الفكر يتكون من كلمات وروابط تربطها ببعضها لتكون جملا.. تلك الجمل هي مادة التفكير.. وأما الروابط فهي الحروف مثل في وعلي وتحت وفوق.. إلخ فإذا كانت تلك الكلمات هابطة أو سوقية أو خارجة تأثر بها الفكر لا محاولة.. وبالمحاولة والتكرار يصبح فكرا هابطا متدنيا أو علي الأقل مسطحا.. فإذا أضفنا إلي ذلك تلك الأغاني الشعبية وكلمة شعبية ليست كلمة دالة دلالة صحيحة علي المسمي إذ هي في الحقيقة أغان سوقية هابطة إذا أضفنا تلك الأغاني السوقية البذيئة التي تملأ الشوارع ومركبات التاكسي والميكروباصات والتوك توك الحقير أصبحت لغتنا في الشارع, وبالتالي في المدارس والبيوت لغة هابطة.. وقد أتيح لي مع تكرار ركوب التاكسيات سماع أنواع من تلك الأشرطة بأصوات مطربين مجهولين ودهشت.. لا من كلمات الأغاني ولا من أصوات المغنين ولكن من جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية.. تلك التي سمحت وأعطت إذن المرور لتلك الأغاني بالعبور إلي الشارع.. لاقد كنا نندهش فيما قبل من كلمات مثل طنش وطحن وما شابه تلك التي حلت محل كلمات أخري مهذبة أو شبه مهذبة فما بالنا الآن وقد قاربت لغتنا الجميلة أن تتلاشي تحت ركام تلك الكلمات البذيئة الجديدة التي تأخذ طريقها إلي أسماعنا لتحل بالتكرار محل لغتنا السابقة التي عشنا بها سمعا وقولا وسلوكا أجيالا بعد أجيال. ** * الحربة!.. ربما قيل في الرد علي هذا الاعتراض أن الدولة تترك الحرية للجديد لكي يحل محل القديم أو المتداول.. وأن هذا هو قانون الحياة.. وأن اللغة كبقية الكائنات كائن حي يتطور وعلينا أن نعطيه الفرصة لهذا التطور!( كما أعطينا نفس الفرصة للرشوة حتي استشرت وأصبحت قانونا لتسيير الأمور), ولكن لا أعتقد أن هذا رد مقبول.. فإذا كانت الرقابة علي المصنفات الفنية تبدي آراءها في الأفلام الخارجة ولو قليلا عن الذوق العام فالأحري أن تفعل نفس الشيء مع تلك الأغاني البذيئة والهابطة والتي تصل أحيانا إلي التحريض علي الخيانة والثأر والانتقام, وكما هو معروف أن الذوق العام للشعوب يتأثر أولا وقبل كل شيء بالأغاني التي يرددها الشعب.. بل إن هذه الأغاني تعد مقياسا يقيسون به ذوق الشعوب.. والمصيبة أن هناك منتجين جددا لا يشترون إلا تلك المسلسلات وهي لاتزال ورقا مكتوبا المليئة بتلك الألفاظ الهابطة تحت بند أن هذه لغة الشباب الجديدة أو أنها لغة شبابية. ** * أنا لا أطلب الحجر علي اللغة.. ولكن ما يحدث في الشارع المصري من معارك تصل إلي سفك الدماء غالبا ما تبدأ بمشاحنات تستخدم فيها تلك اللغة السلبية المحرضة في غياب التسامح والذوق. [email protected]