لا تزال نقوش وتصاوير المعابد والمقابر الفرعونية تكشف لنا صفحات جديدة فريدة مبهرة تدعونا إلي الفخر والاعتزاز بحضارتنا نحن المصريون الذين لا نعرف عنها إلا قشورا. علي الرغم من أن غيرنا من الغرب سبقنا في دراسة وتحليل كل ما أكتشف من آثار من باطن التربة التي ما زالت تحوي حتي الآن الكثير من الأسرار التي لم يرفع عنها الستار بعد. لقد كانت مصر رائدة الطب وإليها يرجع الفضل في تطوير طرق التشخيص للأمراض المختلفة ووصف أساليب العلاج, وهذا لم تبلغه بلد أخري في العالم القديم وتدلنا بردية (إدوين سميث) علي أن الطبيب المصري زاول عملية التشريح للجسم البشري, واكتسبت مدارس الطب الفرعونية شهرة واسعة وكان الأطباء المصريون يستدعون لعلاج الملوك والأغنياء في العالم كله, كما أن تلقي أي طبيب تعليمه في مصر يعتبر بمثابة جواز للنجاح في مهنته وهذا ما أقره (هوميروس) عندما قال في الأوديسة " في مصر الرجال ماهرون في الطب أكثر من أي جنس بشري آخر " ومما أثار إعجابي وابهرني كتاب عن المعبود (إيمحتب) أقدم طبيب ومهندس مصري في العالم بعنوان "إيمحتب إله الطب والهندسة" للمؤلف الطبيب الانجليزي (جاميسون هاري) الذي أبهره الطبيب المصري "إيمحتب" فدرس وتعلم العلوم الأثرية والكتابة الهيروغليفية وتفرغ عدة سنوات لوضع هذا المؤلف الذي ترجم الي اللغة العربية علي يد (محمد العزب موسي). وقد طالب هذا الطبيب (جاميسون هاري) كل الجمعيات الطبية والأطباء في العالم أجمع بالاعتراف (بإيمحتب) عميدا للطب في العالم حيث انه يستحق أسمي إجلالنا, ويجب أن ينظر إليه في كل أنحاء العالم باعتباره المنشئ العبقري لفن الطب, وأنه المعبود الرمزي لعلم الشفاء ويجب أن ينقش اسمه علي رأس قائمة قديسينا, ويجب أن تكون صورته شارة لمهنة الطب, فمن الأفضل أن يكون علي رأس مهنتنا رجل من لحم ودم شخصية متعددة الجوانب, بدلا من شخصية غامضة المنشأ تنتسب إلي عالم الأساطير (اسكليبوس) معبود الطب عند الإغريق في حين انه يتبقي من (إيمحتب) تحفته المعمارية الجبارة المعروفة بالهرم المدرج بسقارة, كما يبقي شاهدا عليه كثير من التماثيل والتصاوير الجدارية والتي تؤكد أنه قضي حياة حافلة في خدمة المجتمع يعالج المرضي ويخفف آلامهم. إن مهنة الطب إذا وضعت (إيمحتب) علي رأسها فسوف تجد فيه من يمثلها خير تمثيل وبذلك ترد الفضل المسلوب إلي هذا الطبيب المصري العظيم الذي ظل لآلاف السنين قبل الميلاد معبودا للطب في كل أنحاء العالم, انه (يمحتب ) الذي يجب أن يتربع علي عرش الطب أكثر من منافسه ( أسكليبوس) الخرافي إنه الأجدر بلقب عميد الطب العالمي. إن اسمه يستحق أن يظل خالدا في ذاكرة البشرية كواحد من كبار عباقرة الإنسانية, إنه يتلألأ كأحد النجوم الثوابت في سماء مصر الصافية فقد ظل نفوذ (إيمحتب) مهيمنا لمدة طويلة بعد أن اجتازت الحضارة المصرية نقطة ذروتها وبدأت منحني أفولها حتي أصبحت مصر بمعابدها وأهراماتها تابعة للإمبراطورية اليونانية ثم الرومانية وقد ظلوا يزورون معابد مصر طلبا للشفاء ويتبركون بما عليها من نقوش تصور هذا الطبيب الطيب. هذا ما قاله طبيب انجليزي عن طبيب مصري عظيم خلدت ذكراه أعماله الإنسانية التي ستبقي تلهمنا بالفخر والاعتزاز. رابط دائم :