربية, استنادا علي مصادر الثروة بها, وتفتح الباب واسعا أمام تمكين إقامة الدولة العبرية الخالصة. لكن جاءت ثورة30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسي لتربك حسابات الجماعة وتضعها في مواجهة مع الشعب المصري المحب للسلام.