يعد كتاب السنن الصغري المعروف بسنن النسائي أحد كتب الحديث النبوي الستة وله مكانة عظيمة بينها لقوة سنده ودقة اختياراته وقد قام بجمعه الإمام أحمد بن شعيب النسائي ويعتبره بعض علماء السنة ثالث الكتب الستة من حيث القوة. وقد اعتمد منهج الإمام النسائي في سننه علي انتقاء رجاله وأن يكونوا من الثقات العدول, واقتصر في سننه علي أحاديث الأحكام, مثل سلفه أبي داود كما كرر الأحاديث بأسانيد مختلفة, وجمع في كتابه بين فوائد الإسناد, ودقائق الفقه وحرص علي أن يتكلم علي الأحاديث وتعليلها, وبيان ما فيها من زيادات واختلاف, كما أنه ربما وجد في الباب حديثا صحيحا, فيخرجه ويخرج معه أحاديث ضعيفة, تحوي زيادات لم يشتمل عليها هذا الحديث الصحيح, ومن أبرز الأمثلة علي ذلك: حديث سعيد بن سلمة عن عمرو بن أبي عمرو مولي المطلب عن أنس رضي الله عنه:( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن), حيث علق النسائي رحمه الله بقوله: سعيد شيخ ضعيف, وإنما أخرجناه للزيادة في الحديث, وكان للنسائي اهتمام بالجوانب الفقهية, وإن كان الترمذي رحمه الله يفوقه في هذه الجوانب, وهو يشابه البخاري في تكراره للحديث في المواضع التي يصلح فيها الاستدلال به, حتي قيل بأن كتابه هو أكثر الكتب تكرارا للحديث, ومن أبرز الأمثلة علي ذلك, حديث: إنما الأعمال بالنيات..., حيث كرره16 مرة, ويختصر الحديث أحيانا, ويقتصر علي موضع الشاهد منه, وهو بصنيعه هذا, يشابه البخاري وأبا داود وابن خزيمة, ويميل النسائي أحيانا للتعليق علي الحديث, كما يظهر من صنيعه في كتاب المزارعة, وقد يطول تعليقه حتي يصل إلي الصفحتين, كما أنه يورد الأحاديث المتعارضة في الباب الواحد, وهذا يعني أنه يري العمل بكلا الرأيين, ومن أبرز الأمثلة علي ذلك, تخريجه لأحاديث الجهر وعدم الجهر بالبسملة كما أنه يحكم أحيانا علي أحاديثه, فيقول مثلا: حديث منكر, ثابت, ليس بمحفوظ, صحيح. كما أطلق علماء علي سنن النسائي اسم الصحيح, ومنهم أبو علي النيسابوري, وابن عدي, والدارقطني, وابن منده, والخطيب البغدادي, وذلك لقوة شرط الإمام النسائي وتحريه للأحاديث, ولكن لا يسلم هذا القول لقائله, فقد بلغت الأحاديث الضعيفة في سننه رحمه الله حوالي500 حديث تقريبا بحسب حكم الشيخ الألباني رحمه الله, وتختلف النتيجة بحسب حكم الإمام الناقد, وقد رأينا الإمام ابن كثير رحمه الله ينتقد من يزعم صحة أحاديث سنن النسائي, وينتقد من يزعم أن شرط النسائي أشد من شرط الإمام مسلم رحمه الله, حيث يقول: وقول الحافظ أبي علي بن السكن وكذا الخطيب البغدادي في كتاب السنن للنسائي: إنه صحيح: فيه نظر, وأن شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم: غير مسلم, فإن فيه رجالا مجهولين: إما عينا أو حالا, وفيهم المجروح, وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة, كما نبهنا عليه في الأحكام الكبير, والسنن الصغري هو أقل الكتب الستة بعد الصحيحين في الأحاديث الضعيفة, وليس فيه حديث موضوع واحد فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : وفي الجملة: فكتاب النسائي أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا, ورجلا مجروحا وتوجد شروح كثيرة للسنن الصغري للنسائي من أشهرها: شرح السيوطي المسمي زهر الربي علي المجتبي, كما أن عليه حاشية عليه للإمام محمد بن عبد الهادي السندي, كما شرح السنن صوتيا الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله, ومن أجمع وأوعب الشروح ذخيرة العقبي في شرح المجتبي للشيخ محمد بن علي بن آدم بن موسي الأثيوبي.