عالم ألعاب الفيديو عالم رحب وشاسع يحوي بداخله استثمارات سنوية تتخطي30 مليار دولار.. وقد كانت السينما معينا لا ينضب تنهل منه ألعاب الفيديو بلا حدود, فشاهدنا العديد من أفلام السينما تتحول إلي لعبة من ألعاب الفيديو, منها علي سبيل المثال لا الحصر الرجل الوطواط والرجل العنكبوت وسوبرمان وإنديانا جونز وهاري بوتر وغيرها. فألعاب الفيديو تستغل الجماهيرية التي يحققها فيلم من الأفلام في دور العرض لتقدم لعبة الفيلم ليلعبها محبوه علي الحاسب أو علي أجهزة الألعاب المختلفة في المنزل( أجهزة نينتيندو بلاي ستيشن أكس بوكس). من بعد أن أصبحت ألعاب الفيديو ذات شهرة وصيت في العالم أجمع وأصبح لها محبوها ومريدوها, وبالذات من بعد أن أزالت التكنولوجيا الحواجز بين البلدان والقوميات والطبقات( تستطيع ممارسة اللعبة عبر شبكة الإنترنت مع لاعبين من بلدان أخري, ودون أن تحتاج لشراء أجهزة الألعاب), أصبحت ألعاب الفيديو مصدر جذب للسينما نفسها. جاء هذا التحول أيضا مصاحبا للتطور في التصميم الجرافيكي والتنفيذي للحركة في عالم ألعاب الفيديو, بحيث إن شخصيات الألعاب لم تعد هي تلك الشخصيات الكارتونية التي كنا نشاهدها في النسخ الأولي من ألعاب الفيديو, بل أصبحت ثلاثية الأبعاد مماثلة للشخصيات الحقيقية للممثلين ويكتب لها سيناريو مماثل لسيناريوهات الأفلام السينمائية. صحيح أن هناك العديد من التجارب لتحويل ألعاب الفيديو إلي أفلام سينمائية كانت تجسيدا حيا للفشل الذريع, حيث لم تحقق نجاحا يذكر في دور العرض السينمائي, لكن تلك الأفلام( من نوعيةSuperMarioBros أوStreetFighter) قدمت لعشاق ألعاب الفيديو أبطالا بلا طعم ودون أي إحساس أو حيوية, بل مجرد دمي تتلاعب بهم السينما من أجل الحصول علي النقود التي ستأتي من وراء شهرتهم, والأكثر ضراوة أن تلك الأفلام التي اقتبست من ألعاب الفيديو كان يقوم بإخراجها مخرجون من الصف الثاني. لكن هناك عاملا آخر أكثر حيوية في تعليل فشل الأفلام الأولي المأخوذة عن ألعاب الفيديو.. سبب نفسي فلسفي؟ فمن المعروف أن أحد القوة الضاربة لفن السينما, والدراما بشكل عام وأن كانت السينما أكبر مجسد له, هو خاصية التماثل أو التقمص. فالمتفرج من قديم الأزل يعيش في رداء البطل يقلد شكله الخارجي تسريحة شعره طريقة كلامه سواء كان جيمس دين أو دوجلاس فريبانكس أو مارلين مونرو, فلقد كان مشاهدو أفلام الكاراتيه في السبعينيات يخرجون من دار العرض في بعض البلدان يقلدون حركات بروس لي البطل الأسطورة في ذلك الوقت, أما في حالة بطل ألعاب الفيديو فإن شحنة التقمص يتم تفريغها في الحال عبر التفاعل المتبادل مع اللعبة.. بمعني أنك عندما تكون الرجل الوطواط أو سوبرمان في لعبة من ألعاب الفيديو فإنك تطير وتضرب الخارجين علي القانون وتخترق الجدران أثناء اللعب وبالتالي فإنك تفرغ شحنة' التقمص' تلك داخل جاهز الكومبيوتر الشخصي أو جهاز الألعاب الذي أمامك, وبالتالي فإن هذا العالم التخيلي يلعب دور مفرغ الشحنة النفسية داخلك عبر التفاعل, ولهذا السبب أجمع الكثير من علماء النفس علي أن ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة من قبل المساجين الخطرين يؤدي إلي هدوئهم النسبي داخل جدران السجن. عندما نذهب للسينما ونشاهد نفس البطل يقوم بأعمال تفوق الخيال علي شاشة السينما فإنه من الصعب وصوله لحالة التقمص الشهيرة بعالم السينما وقد اعتدنا علي تفريغ شحنة التقمص تلك في العالم التخيلي لألعاب الفيديو وننساه بمجرد انتهاء اللعبة. النجاحات المحدودة لأفلام السينما المأخوذة عن ألعاب الفيديو تتمثل في الألعاب الحديثة التي تحتوي علي مشاهد سرد سينمائي قبل بداية اللعبة وبالتالي فإن جو السينما يتسرب لممارس اللعبة قبل بداية اللعب فيتم التقارب بين العالمين, وهذا ما حدث مع ألعاب مثلStreetFighter أوHitman أوResidentEvil أوMaxPayne وأن كان النجاح يظل محدودا. بغض النظر علي تحويل ألعاب الفيديو إلي أفلام سينمائية فإن السينما قد تأثرت تأثرا كبيرا بروح ألعاب الفيديو سواء من ناحية التصوير أو تجسيد شخصية البطل فنحن مع أفلام مثلFastandFurious سنجد شخصية البطل سائق السيارة الذي لا يقهر ولا يصاب بمكروه بالرغم من الحوادث الجسام التي تقع له وهي أبعاد بطل ألعاب الفيديو الذي لا يقهر وبعيدة كل البعد عن شخصيات أفلام الحركة الشهيرة في الثمانينات والتسعينيات مع بطل مثل بروس ويلز وسلسة أفلامDieHard الشهيرة مثلا. جاء فيلم جيمس كاميرون أفتار في النهاية ليزيح حاجزا كبيرا بين ألعاب الفيديو وعالم السينما سواء بتكنولوجيا الأبعاد الثلاثية أو عبر شخصياته التي تبدو وكأنها خرجت للتو واللحظة من شاشة الكومبيوتر, ومازال الوقت يقرب بين العالمين فقد نجد المتفرجين في دور العرض السينمائي مستقبلا يحملون في أيديهم جهاز التحكم عن بعد ليتدخلوا في مسار الفيلم المعروض علي الشاشة.. هل يعد ذلك الرأي نوعا من المبالغة؟ لا أحد يعرف. [email protected]